سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في افتتاح أشغال الأممية الاشتراكية للنساء .. على المرأة أن تكون الفاعل الرئيس في الإصلاح كي تتحقق «ثورة داخل الثورة»
بمناسبة ملتقى الأممية الاشتراكية للنساء حول «دور النساء العربيات في الديمقراطيات الناشئة»، ألقى عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للاتحاد الاشنراكي، كلمة أمام عضوات اللجنة التنفيذية ورئيسة المنظمة التي تعتبر أكبر منظمة نسائية في العالم، ووفود عن عدد من الدول الأعضاء، من شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط والقوقاز، إضافة إلى المناضلات الاتحاديات؛ وهي الكلمة التي ذكرت بأهمية النضال النسائي في درب الإصلاحات والديمقراطية.. صديقاتي العزيزات، باسم مناضلي وقيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أرحب بكم في الرباط، عاصمة المملكة المغربية. وأشكر الأممية الاشتراكية للنساء على الثقة التي وضعتها في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وفي المرأة المغربية وفي مجموع الشعب المغربي، من خلال اتخاذها قرار عقد اجتماعها الجهوي في المغرب. صديقاتي العزيزات، إن الموضوع الذي تم اختياره لهذا الاجتماع، «دور المرأة (العربية) في الديمقراطيات الناشئة»، موضوع آني. فالأمر يتعلق في واقع الأمر بالنساء العربيات، الأمازيغيات، الإفريقيات أو من مختلف الأصول، واللواتي يعشن في هذه المنطقة من العالم التي تشهد في الوقت الراهن مرحلة حاسمة من تاريخها. في المغرب كما في المشرق، المطلب الرئيس لمجتمعاتنا يتمثل في إرساء ديمقراطية حقيقية، لأن الديمقراطية هي التي تفتح الطريق أمام كل ما يتعلق بالكرامة الإنسانية بما فيها: - الحرية - المساواة - العدالة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية. واليوم، وفي غياب هذه الشروط، لا تستحق الحياة أن تعاش. هنا يكمن «المشروع» الديمقراطي الاجتماعي الذي يوحدنا، بغض النظر عن ديننا أو ثقافتنا. الديمقراطية لن تكون حقيقية إلا إذا استفاد منها جميع أفراد المجتمع في ظل احترام تام للمساواة بوجه عام، والمساواة بين الرجل والمرأة بوجه خاص. الثورات التي تجري أحداثها في الوقت الراهن، والإصلاحات التي تسير في طور الإنجاز، لن يكون لها أي معنى ما لم تستفد منها المرأة، بإقصاء كل أشكال التمييز والظلم التي ظلت ضحية لها طيلة قرون وألفيات. ينبغي ألا تكون المرأة مجرد متفرج على ما يجري ولا حتى متسول، بل الفاعل الرئيس لكي تتحقق «ثورة داخل الثورة» كما عبر عن ذلك الفيلسوف روجي ديبري». الثورة لصالح المرأة داخل الثورة الوطنية من أجل الديمقراطية، العدالة والمساواة. صديقاتي العزيزات، إن العائق الرئيس لشراكة شمال - جنوب هو التأخر التاريخي المتراكم لدى بلدان الجنوب والشرق مقارنة مع بلدان شمال حوض المتوسط. في الواقع، فمنذ أفول نهضة الثقافة العربية وبزوغ النهضة الأوربية، حققت البلدان الأوربية ثورات متتالية: - ثورة الطباعة ونشر الثقافة؛ - الثورة السياسية (الثورة الفرنسية والأمريكية). - الثورة الفلاحية والصناعية - الثورة التكنولوجية والمعلوماتية - الثورة المتحققة في مجال الاتصالات - الثورة في القيم بكل المجالات. اليوم، بعد مقاومات متعددة وتضحيات ضخمة، فإن شعوبنا قد انخرطت بدورها بإصرار في مغامرة الإنسانية الكبرى من أجل ترسيخ الديمقراطية والحريات والعدالة، وتكافؤ الفرص والكرامة والتحديث. بالنسبة لنا في الاتحاد الاشتراكي فإن الحداثة غير منحصرة في تملك التكنولوجيا ولكن في الانخراط في ترسيخ قيم ومبادئ كونية، وفي مقدمتها احترام حقوق الإنسان والمساواة بين الرجال والنساء. صديقاتي العزيزات، علينا تعلم الدروس من التاريخ القديم والحديث. وكمثال على ذلك فإن ما قام به نابليون وهتلر لم يفلح قط في تحقيق حلم وحدة أروبا بالنار والحروب. لكن حكماء أروبيين (مثل السيد شومان ودوغول وإديناور وبول هنري سبايك وجون موني وديغاسبيري) قد نجحوا في ذلك بالحوار وبطريق الخيار الديمقراطي الذي يحقق الاندماج السلس. إن الديمقراطية سوف تعزز وحدة المغرب العربي ووحدة المشرق تماما مثلما عززت الوحدة الأوربية. فالوحدة تسمح بميلاد الثروات وتوزيعها وتحقيق التنمية. وإن الثورة وتحقيق الإصلاحات يستوجبان ثمنا، وللأسف فإن السياقات الحالية غير مساعدة. ذلك أن شركاءنا في الشمال غارقون في أزمة اقتصادية ومالية بينما شعوب الجنوب والشرق المتوسطي تقاوم من أجل الخروج من أزمتها السياسية والاجتماعية بطرقها الخاصة. ورغم ذلك نحن ملزمون بتوجيه نداء للتضامن والدعم المتبادل بين الضفتين. صديقاتي العزيزات، إنني أود توجيه تحية للدعم والتضامن الذي تعبر عنه النساء الإشتراكيات في باقي مناطق العالم تجاه شعوب إفريقيا الشمالية والشرق الأوسط. إن المغرب ديمقراطية فتية تناضل من أجل السلم والأمن والاستقرار بمنطقتنا وبقارتنا وبالعالم. لهذا السبب نحن نتحرك بيقين من أجل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وندعم حق الشعب الفلسطيني في امتلاك دولة مستقلة في حدود 4 يونيو 1967 والقدس عاصمة لها. إن منطقة المتوسط حيوية بالنسبة للبشرية فقد شهدت ميلاد ثلاث ديانات توحيدية. لقد وهبت أيضا الحضارة الإغريقية الرومانية واليهودية - المسيحية وأيضا الحضارة الإغريقية - العربية - الإسلامية. وهي كلها التي صنعت العالم الذي نعيش فيه اليوم. والصراع العربي - الإسرائيلي الذي هو متواصل منذ 60 سنة له نتائج سلبية على كل القارات ويهدد السلم العالمي. لابد من حله بسرعة من أجل أمن شعبين ومن أجل مصلحة البشرية. إن أخواتي في الاتحاد الاشتراكي، المشاركات في اجتماعكن الجهوي قد نقلوا لكم أكيدا مشاريع الإصلاح الكبرى والتحولات المسجلة في المغرب وأساسا حول الاستثناء المغربي (لأنه على عكس ما يسجل في دول أخرى بالمنطقة التي تعرف مشكل شرعية، ففي المغرب الأمر متعلق بإصلاحات). وسيواصلن تزويدكن بكل التفاصيل حول الآفاق التي يفتحها الدستور الجديد والإصلاحات التي سترافق تطبيقه وأثرها الحاسم على مشهدنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي. واسمحوا لي في الختام أن أتمنى لكم مجددا مقاما طيبا بيننا وكل النجاح لأعمالكم.».