توعدات أيمن الظواهري، الزعيم الجديد للقاعدة، لا تخلو من أهمية ومن نتائج. فهي تأتي في عز ذكرى 11 شتنبر، حيث يربط الزعيم الجديد للمنظمة، التي أسسها بن لادن، بين العداء لأمريكا والدعوة إلى استعداء المسلمين، وأنصاره بالتحديد، للعديد من الدول، ومنها المغرب. يتبين أن زعيم القاعدة مازال يعتبر بأن الهجوم الإعلامي والمادي على العدو البعيد، أمريكا يبرر الهجوم على العدو القريب، الدول والأنظمة العربية. وهو ثابت من ثوابت القاعدة والحركات القتالية والإرهابية التي تتحدث باسم الإسلام. ويسعى زعيم القاعدة الجديد إلى التوهيم بأن الحركات الثائرة والانتفاضات والاحتجاجات وكل ما جاء به الربيع العربي، هو من صميم ما كان يدعو إليه، ويدعو إليه رائده ابن لادن. والحقيقة أن الأمر فيه محاولة تجيير غير صائبة ولا منتجة، أولا، لأن الحركات التي قامت في الدول العربية لم ترفع شعارات مناهضة للغرب، ولا جعلت من محاربة أمريكا شعارها المركزي، بقدر ما أنها ارتبطت بمطالب محلية تتعلق بطبيعة الدولة وبطبيعة العلاقات مع المواطنين. وثانيا، لا نعتقد أن السيد أيمن الظواهري ولا قاعدته الفكرية والتنظيمية يؤمنان بالقيم المتعلقة بالديموقراطية والمساواة. فهو لا يبدي أي تعاطف مع الفكرة الديموقراطية التي تطالب بها الحركات المنتفضة والقوى الاجتماعية، بكل انتماءاتها وتلاوينها، والتي هبت كرجل واحد لإسقاط الفساد والاستبداد والقهر المعمم. ثالثا، لا يمكن أن تغفل القوى الشابة والقوى التي انتفضت بأن القاعدة لا تعد بديموقراطية، ولا تعد بتعددية ولا تعد بحقوق المرأة أو حقوق المواطن في ترسيم السيادة، ولا تؤمن بالدستور، بقدر ما تؤمن بالاستبداد الآخر، الاستبداد الذي يقوم على قبول وتسليم الشعوب بقدرة القائمين على التنظيمات الجهادية على فرض العدل والتي تبشر بالسعادة .. هناك. رابعا، لا علاقة للتكتيكات والاستراتيجيات المعتمدة من طرف القاعدة وسلالاتها، المبنية على الدم والاغتيالات والسفك الأعمى للدماء، وبين السلوكات السلمية والانتفاضات الجماهيرية التي اعتمدتها الشعوب في ثوراتها وفي استعادة قيم الكرامة والعدالة والحرية، وهي كما نعرف قيم لا توجد في قاموس الظواهري أو ابن لادن. ولعل الشيء الذي تعرفه الشعوب هو أن شعارات من قبيل مناهضة أمريكا ومحاربة الاستعمار الجديد والمؤامرة على الأمة الخالدة، وهي شعارات مازالت حاضرة في لغة الظواهري، هي ذرائع ومبررات قامت عليها أيضا سياسة الأنظمة التي سقطت أو بعضها الذي يترنح. وهو مشترك قومي إسلاموي كان يبرر قتل المدنيين أو تكسير قدرتهم على مقاومة الاستبداد. الظواهري الذي يهدد المغرب.. سبق لأنصاره أن ضربوا مغاربة مسالمين في مواقع مسالمة، وبالتالي ليس له أن يسطو اليوم على الربيع العربي لكي يحوله إلى ربيع غيني ينفقه في المزايدات والقراءات الخاطئة. غدا: السلطان أردوغان يقرأ خارطة المغرب العربي..