فقدت الساحة الفنية أول أمس الاثنين الفنان الكبير محمد السوسدي، إحدى الركائز الفنية الأساسية في المجموعة الغنائية لمشاهب على إثر طارئ صحي مباغث لم يمهله طويلا، خصوصا وأنه كان على أهبة تنظيم جولة فنية للمجموعة بالجهة الشرقية للمملكة، حيث كان ساعة قبل الرحيل الأبدي يهاتف الرئيس الإداري للمشاهب «كسرى» لوضع اللمسات الأخيرة على هذه الجولة .. لكن الأقدار أبت إلا أن يكون الرحيل إلى وجهة أخرى .. وفي اتصال برفيقيه بالمجموعة الشاذلي وحمادي، لأخذ شهادتهما حول الفقيد ومسيرته الفنية و الانسانية التي كانت تجمعه بهما، لم تتمكن «الاتحاد الاشتراكي» من ذلك نتيجة الحالة النفسية السيئة التي كانا يوجدان عليها بسبب الرحيل المفاجيء لحبيب وصديق وأخ مثالي في الانسانية والفن كما عبرا بصعوبة عن ذلك . هذا ، وقد خلف هذا الرحيل المفاجئ صدمة قوية في الوسط الفني وفي أوساط المحبين للمجموعة، بالحي المحمدي خصوصا و بالدار البيضاء عموما.. يعد السوسدي من الأصوات، التي ستظل راسخة في الذاكرة الفنية - الموسيقية المغربية، فإلى جانب الشريف لمراني ومحمد باطما، سعيدة حمادي والشادلي، أعضاء المجموعة، أتحف الجمهور المغربي بعشرات الأغاني الجيدة منها«الجافي»، «صبر أيوب»، «أجي نسولك»، «لغريب»، «عارف»، «اوكح يا الواد»،«لميمة»، «غا هنيونا»... والتي تطرقت، جميعها لمواضيع اجتماعية ووطنية وعربية نذكر منها، أغنية فلسطين، الغادي بعيد، بعدما كنت، بغيت بلادي، التي أحبها المرحوم الحسن الثاني كثيرا وعزفها على البيانو. قبل أن يلتحق محمد السوسدي بمجموعة لمشاهب - كما جاء في كتاب « سيرة المشاهب» نشرت تفاصيله، قبلا، جريدة «الاتحاد الاشتراكي» - ويؤسس مع أفرادها لنهج جديد في عالم الأغنية المجموعاتية، مارس سوسدي التمثيل مع مسرح الخلود بالحي المحمدي، ثم انضم إلى مجموعة حسن السوداني، حيث كان يؤدي مقاطع من الموسيقى الهندية بين المشاهد المسرحية، في سنة 1969 . ومن خلال مسابقة أقامها البرنامج التلفزي «الوقت الثالث»، سيحصل سوسدي على أحسن صوت بعدما أدى أغنية «ضوستي» الهندية. في سنة 1971، كانت مجموعة ناس الغيوان قد عرفت طريقها الى الجمهور، وأصبح الجمهور يتغنى بأعمالها الفنية، في هذا الإطار سيتصل به صديقه الفنان امبارك الشاذلي وسيقترح عليه تأسيس فرقة موسيقية على غرار ناس الغيوان، وبالفعل ستتأسس إذاك فرقة «الجودة»، التي خلدت أسطوانتين غنائيتين لتنقطع أعمالها، ليلتحق بعد ذلك بمسرح الطيب الصديقي، وسيشارك معه في بعض الأعمال، قبل أن يغادر أرض الوطن رفقة مجموعة «الجودة»، بعد العودة من الخارج، سيقرر هو والشاذلي مغادرة في فرقة الجودة والبحث عن مجموعة جديدة أكثر احترافية، لينضما الى فرقة «الدقة» ،وخلال جولة فنية مع هذه الفرقة بالديار الهولندية، سيلتقي مع مجموعة لمشاهب التي كانت تضم آنذاك، كلا من أحمد الباهري ومحمد الباهري والشريف وسعيدة بالإضافة الى المرحوم محمد باطما، وهناك تم الاتفاق مع لمشاهب على أن ينضم هو وزميله الشاذلي إلى هذه الفرقة، وهنا ستجدد الفرقة أعمالها وسيكون هو من ضمن عناصرها الأساسية. محمد السوسدي ظل صوته وسط مجموعة لمشاهب متميزا، وقد استطاع من خلال مشاركة فردية بموسكو الفوز بجائزة أحسن صوت في إحدى المسابقات الفنية خلال مهرجان الشباب العالمي، حيث سافر إلى هناك رفقة الشبيبة الاتحادية سنة 1985 حين كان كاتبها العام عبد الهادي خيرات، الذي صاحب معه إلى جانب السوسدي العديد من المثقفين و الكتاب و الفنانين من بينهم بزيز، محمد باطماو الحاج يونس، .. وشارك في هذا المهرجان فنانون وشعراء عالميون ضمنهم الشيخ إمام ومحمود درويش..، وقد أدى الفنان الراحل أغنية «حمودة» لوحده ،وكان يعزف فقط على البندير. تاريخ هذا الفنان الملتزم الذي كان يومن بقولة جاءت في ديوان طاغور «حظ بني آدم كزهرة لويتس، طورايفر، وطورا يقر»، وكان يتصبب عرقا وهو يغني مع مجموعة لمشاهب، حافل بالذكريات والإنجازات الفنية والإنسانية رفقة مجموعته والمجموعات المغربية التي كانت تصاحب لمشاهب داخل أرض الوطن وخارجه.. رحم الله الفنان الكبير ذو الصوت الشجي والمميز، محمد السوسدي، الذي ستظل كلماته، وإلى الأبد، يتردد صداها ونحن نتذكر ما قاله رفقة المشاهب عن الراحل الكبير مؤسس الأغنية الغيوانية بوجميع : هاد شي مكتوب والأجل وفاة ملك الله عظيم بالواجب يحكم رفيك الشبان مات على طفحات خلانا ومشى بالقلب يخمم مادوز صغرو ولا طيب الحياة كان يتمنى وقتو يتسكم ويم كتاب الله وآمر بالممات الحكم توصل والحال مظلم