المصادقة على 216 نصا قانونيا خلال سنة 2024    الغموض يحوم حول مصير اشتراكات وتعويضات 3 ملايين منخرط سيتم ترحيلهم عنوة لنظام AMO الحكومة صادقت على نسخة معدلة تضحي بمنخرطي كنوبس مقابل إنقاذ التعاضديات من الانقراض    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    مواطنون يشتكون من "نقطة سوداء" أمام كلية العلوم بطنجة دون استجابة من السلطات    افتتاح الدورة 25 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    لقاء يجمع وهبي بجمعية هيئات المحامين    هولندا.. إيقاف 62 شخصا للاشتباه في ارتباطهم بشغب أحداث أمستردام    نهاية أزمة طلبة الطب والصيدلة: اتفاق شامل يلبي مطالب الطلبة ويعيدهم إلى الدراسة    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    امستردام .. مواجهات عنيفة بين إسرائيليين ومؤيدين لفلسطين (فيديو)    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر        نقطة واحدة تشعل الصراع بين اتحاد يعقوب المنصور وشباب بن جرير    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي مستقبل لليسار
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 01 - 02 - 2012

نشرت مجلة «زمان» في عددها الأخير (العدد 15) حوارا سجاليا, استضافت لتأطيره وجهين بارزين من مناضلي اليسار المغربي, ويتعلق الأمر بالعربي عجول, عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي وفؤاد عبد المومني, المناضل اليساري ومؤسس «التحالف من أجل الملكية البرلمانية الآن».
السؤال المحوري الذي أطر هذا النقاش هو مستقبل اليسار المغربي في ظل نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة, التي أفرزت قيادة حزب العدالة والتنمية للحكومة. وخروج الاتحاد هل يدشن لعهد جديد ويساهم في توضيح أكبر للحقل السياسي المغربي في ظل الدستور الجديد الذي يتيح امكانيات أكبر لمأسسة العلاقة بين مختلف الفاعلين في الحقل السياسي المغربي, ولاسيما امكانيات إعادة بناء اليسار المغربي ورسم استراتيجيته المستقبلية وفق برمجة دقيقة وبرنامج واضحين.
ونظرا لأهمية النقاش ارتأينا في جريدة «الاتحاد الاشتراكي» ترجمة الحوار تعميما للفائدة.
منذ الاستقلال يشهد المغرب صراعاً سياسيا بين أنصار الملكية والديمقراطيين اليساريين. ألا يدشن فوز حزب العدالة والتنمية لعهد سياسي جديد يرتكز على المعركة الإيديولوجية؟
العربي عجول: بالفعل، هذا سؤال مهم. ومع ما يمكن أن نسميه التناوب الجديد، يمكن أن نأمل وقوع توضيح للحقل السياسي. ولكن هذا الوضوح لا يستند فقط على انتماءات إيديولوجية. اليوم المرجعية الدينية غير ملائمة، وتبدو لي متخلفة بالمقارنة مع النقاش الملموس للقرن 21. وحقيقة الأربعين سنة الماضية تتميز بغياب حقيقي للعمل المؤسساتي الذي يحظى بالمصداقية، وهذا الوضع أيضاً هو الذي يسمح حالياً بهذا التوضيح للحقل السياسي، مع ضرورة التزام الحذر لكون الدستور الجديد والانتخابات التشريعية الأخيرة مازالت لم تخضع لتحليل سياسي دقيق. من جهة أخرى، ما تسمونه معطى جديداً ليس كذلك في الحقيقة، وأذكركم بأن الأغلبية السابقة ظلت كما هي تقريبا داخل الحكومة الجديدة، وباستثناء القيم المحافظة التي يدافع عنه حزب العدالة والتنمية، والتي سنواصل محاربتها داخل المعارضة، فإن النظرة الاقتصادية تبقى هي النظرة الليبرالية، وحجم دور الدولة في مجال التربية مثلا لم يتجدد.
فؤاد عبد المومني: الأشهر القادمة ستكشف لنا إن كنا سنتحول إلى مواجهة بين الإيديولوجيات. فإما أننا سنكون قد أنجزنا الشروط الكبرى لسير طبيعي وديمقراطي للنظام السياسي، وفي هذه الحالة، سنشهد بروز أقطاب مختلفة: اليساريون، الليبراليون، المحافظون... إلخ. وإما تدخل قوي للملك، وهذا ما تؤكده المؤشرات الأولى، تدخل لا يسمح للفاعلين السياسيين بأن يكونوا مستقلين داخل الرقعة السياسية، وبالتالي سنتجه نحو شخصيات سياسية دائماً تابعة للقصر، ستواصل في طريق تفكك وعدم مصداقية التيارات، وهو ما أسميه ما قبل التاريخ السياسي، أي بشروط التبلور والمواجهة بدل التعامل ووفق قواعد مضبوطة, حيث تتنافس التيارات بشكل مشروع على أصوات الناخبين، وبالتالي على تسيير البلاد.
ومع ذلك، يترجم فوز حزب العدالة والتنمية رغبة المغاربة في بروز مشروع مجتمعي جديد...
فؤاد عبد المومني: من الواضح أن المغاربة عبروا بطريقة مختلفة عن رغبة في التغيير. والمستقبل سيكشف لنا إن كنا سنحصل أخيراً على فاعلين سياسيين مسؤولين عن أفعالهم، أم أنهم سيبقون دمى، فعندما نسمع عبد الإله بنكيران يعتذر عن استعماله صيغة »حكم« ثم يسترجع ويستعمل صيغة »التواجد في الحكومة«، لأن الملك هو الذي يحكم في الواقع، فإنني متشائم، وإذا لم تقطع حكومة بنكيران فوراً مع الحكم المطلق المتخلف المطبق حالياً، فإنه لن يتمكن من القيام بذلك خلال ثلاثة أشهر.
أليس من مصلحة اليسار المتشبع بالقيم الديمقراطية، أن يلتقط هذه الفرصة النادرة في التاريخ، فرصة توزيع أفضل للسلط التي يوفرها الدستور الجديد؟
العربي عجول: لابد من استحضار تاريخنا القريب من أجل فهم هذه الوضعية، خلال العشر سنوات الماضية، لاحظنا بعض المكاسب لاسيما في مجال حرية التعبير، ولكننا نفتقر لتسيير مؤسساتي له مصداقية، إضافة إلى أن الحقل السياسي المغربي في مجمله يتميز بثغرات في مجال القيم والمشاريع السياسية، هناك سيادة كلية للغموض. وكمثال عندما لا نعرف هوية الشخص الذي يتحدث في قبة البرلمان، يستحيل معرفة إلى أي حزب ينتمي، فكيف تريد أن يفهم الشعب والقوى الحية في البلاد ما يجري؟
اليوم، من جانب المرجعية الدستورية، أصبح هامش تحرك الحكومة مهماً. ولذلك نحن بحاجة في إطار الديمقراطية الى سلطة، ولكن نحن بحاجة كذلك لسلطة مضادة قوية.
هل يمكن القول، في الحالة المغربية، أن السلطة تنبثق من القصر والسلطة المضادة من الحكومة؟
العربي عجول: أنا لا أعرف عن مفهوم القصر سوى ما هو منصوص عليه في الدستور. والتعريف المؤسساتي واضح. هل مازالت له سلطات كثيرة؟ أقر بذلك، فنحن لسنا في إطار ملكية دستورية بمعنى الكلمة، ولكن على الأقل هذه السلطات محددة بالدستور. واليوم لم يعد مقنعاً التنديد بحكومة موازية، سيكون ذلك هروباً من المسؤولية. وأعتقد أن موقف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يساهم في إحياء النقاش السياسي والمساهمة في تنشيط وتفعيل الدستور الجديد.
هل اليسار يوجد في مكانه في المعارضة؟
فؤاد عبد المومني: أعتقد أن السؤال الحقيقي هو معرف ما يمكن أن ننتظر من حكومة بنكيران في مرحلة ارساء الديمقراطية على مستوى المؤسسات وإحياء التنافس بين الفاعلين السياسيين. في تقديري، مازال ممكنا التفاوض مع حزب العدالة والتنمية، ليس من أجل دخول الحكومة، بل أساسا في أفق بناء الديمقراطية. و أعتقد أن المشاركة في الحكومة يجب أن تندرج في سياق إمكانية إعطائها آليات الإستقلالية تجاه القصر. وأولى هذه الآليات قد يكون شرط التحالف. وإذا كانت القوى داخل البرلمان كافية، فإنها قد تمنح حزب العدالة والتنمية تصويتا بالثقة ومنعها عقدا للحكم لفترة سنتين أو ثلاث سنوات على أساس التزامات دقيقة و خاصة إلتزام حكومة تحكم وتحترم الحريات الفردية. آنذاك يمكن أن ننظر في إمكانية منح الحكومة سلما اجتماعيا واستقرارا برلمانيا، دون أن تكون مضطرة لعقد تحالفات مع الحركة الشعبية مثلا. كان بإمكاننا أن نحصل على ضمانات دون تذويب الاختلافات في المشروع.
العربي عجول: يتعلق الأمر بالنسبة لليسار بضرورة تقديم مشروع بديل حقيقي. بالنسبة لي ليس هناك ما يمكن التفاوض حوله بين اليسار وحزب العدالة والتنمية. فهذا الحزب ليس جديدا وله تاريخ مع القيم التي هي قيمه الخاصة به. فهو موجود في البرلمان منذ 12 سنة. ونحن نتلاءم مع حزب يبحث عن ضمانات في أوساط البورجوازية وأوساط رجال الأعمال. وحزب العدالة والتنمية ليس بحاجة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من أجل الانخراط في ضمانة المكتسبات، وتاريخ حزب العدالة والتنمية مصنوع مع الحركة الشعبية (عبد الكريم الخطيب أسس الحركة الشعبي سنة 1995، وحزب العدالة والتنمية سنة 1998)، وليس مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والسؤال الذي يهمني هو معرفة كيف تفكر مختلف تيارات اليسار في تغيير المعادلة السياسية في البلاد.
هل سيكون بمقدور اليسار مساندة حكومة العدالة والتنمية في مواجهة مع القصر؟
العربي عجول: بطبيعة الحال، فنحن لسنا في معارضة ممنهجة، سنسانده إذا ما اقترح حلولا تسير في الاتجاه الذي نراه مفيدا للبلاد. ولكن لا يمكننا أن نعوض أناسا هم اليوم في المسؤولية. كانت لنا مسؤوليات في الماضي، ولكن الشروط لم تكن هي نفس شروط اليوم. ميزان القوة تغير.
*في أية حالة يمكن "للأحزاب الديمقراطية" أن تقدم المساعدة لحزب "العدالة والتنمية"؟
فؤاد عبد المومني: مثلا في النضال ضد أحد الحواجز التي يفرضها القصر، أي هذه الفسيفساء من الأحزاب السياسية داخل البرلمان والتي تجعل من الصعب أن يحصل أي تيار ايديولوجي أو سياسي منسجم على الأغلبية. وإذا أراد القصر غدا تلغيم الحكومة, يكفيه أن يأمر وزراء التقدم والاشتراكية أو الاستقلال أو الحركة الشعبية بالاستقالة وخلق أزمة. وهذا أمر سهل.
العربي عجول: اليوم، الأهم بالنسبة لي هو أن يعيد الاتحاد الاشتراكي بناء ذاته، لأنه إرث لجميع المغاربة, علينا أن نفكر في مشروع مجتمعي جديد يستجيب للظروف الراهنة المحيطة،. الاتحاد الاشتراكي أدى الثمن غاليا بمشاركته في الحكومة، ورغم بعض المكاسب فإن الخسائر تبقى كبيرة. علينا أن نعترف بأخطائنا المتقاسمة مع قوى صاعدة أخرى في المجتمع المغربي.
هل كانت الكتلة خطأ؟ الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي عبد الواحد الراضي، أكد مؤخرا أن الكتلة »هي توافق كان مفيدا للمغرب وللديمقراطية«, وأنه ليس مستبعدا اللجوء إليها مجددا، أين تكمن الحقيقة في نظركم؟
العربي عجول: حتى وإن كان الأمر يتعلق بتصريحات للكاتب الأول لحزبي، فإنها تبقى مجرد كلام في الهواء. منذ عشرين سنة، لم يكن للكتلة وجود حقيقي سياسيا. لا يمكن أن يكون هناك عنوان فارغ من أي محتوى. خلال ثلاثين سنة من الانتخابات، لم تفرض الكتلة الأغلبية في أية بلدة. هل بإمكاننا موضوعيا أن نوهم الناس بوجود تحالف؟ هناك نقاش داخل الاتحاد الاشتراكي يتقدم, خلال المؤتمر الأخير للحزب لم يطرح النقاش حول الكتلة، كان التركيز أكثر على أولوية تجميع اليسار والتحالفات الحكومية. وليس سرا القول بأن هناك خلافات كبيرة داخل الاتحاد الاشتراكي.
أحدهذه الخلافات تتعلق بالمشاركة في الحكومة .الذين يريدونها يفعلون ذلك بانتهازية, أم أنها استراتيجية سياسية حقيقية؟
العربي عجول: إنه زواج الإثنين في مثل هذا النوع من الأوضاع.
فؤاد عبد المومني: لا أعتقد أن الكتلة علامة يمكن أن نبني عليها بشكل جدي بخصوص ديناميكية إقامة الديمقراطية، للأسف، أطراف الكتلة، وأعني حزب التقدم والاشتراكية والاستقلال، هي تجمع للأعيان لا يمكن الرهان عليهم. حتى برلمانيو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هم في الغالب بارونات متواجدون بانتهازية أكثر منها عن قناعة ايديولوجية أو سياسية. عندما يدعو السيد عجول الى ضرورة إعادة البناء، أعتقد أنه لبلوغ ذلك لابد من وجود الإطار المؤسساتي المناسب، والمشروع المتين وأيضا النساء والرجال القادرين على حمله واقناع الناخبين به. هذه المرحلة من الإعداد على المنافسة الديمقراطية تهم بشكل أوسع جميع القوى التقدمية.
بعض عناصر اليسار المسمى راديكاليا (النهج الديمقراطي، الحزب الاشتراكي الموحد...) يبدو أنها تبتعد عن الطريق التي اختارها الاتحاد الاشتراكي. هل هذا الانقسام يضر بمجموع اليسار؟
فؤاد عبد المومني: اليوم اليسار المنقسم لا يعني شيئا مهما, ببساطة لأنه لا وجود ليسار ممأسس. بعض العناصر ومنها ما أشرتم إليها تمثل حساسيات مختلفة, ولكن ليس لدينا عرض سياسي واضح ومهيكل يسمى اليسار.. والخلاف يكمن مرة أخرى في امكانية المشاركة في الحكومة أو على العكس العمل على تقوية المكاسب الديمقراطية. هذا الخلاف هو مشروع لاسيما وأنه لا توجد رهانات، ولو أن القصر هندس بشكل مقصود كل التنازلات التي قدمها، وكذا تضييق الأجندة الدستورية والانتخابية لمنع قوى الاحتجاج من التعبئة بشكل فعال.
العربي عجول: مفهوم اليسار بالنسبة لي هو كل في اختلافه, توجد فيه أقطاب مهمة تجذب بشكل أكثر أو أقل في الوضع الحالي لليسار، المقسم والمنهك, لا يمكن أن نؤثر في القرارات. هناك اختلاف أكثر بين ثقل اليسار وثقل المثقفين أو ثقل نادي للتفكير, وعندما نتواجد في رقعة سياسية، يتعين إيجاد الوسيلة للتأثير, مقنعين بتصور, بسياسة في الوقت الراهن، اليسار المغربي لا يتوفر على مشروع، عليه أولا إعادة بناء نفسه، صحيح أنه مع أصدقائنا في الحزب الاشتراكي الموحد لدينا خلافات في المقاربة وليس في العمق، وبالتالي يتعين تحديد عرض سياسي لمجموع الفاعلين في اليسار وعلى الاتحاد الاشتراكي أن ينكب على ذلك، هذا العرض سيتمثل في بناء حزب قوي حقيقي في اليسار.
س* خلافاتكم الاستراتيجية كانت بارزة بخصوص التعامل مع الدستور الجديد.
العربي عجول: إذا تحدثم عن الجدول الزمني للاستفتاء, ناقشنا ذلك داخل المكتب السياسي للاتحاد, بالنسبة للبعض الدستور ليس مثاليا، ولكنه على كل حال يمثل تقدما لا يمكن انكاره, ولكن من غير المستساغ أن يتفاوض من هم مسؤولون عن الوضعية قبل الدستور, شروط تطبيقه في الواقع .هذه الجدولة الزمنية الضيقة انقذت جميع الأحزاب وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي من إعادة الشرعية، مثل هذا الشرع هو من صنع الخوف الذي أثارته حركة 20 فبراير واحتجاجات الشارع.
اليسار المغربي وخاصة الاتحاد الاشتراكي وجد نفسه في المعارضة لأول مرة في عهد محمد السادس، ماهي تداعيات هذا المعطى الجديد؟
فؤاد عبد المومني: في اليوم الذي ستكون لنا معارضة برلمانية لحكومة تحكم فعلا, سنكون قادرين على إعادة هيكلة الحقل السياسي, ولكنني لا أرى بوادر هذه الوضعية على المدى القصير، من جهة, القصر يعطي الاشارات عن رغبة في تأكيد تواجده من خلال تدبير الفاعلين السياسيين، ومن جهة أخرى غياب مشروع يشل اليسار.
وبرنامج حزب العدالة والتنمية لا يحمل نوعيا أي جديد, واعتقد أن المغرب سيشهد أزمة جادة نسبيا, ونمو البلد خلال العشر سنوات الأخيرة مرضي نسبيا بفضل عوامل خارجية أي الاستثمارات الخارجية، والنمو العالمي الذي يمتص ثلث إلى ثلثي الوافدين الجدد على سوق الشغل وبالأخص تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج التي تمثل أهم صمام أمان ضد الفقر. ولكن هذا لم يعد كافيا لأننا نفقد التنافسية وتراجع الاقتصاد العالمي يجعل أن أهم محاور استقرارنا مهددة خلال الأشهر والسنوات القادمة, وإذا لم يتغير شيء، فإن الوضعية ستصبح صعبة.
ماهي الحلول؟
فؤاد عبد المومني: لا يمكن أن نتحرك إلا إذا خلقنا شروطا تنافسية أفضل للاقتصاد المغربي، لابد من إعادة المغاربة إلى الاشتغال والعمل حتى نخرج من منطق الفساد ومنطق الريع السائد في الجسم الإداري والسياسي. العديد من العناصر قابلة للإصلاح مثل تناسل المؤسسات أو ديانة الجهوية، لكن مع ذلك توجد مبادرة سياسية مهمة جدا تجهلها تماما نخبنا، عندما تنكب على الكلفة المدنية للصحراء وعن كلفتها العسكرية، وعن كلفة غياب المغرب العربي وعن كلفة صعوبة الاندماج في الاقتصاد العالمي بسبب غياب المغرب العربي، نفهم أن كل شيء مترابط, نحن بحاجة لكيان اقتصادي اقليمي ومن أجل ذلك على نخبنا أن تتخلى عن الايديولوجية القومية الضيقة ومهما كانت طبيعة القادة عليهم أن يغيروا جذريا تصرفاتهم السياسية, وإلا فإننا نسير رأسا إلى الحائط.
العربي عجول: في سياق ضرورة إعدة البناء, علينا أن نفضل برمجة دقيقة وألا نقتصر فقط على الخطاب. في هذا المشروع البعد المغاربي يجب أن يكون حاضرا كل الباحثين يجمعون على كلفة غياب المغرب العربي ويقدرونه بحوالي 2% من الناتج الداخلي الخام لكل طرف، المغرب العربي يجب أن يكون فاعلا أساسيا بالنسبة للدول الصاعدة وبعيدا عن الأزمة التي أشرتهم إليها، يوجد واقع في المغرب هو واقع اقتصاد الريع الذي يريد الجميع القضاء عليه, ولكن لابد أولا من تحديد هذا الريع الناجم عن المضاربة العقارية. مفروض علينا أن نتجاوز النوايا الحسنة التي ترددها الخطابات العامة والأخلاقية وهيئات التنظيم والمراقبة, يجب أن ننخرط في الواقع حتى يتمكن البرلمان من أن يصلح لشيء معين، وبالرجوع إلى سؤالكم حول المعارضة في ظل العهد الحالي، نحن نوجد في واقع آخر مختلف عن واقع الحسن الثاني، والدستور الجديد يجب أن يمكن المعارضة من استعمال مسؤولياتها الجديدة.
فؤاد عبد المومني: مثلا، إذا كان لنا غدا مشروع جديد للقطار فائق السرعة الذي خرج من قبعة القصر، فهل سيكون البرلمان مجمعا مرة أخرى على التصفيق والسكوت, أم أنه سيفرض نقاشا وطنيا ومصادقة في البرلمان مثل أي مشروع آخر؟
العربي عجول: طبيعيا، هذا يجب أن يكون دور المعارضة, نحن ننوي الاستعمال الكلي للمقتضيات الدستورية.
فؤاد عبد المومني: كم من الاهانات تجرعها قادتنا الذين يجدون أنفسهم مرعوبين بمجرد ما يصدر مشروع ما عن القصر.
العربي عجول: أنا اتفق معك, أعرف عما اتحدث, لكوني أنا أيضا مارست مسؤوليات حكومية في ظل الدستور القديم وفي إطار الحكم السابق.
عن مجلة زمان
عدد 18


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.