شهدت سنة 2011، مآسي وأحزان وسط الساحة الفنية المغربية، حيث رحل إلى دار البقاء مجموعة من الفنانين، انتزعتهم الموت، نجوم في الفن، و الموسيقى و المسرح و السينما، أثروا الفن المغربي بأعمالهم المتميزة، نترحم على أرواحهم جميعا. الفنان صالح الشرقي (1923 - 2011) الذي دخل في غيبوبة، بعد أن تعرض إلى حادثة سير، فأصيب بكسر، في الورك قبل أن ينقل إلى المستشفى، و بعد معاناة مع المرض. توفي بسلا يوم 21 نونبر 2011، عن سن تناهز88 سنة. الشرقي ينتمي إلى جيل الموسيقيين الأولين، من رواد الأغنية المغربية، فهو أحد أمهر العازفين على آلة القانون في المغرب، وأحد الملحنين الكبار. وأحد واضعي اللبنات الأولى للحركة الفنية الغنائية بالمغرب. جمع بين العزف واللحن والتأليف. يعتبر عراب آلة القانون في المغرب. من مواليد سنة 1923 بسلا، بدأ حياته هاويا ثم تلميذا عند أحمد زنيبر، الذي لقنه أصول وقواعد الفن وكذلك العزف على الآلات الوترية وغيرها. في سنة 1945 بدأت تظهر لديه ميولات فنية، و تبلورت معرفته الفنية بعد دراسته العزف. التحق الشرقي بالجوق العصري الأول بإذاعة «راديو ماروك» سنة 1951، في سنة 1957 سيتوجه إلى العاصمة الفرنسية لدراسة «الصولفيج»، تحت إشراف وتوجيه الأستاذ «مارتينوت»، في سنة 1963 اختير عضوا في الأوركسترا السمفونية بالمعهد الموسيقي بالرباط، أسس ناديا فنيا ثقافيا بمدينة سلا، اسمه «المستظرف» سنة 1964. التقى بالموسيقار محمد عبد الوهاب سنة 1967 في القصر الملكي، استطاع أن يجمع بين التلحين والتأليف والتوثيق، أغنى الريبرتوار الغنائي المغربي بالعديد من الأغاني والمقطوعات خاصة الأغاني الدينية، التي توجت بتلحينه أغنية «يارسول الله خذ بيدي» وهي من كلمات مولاي عبد القادر الجيلالي، والتي غنتها أم كلثوم خلال زيارتها للمغرب سنة 1968، ولم يسبق لها أن غنت لملحن من خارج مصر باستثناء الشرقي، لديه مؤلفات موسيقية، من بينها: «القانون في الموسيقى المغربية» سنة 1965، و «المستظرف في قواعد الفن الموسيقي» سنة 1972، و»أضواء على الموسيقى المغربية» سنة 1975، إلى جانب «الإيقاع والمقامات» سنة 1984، كما أنشأ سنة 1984 «الثلاثي الموصلي» للموسيقى. ألف ما يسمى «ثلاثي , رباعي , خماسي الوتري» على النمط المغربي سنة 1996، و «جل تر المعاني» سنة 1997، وهو سيرة ذاتية له. استطاع أن يجمع أكثر من 120 عملا غنائيا. ظل رغم إحالته على المعاش من الإذاعة أواخر الثمانينات، يعمل على نشر الموسيقى المغربية والتعريف بها خلال جولاته عبر الأقطار العالمية. كان يتوفر في منزله على آلات موسيقية تعود إلى أكثر من 120 سنة، ومجموعة من المخطوطات والكتب الموسيقية التي يعود بعضها إلى بداية القرن 19. كانت له مكتبة موسيقية متميزة تحتوي على العديد من المؤلفات المختلفة في المجال الموسقى، بالإضافة إلى آلات. * الفنان عبد النبي الجيراري (1924 - 2011) يمثل مدرسة في حد ذاتها، فهو الأب الروحي للعديد من النجوم في المغرب، تخرج على يده موسيقيون وملحنون وكتاب كلمات وفنانون و مطربون، كانوا يلقبوه بأستاذ الأجيال.. ساهم بشكل مباشر في ظهور وتألق العديد من النجوم في المغرب في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وأصبحوا نجوما في سماء الأغنية المغربية والعربية، وذلك عبر برامج مواهب الذي كانت بدايته سنة 1967. من مواليد سنة 1924 بسلا، تلقى المبادئ الأولى في الموسيقى على يد الشيخ البارودي ومرسي بركات وغيرهم، تشبع بحب الموسيقى وإدراكه لأسرارها بالمعهد الوطني للطرب الأندلسي، كما تعلم العزف على البيانو على يد فرنسي اسمه «دادي» الذي لقنه كذلك مبادئ «الصولفيج»، تعلم جل الآلات الموسيقية مثل القانون والأكورديون والكمان والبيانو، ويعتبر أول من أدخل هذه الآلات في الموسيقى المغربية من خلال رائعته «اذكري». قام بتأسيس أول جوق للموسيقى العصرية سنة 1947، الذي سمي ب «جوق الاتحاد الفني الرباطي»، وكان بمثابة نواة للأجواق العصرية التي ستأتي في ما بعد، وقد سجل العديد من الأعمال الغنائية والموسيقية، بعض منها بصوته، مثل أغنية «حبيتو». كما يعد من بين الذين ساهموا في النهوض بالحركة الفنية المغربية، من خلال وضع بعض قواعدها لتأسيس الأجواق الموسيقية. بعد تكوين الجوق العصري التابع للإذاعة، كان ضمن أعضائه عازفا على آلة الكمان. وبعد تأسيس الجوق الوطني انضم إليه كأول عازف على آلة البيانو. بدأ التلحين ل»راديوماروك»، و لحن العديد من القطع لأبرز الفنانين، كما برع في العزف على عدة آلات ك «العود» و»البيانو». وساهم في بروز وشهرة العديد من المطربين والمطربات في «مواهب». كان يسعى إلى تعبيد الطريق لنجوم الأغنية الصاعدة، وساعدهم ليتألقوا في سماء الفن. كان في السنوات الأخيرة يحرص على ملاقاة الفنانين وإبداء رأيه لهم في أعمالهم، إلى أن أصيب بأزمة صحية ألزمته الفراش لعدة شهور، وخضوعه لعلاج طويل ومكلف، ولزم منزله وأصبح يعيش وضعية صحية حرجة، بعد أن تدهورت حالته بشكل خطير، إلى أن وافته المنية يوم 29 شتنبر 2011. *الفنان ادريس التادلي ( 1941 - 2011 ) الفنان المسرحي والمنشط الإذاعي والتلفزي، أحد الوجوه البارزة في التنشيط التلفزي، ومن رواد الحركة المسرحية بالمغرب، اشتغل مع النواة الأولى لفرقة المعمورة، شارك في عدة مسرحيات مثل «الناعورة» و»مثري النيل» و»بنات الوطن» و»القنطرة». كان له الفضل في اكتشاف المواهب الشابة عبر برنامج «أضواء المدينة» الذي انطلق سنة 1979 مع المنتج حميد العلوي. وزاول عمله كإداري بمسرح محمد الخامس بالرباط قبل أن يقعده المرض،و يتوفى يوم 16 يناير 2011، بعد معاناة طويلة مع المرض بمدينة سلا عن سن 70 سنة. الفنان امبارك أولعربي (1982 - 2011) الشاب الملقب ب «نبا»، رئيس المجموعة الموسيقية الأمازيغية «صاغروباندا»، إحدى فرق نجوم الأغنية الأمازيغية الملتزمة العصرية بالمغرب، التي أسسها سنة 2006. والتي تغني بالأمازيغية والإنجليزية. فهو مغني وملحن وعازف على القيثارة والناي والسكسوفون، وشاعر باللغة الأمازيغية. وهو أيضا فنان تشكيلي متخصص في فن رسم الوجوه. آخر مشاركة له كانت سنة 2010 في مهرجان «ثويزا» للثقافة الأمازيغية بطنجة. توفي يوم 19 يناير 2011، بالراشيدية، وعمره 28 سنة. وهو من مواليد دائرة كلميمة، حاصل على إجازتين الأولى في العلوم القانونية بمكناس والثانية في الدراسات الفرنسية بالكلية متعددة الاختصاصات بالراشيدية. غنى عن الحرية والبطالة وهموم الشعب والعدالة وضد التهميش والإقصاء. كما غنى عن الحب. أبرز أغانيه «رسالة إلى أوباما». خلف رصيدا غنائيا مهما، رغم أنه كان في بداية مشواره. حاصل على جائزة أحسن مغني أمازيغي، التي يمنحها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. *المخرج والسناريست والأديب الفنان أحمد البوعناني (1938 - 2011) الذي بصم تاريخ السينما المغربية، سواء على مستوى الإخراج أو كتابة السيناريو أو التوضيب. اشتغل في عدة أفلام قصيرة وطويلة منها: «الذاكرة البنية» و»بين الغياب» و»النسيان» و»الواد» و»باي باي السويرتي» و»عود الريح». أنتج فيلم «السراب» الذي أخرجه سنة 1973، هذا الفيلم يعد إحدى المحطات البارزة في تاريخ السينما المغربية. ازداد البوعناني سنة 1938 بمدينة الدارالبيضاء، وتابع دراسته وتكوينه السينمائي بمعهد ليديك. وتوفي يوم 6 فبراير 2011 ببلدة أومغار عن سن تناهز 73 سنة. *الفنان عائد موهوب (1930 - 2011)، توفي يوم 8 فبراير2011، عن سن تناهز 81 سنة. نشأ بدرب السلطان، من أسرة تنحدر من منطقة دادس، ولد يوم 22 نونبر 1930، عمل في البداية بشركة للنجارة، بدأ مساره الفني سنة 1945 خلال تنظيم حفلات مدرسية. اهتم بفن المسرح والسينما واحتك بأسماء فنية كبيرة أمثال محمد الركاب ومحمد عصفور ومصطفى الخياط وعبد الرزاق البدوي وغيرهم.. التحق بفرقة نجوم الأطلس، التي كان من مؤسسيها بكاريان كارلوطي سنة 1946 وعمره لايتعدى 16 سنة. خاض تجربة الكتابة المسرحية والإخراج بنجاح، واشتهر في أعمال إذاعية وسينمائية عديدة. اشتغل أواخر الخمسينات، في أعمال مسرحية منها عمايل جحا والشطابا، حيث كانت هذه الأعمال تعرض سنة 1951 بدرب السلطان والمسرح البلدي سنة 1957. التحق بالمسرح العمالي. ثم أصبح ممثلا محترفا بفرقة «دار المسرح». في سنة 1991 حصل على جائزة أحسن ممثل بالمهرجان الوطني للفيلم بمكناس. ساهم في إخراج العديد من المسرحيات وكانت أول مساهمة مع مسرحية لعبد الرحيم التونسي بعنوان «زواج عبد الرؤوف». كما ساهم مع فرقة الوفاء المراكشية. شارك في فيلم المطرقة والسندان لحكيم نوري ومسرحية «عباس وبلقاس في لاس فيغاس» وأعمال أخرى.. *الفنان مصطفى سلمات (1944 -2011)، فنان متعدد المواهب، انخرط في المسرح وهو مازال تلميذا في الستينيات، أصبح ممثلا مع فرق هاوية ومحترفة،التحق بفرقة مسرح الطيب الصديقي و فرقة المعمورة ثم مع مسرح اليوم رفقة ثريا جبران في «حكايات بلا حدود» و»بوغابة»... يعد من أبرز الأسماء الفنية في مجال المسرح والسينما والتلفزيون بالمغرب، انطلقت مسيرته الفنية منذ الستينيات. الفنان والممثل سلمات تلقى دروس الفن الدرامي منذ سنة 1962، بالمعهد البلدي للمسرح والموسيقى، وشارك في العديد من الأعمال نذكر منها «الناعورة» و»ثمن الحرية» و»مدينة النحاس» و»سلطان الطالبة» و»محجوبة» و»سيدي عبد الرحمان المجدوب» و»سيدي ياسين في الطريق» التي صورت للتلفزيون سنة 1967، وحولها الفنان الطيب الصديقي إلى فيلم سينمائي من إخراجه سنة 1984 بعنوان «الزفت». شخصية البوهالي أو الهداوي ظلت مرتبطة بأدواره في المسرح والتلفزيون والسينما منذ شخصيته الرائعة لدور البوهالي في مسرحية الصديقي «مدينة النحاس» سنة 1966، ومن المسرحيات التي شارك فيها «سلطان الطلبة» و»عطيل» و»لأكباش» و»مقامات بديع الزمان» و»الهمداني» و»بوكتف» و»موموبوخرصةّ و»حليب الضياف» و»عبد الرحمان المجدوب» و»أبوحيان التوحيدي» و»المقامات» و»رسالة الغفران» و»السحور» و»الحراز». من بين أعماله التلفزيونية «عز الخيل مرابطها» و»حوت البر» و»الدارالكبيرة» و»جنان الكرمة» و»عبد الرحمان المجدوب» وخلخال الباتول و الجوهر الحر وغيرهما... ومن الأفلام «العرض الأخير» و «لحظة حلم» و»نوح» و»شوف تشوف» و»جزيرة يوم ما» و»بركة» و»نهاية اللعبة» و»انتظار» و»طيارة الورق». مارس إلى جانب التشخيص في المسرح والسينما والتلفزيون فنون الغناء والعزف على بعض الآلات الموسيقية وكتابة نصوص زجلية والمساعدة و إخراج بعض المسرحيات ك «لهبال فلكشينة» و»أيام زمان» و»قلوب لحجر» و»ضلعة عوجة» و»البغلة هذا شهرها».. أعماله التلفزيونية انطلقت في الستينيات من القرن الماضي، على شكل مسرحيات، وشارك في دور القاضي في إحدى حلقات برنامج «محاكمات فنية»، وشارك في سلسلة حكاياته الشعبية «زهور وقدور» و «للاغنو». توفي يوم 3 أكتوبر 2011 عن عمر 67 سنة، بعد معاناته مع المرض. *الفنانة حبيبة المذكوري (1927 - 2011) إحدى رائدات المسرح المغربي، وأول امرأة مغربية تطأ رجلها خشبة المسرح، كانت بداية مشوارها الفني مع المسرح، لكنها تميزت في أدوار مختلفة في المسلسلات عبر الإذاعة والتلفزة. اندمجت في الإذاعة سنة 1952، وانطلقت فنيا على يد المخرج والمؤلف عبد الله شقرون، الذي اختارها إلى جانب وجوه نسائية أثثت فرقة الإذاعة، على خشبة المسرح التي امتدت لأكثر من 57 سنة، أبدعت في العديد من الأعمال مسرحية وروائية، وأدت أدوار خالدة على أثير الإذاعة، ثم شاركت إلى جانب فنانين مصريين وأجانب في أعمال عربية ودولية، من الأعمال التي كانت فيها بارزة مسرحيات «خفيفة الشاشية»و «حادة» و «نداء الحرية» و»ميلاد ثورة» و»من ينبوع إلى الرباط»و»سلام الطاحوني» و «السفير» و «المبروك»، وفيلم «دموع الندم».. وسجلت آخر عمل في مسلسل «الشفا» سنة 2010، للعلامة القاضي عياض، للمخرجة هاجر الجندي، شارك فيه نخبة من الممثلين المغاربة والمصريين والسوريين والسعوديين، كانت آخر إطلالة فنية لها قبل أن يبعدها المرض وألزمها الفراش إلى أن توفيت يوم 20 أكتوبر 2011، عن سن 84 سنة، بعد معاناة مع المرض. *نزهة الإدريسي مؤسسة ومديرة مهرجان الفيلم الوثائقي بأكادير، توفيت يوم 4 دجنبر، على إثر حادثة سير وقعت بالدارالبيضاء 2011. *الفنان المغربي الشاب عبد القادر عبيث ، الفائز بجائزة برنامج «كوميديا شو» سنة 2011، توفي بعد تعرضه لحادث سير مروع نقل على إثره إلى قسم العناية المركزية بأحد مستشفيات مدينة مكناس في حالة خطيرة.