أكدت لنا مصادر مطلعة أن البنك الشعبي قام بتحريك عملية افتحاص وتدقيق مالي لمجموعة شرف وشركتها الفرعية فيرتيما «الشركة الوطنية للأسمدة» عقب أنباء عن صفقات مشبوهة تقدر بمئات الملايين من الدراهم داخل المجموعة التي تعتبر أول مزود للسوق الوطني بالأسمدة . وفي أول تعليق له على الموضوع، قال أحمد أمين قنديل رئيس المجلس الاداري لمجموعة شرف كوربورايشن والرئيس المدير العام لفرتيما ، إنه بالفعل تم فتح افتحاص مالي بطلب من البنك الشعبي المركزي ، مؤكدا أن ذلك أمر طبيعي في شركة مدرجة أسهمها في البورصة، وأضاف قنديل في تصريح خص به « الاتحاد الاشتراكي « أنه يتفهم القلق الذي عبر عنه البنك الشعبي المركزي، باعتباره مساهما ووافدا جديدا على المجموعة يريد أن يفهم بالضبط ما يجري على المستوى المالي، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن هناك شيئا مشبوها يلف مالية المجموعة، معتبرا أن الادارة المالية التي تسير بها هذه الأخيرة معترف بجودتها لدى مكاتب دولية ، وأضاف قائلا « لا خوف لدينا من أي افتحاص ، بل نحن نشجع الافتحاص، بل أكثر من ذلك قمنا بتمويل الافتحاص الذي قامت حوله هذه الزوبعة» ، ولم ينف أحمد أمين قنديل بأن المجموعة التي يرأسها مرت بفترات عصيبة خصوصا سنة 2009 بفعل عوامل موسمية ، ولكنها استطاعت تجاوز الأزمة والدليل أنها تمكنت خلال هذا الأسبوع فقط من تحصيل 120 مليون درهم في حساباتها» وألمح أمين قنديل إلى أياد خفية وراء ما روجت له أسبوعية «جون أفريك» في عددها الأخير وقال « لا يعقل أن تخصص لنا هذه المجلة فجأة 4 صفحات من عددها وهي التي لم يسبق لها أن كتبت عنا سطرا واحدا في طيلة أعوام..» مكذبا ما تم نشره جملة وتفصيلا. ويجري المكتب الدولي للافتحاص «مزار» حاليا التدقيق في عدد من الصفقات المشبوهة ، حسبما نقلته مجلة جون أفريك. والتي أكدت أنه يتم التدقيق في نشاط الشركتين بناء على طلب من البنك المركزي الشعبي (BCP) ، والذي يعتبر أول دائن لمجموعة شرف فرتيما، وأحد المساهمين المؤسساتيين فيها بنسبة تصل إلى 13 ٪ من رأس المال ، وأثارت العديد من الصفقات المشبوهة شكوك المساهمين في المجموعة وعلى رأسهم الممول الرئيسي. و استنادا إلى وثائق سرية تدعي الأسبوعية أنها بحوزتها، قالت «جون أفريك» إنه يشتبه في كون ادارة مجموعة شرف تلاعبت في محفظة الشركة وفي حسابات الزبناء همت 200 مليون درهم، وذلك بتفويت و بيع وتحويل أصول عقارية وعدد من الأراضي دون استخلاص الثمن والقيام بعمليات بيع بشروط تفضيلية لصالح شركة أخرى يملكها قنديل أمين ، المدير التنفيذي الحالي لشرف فيرتيما ، وأضافت الوثائق أن حسابات المجموعة غارقة في المديونية منذ عام 2009 وأن بعض العمليات المدينية التي تحصل عليها المجموعة هي التي تبدو أنها الآن تسمح للشركتين بمواصلة أنشطتهما. الشكوك المثارة حول تدبير الشركة تتجاوز حدود حماية حقوق الشركاء والمساهمين لتطال بشكل مباشر مستقبل الفلاحة المغربية، ذلك أن بعض المصادر تحدثت عن استحواذها على حوالي 80% من حصة السوق الوطنية للأسمدة الأزوطية، لتتحول بذلك إلى أحد العناصر الأساسية في إنجاح مخطط المغرب الأخضر، وإلى أحد المتدخلين الأساسيين في تحديد مستوى كلفة الإنتاج، خاصة أن استفادتها من تفويت الدولة لأراضي «صوديا» و «سوجيطا» حولها إلى مجمع يستفيد من دعم عمومي بحوالي 600 درهم عن كل هكتار، وزاد من قدراتها على تقوية تواجدها في مختلف المناطق المغربية، غير ان مصادر أخرى استندت إلى كون الشركة تستورد سنويا حوالي 120 ألف طن من الأمونيترات التي تعتبر أهم مادة أزوطية في حين أن الشركات المنافسة تحد من قدراتها على التحكم في السوق: ومن بين هذه الشركات الشركة الشريفة للأسمدة التي تستورد سنويا 80 ألف طن وشركة أسيطا التي تستورد 60 ألف طن. إن استقرار أسعار البترول في مستويات مرتفعة لا يبرر بمفرده الزيادات التي تعرفها أسعار الأسمدة في السوق الوطنية،ذلك أن ضعف الاستهلاك الوطني وتأجيل موعد إبرام الصفقات إلى حين تساقط الأمطار يقلص من قدرات المستوردين على الاختيار في حين أن طلبات العروض العمومية و شبه العمومية تحد نسبيا من مناورات المستوردين. وفي انتظار تعميم نتائج الافتحاص الذي طالب به البنك الشعبي المركزي، فإن نوعية التهم الموجهة لمسيري الشركة تفرض مساءلة الوزارة الوصية عن القطاع الفلاحي حول الحلول البديلة فيما لو وقعت الشركة في مأزق يحول دون تمكنها من الاستمرار في تزويد المنتجين بحاجياتهم من الأسمدة طيلة الموسم الفلاحي الجاري. والجدير بالذكر أن حاجيات المغرب السنوية من الأسمدة تقدر ب2.5 مليون طن بينما معدل الاستهلاك منحصر في 850 ألف طن ، ومعدل الاستهلاك في الهكتار لا يتجاوز 33% من الحاجيات، وحوالي 65% من الاستهلاك تستعمل في المناطق السقوية.