هيمن منطق «الإنقاذ» على تدخلات الجمعيات البحرية والمينائية في المغرب في أول مؤتمر صحافي تعقده بعد أن قررت في نونبر 2011 الالتفاف حول تنظيم يوحد مواقفها. فبعد أن سجلوا تراجع رقم معاملات المجهزين المغاربة مقارنة مع نظرائهم الأجانب، أوضحوا أن السبب يتمثل في فتح السوق الوطنية أمام التنافسية الدولية دون اتخاذ أية إجراءات احترازية مما جعل المقاولات الوطنية تدخل غمار معركة شبيهة بمبارزة بين النملة والفيل، وخلصوا إلى أن مختلف التجارب، الدولية منها والوطنية، تؤكد أن تقدم النقل البحري والأنشطة البحرية رهين بتوفر الحكومة على إرادة سياسية حقيقية في حماية القطاع ودعمه. ففضلا عن التجربة المغربية التي تميزت في عهد الراحل الحسن الثاني بإنقاذ الأسطول المغربي عدة مرات، فإن تدخلات ممثلي الجمعيات المغربية ميزوا بين تجربة كل من تونس والجزائر التي تقوم على اعتماد سياسة وطنية تجعل من ازدهار الأنشطة البحرية معبرا لتحقيق التنمية، وبين ما يجري في المغرب منذ تجميع قطاعي النقل والتجهيز في وزارة واحدة حيث كان التجميع على حساب قطاع النقل. وبلغة الأرقام حدد المهنيون رقم معاملات قطاع صناعة النقل البحري بالمغرب في حوالي 27 مليار درهم، منها 70% تنجز بالعملة الصعبة غير أن حصة الشركات الوطنية من هذا المجموع تقل عن 10% في حين أن المردود الضريبي شبه منعدم ما دام أنه يقتصر على الشركات المغربية، بينما الشركات المنافسة مسجلة في ما يعرف بالجنات الضريبية مثل بانما وليبريا. المهنيون لخصوا عوامل تدهور تنافسية الفاعلين المغاربة في: * النظام الضريبي الشامل للضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل، بينما الشركات المنافسة معفاة منها. * تقادم الإطار التشريعي وخضوعه لمدونة التجارة البحرية لسنة 1919 * نهج سياسة تحررية ابتداء من سنة 2007 بدون اعتماد لإجراءات مصاحبة تمكن من تأهيل ومواكبة الفاعلين الوطنيين من أجل تحسين تنافسيتهم. وللخروج من هذه الوضعية الشاذة، جدد المهنيون المطالب التي سبق أن رفعوها للأحزاب قبل انطلاق حملة الانتخابات التشريعية، وحددوا أهمها في التعجيل باعتماد قوانين تنظم المهن واعتماد قانون يؤِسس للعلم الحر، واعتماد برامج للبحث العلمي وإقرار عدالة ضريبية تساعد على خوض غمار التنافسية مع الأجانب وتحسين سياسة التكوين والعمل بالنسبة للبحارة. أما على المدى المتوسط فتضمنت اقتراحاتهم تحديث الترسانة القانونية وتحسين إدارة القطاع من خلال إنشاء مجلس أعلى للسياسة البحرية والمينائية، كما اقترحوا مأسسة الحكامة العمومية للقطاع والتوقيع على عقد برنامج مع المهنيين من أجل تطوير الصناعة البحرية الوطنية. وبالنسبة إليهم، فإن من شأن هذه المقترحات رفع حصة الشركات الوطنية إلى 35% من رقم معاملات القطاع البحري ليصل إلى 12 مليار درهم من أصل 34 مليار درهم المتوقعة سنة 2017 مع التوفر على أسطول تجاريوطني يضم 50 باخرة بحمولة إجمالية تصل إلى 500 ألف طن. كما أن من شأنها أن تساهم في خلق 10000 منصب شغل جديد مباشر وغير مباشر، وأن تستقطب استثمارات بقيمة 18 مليار درهم. لقد خرج القطاع البحري ظاهريا من شباك العنكبوت الذي أحاط به الوزير المنتهية ولايته كريم غلاب، أهم المراكز المتحكمة في الأنشطة البحرية لكن خروجه من الأزمة التي يتخبط فيها يبقى رهينا بمدى قدرة حكومة بنكيران على الاستجابة لمطالب المهنيين، وخاصة منها تلك المرتبطة بوضع حد للتشتت وإدماج كل الأنشطة البحرية في وزارة واحدة.