كريم غلاب رئيسا لمجلس النواب بأغلبية ساحقة والملك يقبل استقالته من منصبه الحكومي تمكن مرشح الأغلبية، كريم غلاب، من الظفر بمنصب رئيس مجلس النواب في الدور الأول من الانتخابات التي جرت عشية أول أمس الاثنين في أول جلسة يعقدها المجلس. ولم يترك أي حظ لمنافسه مرشح التجمع الوطني للأحرار، محمد عبو. وجاء انتخاب كريم غلاب وسط جدل سياسي وقانوني حاد انتهى بانسحاب نواب الفريق الاشتراكي بالمجلس. وانتخب كريم غلاب، مرشح الأغلبية لمنصب رئيس مجلس النواب، المنافس بينه وبين منافسه منذ الدور الأول وفاز عليه بأغلبية ساحقة. حيث حصل كريم غلاب على 222 صوتا من أصل 320 عدد النواب الحاضرين، في حين لم يحصل عبو إلا على 82 صوتا فقط، فيما بلغ عدد الأصوات الملغاة 16 صوتا. ومباشرة بعد إعلان انتخابه رئيسا للمجلس قدم كريم غلاب، الذي كان يشغل لحظات قبيل انتخابه وزيرا للتجهيز والنقل في الحكومة المنتهية ولايتها، استقالته من المنصب الحكومي، وهي الاستقالة التي قبلها جلالة الملك على الفور. واستهل مجلس النواب الجديد أول جلسة له، والتي يعقدها منذ انتخاب أعضائه في 25 نونبر الماضي برتابة وارتباك، وبدا أن الرئيس المؤقت للمجلس، الذي شغله ميلود الشعبي، أكبر النواب البرلمانيين سنا، طبقا للقانون، لم يتأقلم مع مثل تلك الأجواء، وكان يعيد عبارة «باسم الله نفتتح الجلسة» أكثر من مرة. وبين الفينة والأخرى كان تهتز القاعة ضحكا أثناء تلاوة أسماء أعضاء النواب. حيث تحول بقدرة القارئ النائب والوزير عزيز أخنوش إلى النائبة عزيزة أخنوش. وأثارت قضية التنافي بين المنصب الحكومي والمهمة النيابية جدلا قانونيا وسياسيا خلال جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب، انتهى بانسحاب نواب الفريق الاشتراكي من الجلسة وعدم مشاركتهم في انتخاب رئيس المجلس. بعد الانتهاء من تلاوة أعضاء مجلس النواب، فتح باب الترشيح لرئاسة المجلس، حيث قدم النائب الاستقلالي، نور الدين مضيان ترشيح زميله في الفريق كريم غلاب للمنصب. وانتصب عبد الهادي خيرات في مكانه مطالبا بنقطة نظام، حيث كان أول من اعترض على ترشيح الوزير غلاب، لوجود حالة التنافي طبقا للمادة 14 من القانون التنظيمي لمجلس النواب. وتساءل في البداية عما إذا كان الوزراء المتواجدين بالجلسة يحضرون بصفتهم الحكومية أو بصفتهم النيابية. و ختم تدخله بالإعلان أن وزراء الاتحاد الاشتراكي سيقدمون استقالتهم بعد خمسة أيام لإسقاط حالة التنافي التي يوجدون فيها. وبقدر ما أثار تدخله انتباه الحاضرين، بقدر ما أثارت خلاصة تدخله سخريتهم، بمبرر أنه يحل لزملائه ما يحرم لغيرهم. رئيس الجلسة، الذي كان يعمل بأوامر الأمين العام للمجلس الذي يهمس له بين الفينة والأخرى ما سيقوله، عجز عن تتبع مجريات الجلسة، ولم يجد ما يتدارك به الموقف، أمام سيل التدخلات، إلا التأكيد على تضمين كل الملاحظات في محضر الجلسة. ودام هذا النقاش القانوني والسياسي في الوقت ذاته أكثر من ثلاثة أرباع الساعة، بين طرف يعترض على ترشيح كريم غلاب، لوجود حالة التنافي، ممثلا في فريقي الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة، وبين طرف يعتبر أن ترشيحه قانوني ودستوري، وعلى من يرى غير ذلك اللجوء إلى المحكمة الدستورية، الجهة المخول لها بالبت في هذا الموضوع، يمثل هذا الطرف أساسا نواب حزب الاستقلال والعدالة والتنمية. وتوالت التدخلات بين هذا الطرف وذاك، واضطر كريم غلاب إلى التدخل لتوضيح أن له الحق في الترشح، قانونيا كنائب برلماني، ودستوريا في حالة انتخابه رئيسا للمجلس فإنه سيقدم استقالته من منصبه الوزاري وفق المسطرة القانونية المعتمدة في هذه الحالات. ولم يجد تدخل زميله في الحكومة، إدريس لشكر في الاعتراض على ترشيحه، وما زاد الأمور توضيحا تدخل رئيس الحكومة المعين، الذي تساءل عما إذا كان يحق للنائب البرلماني كريم غلاب الترشح أم لا. آنذاك فقط حسم رئيس الجلسة الأمر، وطلب من كل فريق تقديم ممثل له لمراقبة عملية التصويت، أمام ذلك لم يجد نواب الفريق الاشتراكي بدا من الانسحاب من الجلسة، وظلوا برهة من الوقت يحالون إقناع بعضهم البعض بالانسحاب. بعد التصويت وفرز الأصوات وإعلان النتائج، اعتلى كريم غلاب، الرئيس الجديد مقعده، بعد أن تلقى تهاني رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بنكيران وزملاءه النواب من فرق الأغلبية. وأعلن في أول كلمة له، التزامه بجعل مجلس النواب مرآة للمجتمع تعكس كل هواجسه وانشغالاته من مشاكل وصعاب. مشددا على أن المجلس مطالب أن يكون فضاء لكل الحوارات والنقاشات التي يعيشها المجتمع، ومكانا لحل كل الخلافات بطريقة ديمقراطية. مشيرا إلى التزامه على حماية حقوق المعارضة بالمجلس لكي تتاح لها فرصة الاضطلاع بدورها المؤسساتي الهام الذي نص عليه الدستور، وذلك من خلال انخراط فاعل للنساء والشباب داخل المجلس. وأكد كريم غلاب أن مجلس النواب الجديد ينتظره برنامج عمل مكثف يتمثل أساسا في تفعيل أحكام الدستور الجديد، وذلك من خلال الدراسة والتصويت على مجموعة من مشاريع القوانين التنظيمية بالمؤسسات التي نص عليها الدستور، بما فيها تلك المتعلقة بالتأسيس للجهوية الموسعة. واعتبر رئيس المجلس أن هذه الرهانات تستدعي تطوير وتنويع وسائل العمل البشرية والمادية للمجلس وتعزيز كفاءاته وقدراته المؤسساتية ومراجعة نظامه الداخلي والسعي إلى ملاءمته مع أحكام الدستور الجديد، مضيفا أن العمل البرلماني أضحى اليوم في حاجة إلى تحديث وعصرنة وتجهيز.