في تدخل له أمام اللجنة السياسية للأمن وحقوق الإنسان بالجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط, قدم أحمد الزايدي عرضا سياسيا تناول فيه ديناميكية الإصلاحات الكبرى التي يشهدها المغرب انطلاقا من نضالات عمرت لسنوات, تحمل فيها الاتحاد الاشتراكي ضمن الأحزاب الوطنية المناضلة مسؤوليته, وأدى من أجلها الثمن غاليا من أجل مغرب متحرر، مغرب عادل ديمقراطي وحداثي,انطلاقا من هذه النضالات وتراكماتها, وصولا إلى دستور يوليوز 2011 كإحدى المحطات البارزة في نضال متواصل, مشيرا إلى أن التجربة المغربية متميزة, في إشارة إلى الأوضاع في كل من الجزائر ،تونس،مصر،ليبيا والأردن والتي لا يمكن وضعها -يشير رئيس الفريق الاشتراكي- في نفس التصور في إشارة إلى الحراك الذي تشهده المجتمعات العربية عموما والمغاربية بالتحديد, مؤكدا على الخصوصيات المختلفة. تمت الإشارة إلى كيفيات إعداد الدساتير من فقرات سابقة, اسمحوا لي أن أتوقف عند التجربة المغربية والكيفية التي تم بها إعداد وثيقة الدستور، فخلافا للتجارب السابقة، انطلاقا من دستور1962 ومرورا بكل التعديلات السابقة، ظل إعداد الدستور اختصاصا ملكيا محضا، يقوم به القصر بمساعدة خبراء فرنسيين بالخصوص وبعض الفقهاء المغاربة، في حين كانت المعارضة الوطنية تكتفي بتسليم مذكرات ومطالب، لا تؤخذ في نهاية المطاف بعين الاعتبار. خلافا لهذه المنهجية، اختار المغرب هذه المرة مقاربة تشاركية تتمثل في إحداث آليتين هامتين: 1 - لجنة استشارية لمراجعة الدستور، مكونة من ثمانية عشر من أساتذة قانون ومفكرين وسياسيين من خيرة الأطر المغاربة, ومن مختلف التخصصات المعرفية. اللجنة حدد دورها في الإصغاء والتشاور مع المنظمات الحزبية والنقابية والفعالية النسائية والشبابية والجمعوية واعمالها خلال شهر يونيو 2011. 2- آلية سياسية ، مهمتها المتابعة والتشاور، وتبادل الرأي، بشأن الإصلاح المقترح ، تضم بصفة خاصة، رؤساء الهيئات السياسية والنقابية، مناقشاتها استغرقت ثلاثة أشهر من المشاورات والعمل المتواصل والجاد، سلم إثرها رئيس اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور للملك يوم الجمعة 10 يونيو مشروع الدستور الذي تم إعداده . كما سلم من جهته رئيس الآلية السياسية للمتابعة والتشاور وتبادل الرأي بشأن مشروع مراجعة الدستور، لعاهل البلاد تقريرا عن مداولات الآلية والآراء والاقتراحات والملتمسات التي عبر عنها زعماء الأحزاب والنقابات ومختلف الفعاليات بعد إطلاعهم على المضامين الرئيسية لمشروع مسودة الدستور. وبناء على أشغال الآليتين السالفتي الذكر، توجه جلالة الملك يوم الجمعة 17 يونيو 2011، بخطاب إلى الأمة، دعاها من خلاله إلى الاستفتاء على الدستور وإعطاء رأيها في هذا المشروع الوطني الذي حدد له تاريخ فاتح يوليوز 2011، كما تناول في هذا الخطاب الهام الخطوط العريضة والمحاور الأساسية، التي يعالجها مشروع أول دستور في عهده، مؤكدا على أهمية المرحلة الجديدة ومبرزا أهم مميزات الدستور الجديد, مشيرا إلى أنه «لأول مرة في تاريخ بلادنا» يتم إعداد دستور»من صنع المغاربة ولأجل جميع المغاربة» لا أستطيع لضيق الوقت المحدد لي استعراض كل مضامين الدستور الجديد المكون من 180 مادة ,أي ضعف مواد الدستور السابق, اكتفي بالإشارة إلى أبرز المضامين: 1 تكريس ثوابت الهوية المغربية بتعدد روافدها وانفتاحها: دولة إسلامية ذات سيادة، متشبثة بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار. أمة موحدة قائمة على تنوع روافد هويتها: العربية، الأمازيغية، الحسانية، الصحراوية، الإفريقية، الأندلسية، العبرية. 2 تعاقد لغوي على التعددية والانفتاح: تكريس الطابع الرسمي للغة العربية وتفعيل ترسيم الأمازيغية ضمن مسار متدرج باعتبارها لغة وطنية. إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية. 3 ميثاق حقيقي لحقوق وواجبات المواطنة والحريات الأساسية: سمو المواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، على التشريعات الوطنية. * حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو الون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوية أو اللغة أو الإعاقة؛ * ترسيخ ترسانة من الحقوق والحريات ترقى إلى مستوى المجتمعات الديمقراطية المتقدمة؛ * توسيع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛ 4- تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية: * المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ * إحداث هيئة للمناصفة ولمحاربة كل أشكال التمييز؛ * تنصيص القانون على إجراءات التمييز الإيجابي لصالح النساء، في مجال الولوج إلى الوظائف العمومية والانتخابات 60 امرأة مرشحة اليوم لولوج البرلمان القادم (25 نونبر 2011) أي ضعف العدد بالنسبة للبرلمان الحالي وذلك كتطور ينشد الثلث في أفق المناصفة؛ 5- سيادة الأمة وسيادة الدستور: * سيادة الأمة، التي تمارسها مباشرة عن طريق الاستفتاء، وبصفة غير مباشرة عبر ممثليها؛ * انتخاب ممثلي الشعب في المؤسسات الوطنية عن طريق الاقتراع العام المباشر عبر انتخابات حرة ونزيهة؛ * سمو الدستور الذي تخضع له جميع السلطات بدون استثناء، مع إمكانية كل مواطن أن يدفع بدستورية القوانين؛ 6- الفصل بين السلط في إطار ملكية دستورية، ديمقراطية، برلمانية: * ملكية مواطنة، ضامنة لأسس الأمة، وتضطلع بمهام سيادية وتحكيمية، مع حذف كل إشارة على قداسة شخص الملك، وله واجب التوقير والاحترام، والتمييز الواضح بين سلطات الملك بوصفه أمير المؤمنين، وبوصفه رئيس الدولة وممثلها الأسمى، ورمز الوحدة الوطنية والترابية والتحكيم الأعلى وضمان الاختيار الديمقراطي والمصالح الأساسية للبلاد؛ * اعتبار رئيس الحكومة مسؤولا حقيقيا وموجها لفريق الحكومة، مع وضع الإدارة رهن تصرفه، وممارسته لسلطة تنفيذية حقيقية، ولصلاحيات واسعة في مجال التعيين في الوظائف المدنية؛ * برلمان قوي باختصاصات مدعمة، يمارس السلطة التشريعية، ويصوت على القوانين ويراقب الحكومة ويتولى تقييم السياسات العمومية؛ - نظام ثنائية برلمانية يخول مكانة الصدارة لمجلس النواب، الذي له وحده أن يضع مسؤولية الحكومة على المحك، وغرفة ثانية ذات عدد مقلص وذات طابع ترابي مع تمثيلية نقابية ومهنية؛ - توسيع مجال القانون ليرتفع عدد مواده من 30 إلى 60 مادة من بينها 26 قانونا تنظيميا, ولا سيما ما يتعلق بالضمانات في مجال الحقوق والحريات والعفو العام، والتقطيع الانتخابي ومجالات الحياة المدنية والاقتصادية والاجتماعية؛ - دعم آليات المراقبة مع إضفاء طابع المرونة على شروط النصاب القانوني لأعمالها: ملتمس الرقابة،لجن تقصي الحقائق، الإحالة على المحكمة الدستورية وطلب عقد الدورات الاستثنائية؛ - توازن مرن بين السلطات التشريعية والتنفيذية، حكومة مسؤولة مستقبلا أمام مجلس النواب فقط. ويمكن لرئيس الحكومة أن يحل هذا المجلس بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء. وذلك بعد استشارة الملك ورئيس الغرفة الأولى ورئيس المحكمة الدستورية، 7- الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة: * دسترة الضمانات الأساسية لاستقلالية القضاء: نظام أساسي خاص مدعم بموجب قانون تنظيمي؛ * محكمة دستورية تسهر على احترام سمو الدستور، ينتخب نصف أعضائها من قبل مجلسي البرلمان؛ 8- تعزيز النظام الدستوري للفاعلين في مجال الديمقراطية المواطنة والتشاركية: * ترسيخ الدور المركزي للأحزاب السياسية في ممارسة الديمقراطية؛ * تخويل المعارضة البرلمانية نظاما حقيقيا كتوليها رئاسة لجنة العدل والتشريع، والولوج المنصف لوسائل الإعلام الرسمية والاستفادة من التمويل العمومي والمشاركة الفعلية في مراقبة الحكومة وفي عمل لجان تقصي الحقائق؛ * تأكيد دور النقابات باعتبارها فاعلا في مجال الديمقراطية الاجتماعية، وكذلك في المجال السياسي من خلال استمرارها بالغرفة الثانية؛ * الاعتراف بها فاعلا في الديمقراطية التشاركية، على الصعيد الوطني، وعلى المستوى المحلي؛ * ترسيخ نظام ودور وسائل الإعلام في النهوض بالديمقراطية وحقوق وحريات المواطنين؛ * التنظيم والضبط الديمقراطي لقطاعات الصحافة والاتصال السمعي البصري (دسترة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري)؛ 9- الديمقراطية الترابية والجهوية المتقدمة: * دسترة الجهوية المتقدمة: التوزيع الجديد والديمقراطي للصلاحيات بين الدولة والجهات؛ * التنصيص على المبادئ الموجهة للجهوية المغربية؛ - الوحدة الوطنية والترابية، التوازن، التضامن والتدبير الديمقراطي؛ - تخويل رؤساء هذه المجالس سلطة تنفيذ قراراتها (بدل ممثلي الدولة) - مبادئ التدبير الحر والتفريع؛ -انتخاب المجالس الجهوية بالاقتراع المباشر؛ - تكريس المجالس الجهوية لهيئة ناخبة في انتخابات مجلس المستشارين؛ * إعطاء أسس دستورية قوية لإعادة تشكيل النظام الترابي في اتجاه: - تحويل أكبر للصلاحيات من المركز إلى الجهات؛ إحداث أشكال جديدة من الشراكة والتعاقدية بين الدولة والجهات والجماعات الترابية؛ - تنمية لا تمركز الدولة المركزية؛ - إحداث صندوق التضامن بين الجهات وصندوق إعادة التأهيل الاجتماعي للجهات؛ 10- دعم وتقوية مجال الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة، ودولة القانون في المجال الاقتصادي: * قاعدة تلازم ممارسة المسؤوليات والوظائف العمومية بالمحاسبة؛ * مبدأ توازن مالية الدولة؛ * المبادئ الأساسية لاقتصاد السوق الاجتماعي ولدولة القانون في المجال الاقتصادي؛ * حق الملكية والمبادرة الحرة وحرية المنافسة؛ * إجراءات قوية في مجال النزاهة ومحاربة الفساد: معاقبة كل أشكال الانحراف في تدبير الأموال العمومية، والرشوة واستغلال النفوذ؛ * المنع القطعي للترحال البرلماني, سواء بتغيير الانتماء السياسي أو بتغيير الفريق أو المجموعة البرلمانية؛ * تأطير وضبط شروط الاستفادة من الحصانة البرلمانية, تجديدها فيما يتعلق بالرأي والتصويت داخل البرلمان، والمساواة أمام القانون فيما عدا ذلك)؛ * الحكامة الأمنية الجيدة: إحداث مجلس أعلى للأمن بوصفه هيئة للتشاور حول القضايا الاستراتيجية للأمن الداخلي والخارجي للبلاد؛ * دسترة مجلس المنافسة وهيئة النزاهة ومحاربة الرشوة وكذا المؤسسات المستقلة الأخرى المكلفة بحماية وتنمية حقوق الإنسان والضبط والحكامة الجيدة، ولا سيما مجلس حقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط؛ III- الشروع في تفعيل دستور 2011 * في إطار تفعيل مضامين الدستور الجيد، شرع البرلمان المغربي في الدراسة والتصويت على مشاريع القوانين الواردة في جدول أعمال الدورة الاستثنائية، ابتداء من يوم 13 شتنبر، تاريخ افتتاح الدورة، وذلك حسب ترتيب أعطى الأولوية للمشاريع ذات العلاقة بالانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها يوم 25 نونبر 2011. وعليه فقد صادق البرلمان المغربي خلال هذه الدورة على مشاريع القوانين التالية: 1- مشروع قانون رقم 36.11 يتعلق بتجديد اللوائح الانتخابية العامة وضبطها بعد معالجتها بالحاسوب. يندرج هذا المشروع في إطار التدابير التي اتخذتها الحكومة لتنظيم الانتخابات التشريعية التمهيدية لمجلس النواب والتي تتعلق بعملية إعداد الهيئة الناخبة الوطنية لتكون جاهزة لإجراء الاستحقاقات المقبلة وفيما يلي الإجراءات الأساسية التي يتضمنها هذا المشروع: - فحص التسجيلات المضمنة في اللوائح الانتخابية الحالية وإخضاعها لمعيار الإقامة الفعلية في تراب الجماعة أو المقاطعة؛ - ضبط جميع التسجيلات من خلال اعتماد البطاقة الوطنية للتعريف كوثيقة رسمية وفريدة لإثبات هوية الناخبين؛ - إجراء التنظيمات القانونية وتنقية اللوائح الحالية من الأخطاء المادية؛ - إعادة النظر بشكل جذري في تركيبة الهياكل المكلفة قانونا بالإشراف على اللوائح الانتخابية ومراجعتها؛ إسناد الإشراف على عملية المعالجة المعلوماتية للوائح، للجنة وطنية تقنية يرأسها رئيس غرفة بالمجلس الأعلى، وتضم ممثلين من الأحزاب السياسية؛ 2- مشروع قانون رقم 30.11 يقضي بتحديد شروط وكيفيات الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات. يهدف هذا المشروع إلى تطوير تجربة الملاحظة ببلادنا والارتقاء بها من الممارسة العرفية إلى التنظيم القانوني، وذلك لسد الفراغ التشريعي فيما يتعلق بممارسة مهام الملاحظة المستقلة والمحايدة قصد السهر على نزاهة وحرية الانتخابات، وضمان تكافؤ الفرص بين كافة الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية. ويتضمن هذا المشروع أربعة أبواب أساسية: 1- الأحكام العامة؛ 2- شروط وكيفيات اعتماد ملاحظي الانتخابات؛ 3- اللجنة الخاصة لاعتماد ملاحظي الانتخابات؛ 4- حقوق والتزامات الملاحظ الانتخابي؛ 3- مشروع قانون تنظيمي رقم 27.11 يتعلق بمجلس النواب. يندرج هذا المشروع في سياق تنزيل الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية العميقة والمتميزة التي تشكل الدعامة الأساس لتعاقد سياسي متجدد لترسيخ دولة القانون وحقوق الإنسان من خلال إرساء مؤسسة تشريعية ناجعة وذات مصداقية في مناخ الالتزام الجماعي بالقانون والتعبئة والثقة. ويتضمن هذا المشروع إضافة إلى الأحكام العامة المحددة لعدد أعضاء مجلس النواب وأسلوب الاقتراع والتقطيع الانتخابي، مضامين أخرى يمكن إيجازها فيما يلي: - أهلية الناخبين وشروط القابلية للانتخابات؛ - حالات التنافي؛ - الترشيح والحملة الانتخابية، والمخالفات والعقوبات الخاصة بالانتخابات، والعملية الانتخابية؛ - قواعد وضع المحاضر وإحصاء الأصوات وإعلان النتائج، والمنازعات الانتخابية. 4- مشروع قانون تنظيمي رقم 29.11 يتعلق بالأحزاب السياسية (قيد الدرس بلجنة الداخلية) وفي الختام, واعتبارا للحيز الزمني المخصص للمداخلة, قال رئيس الفريق الاشتراكي أنه سيسلم وثيقة مكتوبة بما لم تتضمنه هذه المداخلة.