أبي الجعد المدينة الهادئة ذات الطابع الروحي والصوفي، أقواسها بطابع البياض الذي يميزها، تدل على الإخاء والطمأنينة الذي يجمع بين مكونات أسرها، سرعان ما تحول سكونها إلى صخب مدوي للجريمة بشتى أنواعها: ففي ظرف اقل من 20 يوما وليلة تم تسجيل ثلاث جرائم قتل، منها اثنتان غامضتان والثالثة بسبب شجار بين مجموعة من الشبان «بالغوا» في شرب ماء الحياة ( ماحيا) على بعد أمتار من المقر المؤقت لمفوضية الأمن. أما السرقة فقد حطمت الرقم القياسي ليس من حيث العدد ولكن من حيث الأسلوب الهوليودي الذي تمت به: سرقة وكالتين للبريد في نفس الليلة ، سرقة حاسوبين من مقر تفتيشية التعليم بالحي الإداري المقابل للمحطة الطرقية، سرقة دكان للهواتف المحمولة وبطائق التعبئة في شارع رئيسي أمام المقر القديم للمفوضية ، سرقة مقهى للألعاب بالسقاقي.. كل هذا يقع في مدينة صغيرة وقليلة السكان كأبي الجعد ، وقد يتم تبرير ذلك بقلة الامكانيات اللوجيستيكية والموارد البشرية! إنها مؤشرات لا تدعو إلى الإطمئنان ، مما يحتم القيام بحملات استباقية قبل وقوع مثل هذا الكم المخيف من الجرائم المدروسة التوقيت والمكان والموسم المناخي، ناهيك عن السرقات المنتظمة خلال انعقاد السوق الأسبوعي..وهو ما يطرح علامة استفهام حول هذا المسلسل الإجرامي الذي يجتاح المدينة ليل نهار دون أن يحرك في المسؤولين أي ساكن، وهو ما دفع بالساكنة المحلية إلى المكوث في منازلها أو تشديد الحراسة على ممتلكاتها كلما حل المساء. وإذا كان رجال الأمن المكلفون بالمرور ، ورغم قلتهم، قد نجحوا إلى حد كبير في السهر على تنظيم الحركات الاحتجاجية أو تدبير امن زوار مقابلات كرة القدم وحسن تنظيم حركات المرور والتوقف كلما حل الموسم السنوي لأبي الجعد، فإن باقي الأجهزة الأخرى مطالبة ببذل المجهود الحقيقي ليس داخل المكاتب وإنما في الشارع العام، وقيادة الدوريات الليلية في الهوامش والأحياء التي تعد معقلا للماحيا ولمختلف أنواع الخمور والمنشطات وملاذا آمنا لمرتكبي مختلف أنواع السرقات!