أجمع المتتبعون للشأن المحلي البيضاوي، على أن تسيير جماعة الدار البيضاء طيلة سنة 2011، كان كارثياً ومخجلا إلى أبعد حدود. فمنذ الزيادات الصاروخية التي فرضتها شركة ليدك على المواطنين، وأخرجت معظمهم إلى الشارع للاحتجاج، وبعد تداعيات الفيضانات التي شردت المئات من الأسر وأوقفت الحركة في العاصمة الاقتصادية ( نهاية الموسم الماضي )، بدأت تطفو إلى السطح بوادر اعوجاج التسيير الجماعي، إذ عجز مسيرو الدارالبيضاء عن إقناع مدير هذه الشركة الفرنسية إيرمونو، للحضور الى دورة استثنائية لإعطاء توضيحات في هذا الموضوع، خصوصاً وأن الشركة تبتلع الملايير من الدراهم من جيوب المواطنين. ومنذ ذلك الحين، دخل مجلس مدينة الدار البيضاء في نفق جديد عنوانه «الأزمة». محمد ساجد رئيس مجلس المدينة ، سيجد نفسه وحيداً يواجه الجميع، بعد أن تفككت أغلبيته المكونة من العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري والأحرار والحركة الشعبية. فمباشرة بعد الدورة الاستثنائية التي لم تنعقد، والتي كان الجميع ينتظر منها إجابات حول مستقبل البنية التحتية للدار البيضاء، بعد أن ضربتها «قطرات» مطرية وفضحت هشاشتها، ستعرف الدورات الموالية لها معارضة شديدة، لم تسمح بعقد أي واحدة منها بما فيها دورات الميزانية والمصادقة على المشاريع الكبرى للدار البيضاء. حجم المعارضة سيتسع يوماً بعد يوم ليحدث شرخاً في الفرق المؤثثة للمجلس، ويجد ساجد نفسه في الأخير مسانداً بعشرة إلى عشرين عضواً فقط من أصل ما يزيد عن 120 من أعضاء مجلس المدينة، وهو ما تثبته وثائق الحضور للدورات. الشلل الذي أصاب التسيير الجماعي للدار البيضاء أعقبته تدخلات من طرف السلطة، التي عقدت لقاءات مع مختلف الفرقاء المشكلة للمجلس لم تعط أي نتيجة لتتحول السلطة بدورها إلى متفرج، تنتظر الحسم من وزارة الداخلية. هنا ستتعالى أصوات المعارضة التي طالبت بتفعيل المادة 25 القاضية بحل المكتب، وتترك الإشراف إلى السلطة إلى حين تشكيل مكتب جديد، وهو ما لم يتم ليصل التسيير إلى الشلل الكبير، وسيذكيه سحب التفويضات من كل نواب الرئيس في المكتب، لنصبح في الأخير أمام مجلس بدون آليات للاشتغال و «عطالة» للأعضاء، وهو ما يتجلى أكثر في تجميد أشغال اللجن الدائمة التي خرجت منذ هيكلة المجلس مجمدة. شلل الدورات، شلل اللجن الدائمة، سيؤدي إلى شلل على مستوى العطاء، لينتقل إلى المقاطعات الموكلة إليها عملية سياسة القرب، لينعكس هذا كله ، بطبيعة الحال، على مصالح المواطنين. الحصيلة الظاهرة والجلية، أننا أمام مجلس مدينة بدون آليات للاشتغال، وهو ما زاد من عطالة 18 ألف موظف جماعي، وأمام مشاريع كبرى توقفت الأشغال بها، كمشروع المسرح الكبير، الذي لم يصادق على ميزانيته خلال دورة استثنائية دعت إليها السلطة بعد أن اتضح أن ثمة «تلاعبات» في هذه الصفقة، والتي ستجرف معها «ساحة الحمام»، التي تعد من أهم المزارات بالدار البيضاء. أما الملعب الكبير الذي وعد به بلخياط جمهور الدار البيضاء، فقد أضحى «أرنبا» للزيادة في أثمنة العقار، في البداية، أعلن أنه سينجز في منطقة سيدي مومن على أرض وهبها المرحوم الحسن الثاني للدارالبيضاء، وبعد القيام بالدراسات، ارتفعت سومة الأراضي إلى أضعاف مضاعفة، ليتم نقله على الورق، بالقرب من غابة بوسكورة، وبعد أن صعد ثمن الأرض إلى أرقام خيالية بحجة تواجد هذا الملعب الهلامي، ستستفيد شركة الضحى وشركات عقارية أخرى من هذه الأراضي، لبناء ما يسمى بالمدينة الخضراء، وينقل الملعب من جديد إلى حيث لا يعلم أحد. وأصبح الناس لا يصدقون كل ما يعلن عنه، سواء من طرف بلخياط وزير الرياضة أو من طرف مسؤولي مدينة الدار البيضاء. أما مشروع الطرامواي، فقد ظهر الآن بالملموس، أنه لن يكتمل في السنة الجديدة، كما سبق وأعلن عن ذلك، بسبب مشاكل تقنية وأخرى يعلمها القيمون على «إبرام صفقاته». وبخصوص سكان دور الصفيح الذين وعدهم احجيرة ومجلس المدينة ، بحل معضلتهم في نهاية السنة الحالية، فإنهم في كل يوم يدخلون في اعتصامات ووقفات احتجاجية بسبب التماطل أو إخلاف الوعود. إلى ذلك، تعيش الدار البيضاء اليوم، بسبب هذا الشلل، فوضى في حركة السير والجولان وشل الحركة التجارية في مركز المدينة واحتجاجات يومية أمام الولاية من مختلف الشرائح، إذ في كل يوم، تطفو مشكلة مختلفة عن سابقاتها. وخلاصة القول، إننا اليوم أمام عاصمة اقتصادية تسبح تحت الصفر.