بعد «القانون الدستوري والمؤسسات السياسة» ((1988، «المرأة والسياسة»((1995، «التوافق أم لعبة التوافق» ((1995، «متاهات التناوب» ((1996، «الإصلاح الدستوري وأوهام التوافق» ((1998، «متاهات الانتقال الديمقراطي»، «منعطف النزاهة الانتخابية»((2006، تواصل الأستاذة رقية المصدق سلسلة اجتهاداتها في فهم تحولات المغرب السياسي. وفي هذا الإطار يشكل صدور كتاب «الفاعلون السياسيون في المجال الدستوري»، محاولة جديدة لفهم وتحليل جوانب من هذا التحول، وتركز بصفة أساسية على فهم وتحليل المعيقات، بل الإنحسارات بتعبير المؤلفة، التي تعرقل توجه المغرب نحو الديمقراطية التمثيلية، بل نحو «الديمقراطية الدستورية» حتى. ففي هذا الكتاب، الذي صدر بدعم من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، تنطلق أستاذة القانون الدستوري بهذه الكلية من محاولة فهم الكيفية التي جرى بها «إدماج العلاقة بين الشيخ والمريد في المجال الدستوري»، لتضعنا بعد ذلك في مواجهة محورين أساسيين: الأول يهم «إسهام الإسلاميين في متاهات الانتقال الديمقراطي»، أما الثاني فيتعلق ب«حكومة التناوب كحاجز في مواجهة التزوير». قبل أن تنتهي عند التساؤل حول ما إذا كان «المرور نحو الدستور المؤسساتي حقيقة أم وهم». وما بين محور البداية ومحور النهاية، تعتبر صاحبة الكتاب أن الربط بين المحورين يفسر بكون عملية الإصلاح الدستوري هي أكثر تعقيدا مما نتصور. ولكن إدراكها لصعوبة هذه العملية لم يمنعها من الانتباه إلى أهمية اللحظة التي صدر فيها الكتاب، والتي ميزها على الخصوص التطلع نحو الديمقراطية والعدالة الذي غمر مختلف البلدان العربية، وجسد امتداده في المغرب الأقصى من خلال بروز حركة 20 فبراير، وما كان لهما من تأثير في إنضاج المبادرة الملكية الخاصة بتعديل الدستور في 9 مارس 2011. مبادرة تمنت المؤلفة أن تفتح الباب نحو تكريس دول القانون، ليس فقط في بعدها الشكلي، وإنما أيضا في بعدها الموضوعي، لأن الدستور، تقول المؤلفة، ليس فقط أداة لفصل السلطات، وإنما، أيضا، ضمانة لحماية حقوق المحكومين. فهل تحقق هذا الأمل وقد صدر «الدستور الجديد»؟ سؤال ربما قد يشكل محور كتاب قادم للأستاذة رقية المصدق، التي عودتنا على مواكبة تحولات المغرب السياسي، وملاحقة أدق تفاصيله.