لم تتوفق الأغلبية الحالية في أن تقدم صورة مريحة على ما يمكن أن تقدم عليه في الولاية الحالية. بل إنها قررت تنزيلا تحكميا للدستور، عندما ألغت في جلسة البرلمان روح الدستور الجديد وقدمت وزيرا ما زال يمارس مهامه ليشغل رئاسة مجلس النواب. فالحادثة التي دافعت عنها الأغلبية، بارتباك كبير وبتدخل من رئيس الحكومة نفسه في سابقة غير مريحة، لا تطمئن بخصوص التنزيل الذي تدفع الأغلبية باتجاهه. ففي أول امتحان، لم تكن الأغلبية مقنعة في تبرير ترشيح وزير يمارس مهامه لرئاسة السلطة التشريعية، حيث أن الأغلبية جمعت، في قالب تحكمي لا دستوري، بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. وبالرغم من وضوح النص، فقد فضلت الأغلبية الحالية أن تعاكس الدستور، وتتقدم، بالسيد كريم غلاب كمرشح أغلبي لشغل المنصب الدستوري، المتمثل في رئاسة مجلس النواب. ويبدو أن الأغلبية فضلت أصواتها، أي أغلبيتها، على أصوات المغاربة الذين صوتوا على الدستور، وفضلت شرعيتها العددية على الشرعية الدستورية والجماهيرية التي حصل عليها الدستور في استفتاء فاتح يوليوز. إنها إشارة غير مطمئنة بتاتا من لدن الأحزاب المكونة لها. فالأصح أن الاغلبية، في أول امتحان عوض الإقرار بالتنافي الموجود في ترشيحها، غلبت «ماء الوجه» على النص الدستوري الواضح وضوح الشمس، والأغلبية الشعبية التي حصل عليها. وقد اتضح أن البناء الدستوري الذي بشرتنا به الأغلبية، سيكون بأحجار ممارسة قديمة تعتبر أن الحق هو العدد، وأن الغالب هو من يملك أكبر عدد من الأصوات في الغرفة الأولى، بل الأكثر من ذلك أن ما أعلنت عنه الأغلبية من تشاركية مع المعارضة سقط في أول اختبار دستوري. كانت الحصافة والحكمة تتطلب أن تنصاع الأغلبية لروح ونص الدستور، وأن تنهزم أمام الحق عوض أن تنتصر بقوة العدد. لقد جاءت الإشارة بقبول استقالة غلاب بعد التصويت عليه، وهو ما يثبت فعلا أن الخلل كان واضحا، وأنه بالفعل هناك خرق لا يمكن القفز عليه. وهي الإشارة التي على الأغلبية أن تفكر فيها مليا، ولا تتنطع بتدخلات لم تقنع أحدا. لم يكن في مستطاع الفريق الاتحادي أن يستمر في جلسة يذبح فيها الدستور، أو أن يلتزم الموقف السلبي ، الذي يعني تزكية خرق دستوري. لقد ناضل الاتحاد وبكل الوسائل من أجل إصلاح دستوري، في الوقت الذي كان البعض يتساءل مستنكرا: ما جدوى الإصلاحات الدستورية؟ ولهذا لا يمكنه أبدا أن يتنكر لمضمون الإصلاح الدستوري ولمقتضيات الدستور المعدل. وكان طبيعيا أن ينتصر الاتحاد لمنطق المؤسسات ومنطق النص وروحه في الدفاع عنه.