ما تزال تداعيات العاصفة الرعدية الكارثية ترخي بخسائرها وأوحالها على حياة مدينة خنيفرة، والتي على إثرها لقيت مواطنة (ق. نعيمة) مصرعها غرقا بعد أن جرفتها السيول الطوفانية من زنقة عقبة بن نافع إلى نحو زنقة مديونة، قبل تحدث الشارع حول طفل لقي نفس المصير بحي أصاكا ولم يتم العثور على جثته إلا بعد أيام، ثم جثة امرأة أخرى ألقت بها مياه مياه أم الربيع بشكل مفاجئ، وكانت مصادر مسؤولة قد أوضحت ل"الاتحاد الاشتراكي" أن 141 منزلا على الأقل، إضافة إلى 15 متجرا، كحصيلة مؤقتة، غمرتها المياه الطوفانية والأوحال الثقيلة بعدد من أحياء المدينة، وصلة بالحادث، تسببت هذه الأمطار القوية في انهيار جزئي لمنزلين يقعان بزنقتي زاكورة وإيتزر، كما جرفت سيارتين بأحياء سكنية تناقلت مشهدها مواقع الانترنيت بشكل واسع على "فيديو"، إلى جانب مشاهد أخرى أجمع الكثيرون على أنها "شبه تسونامي" ضرب المدينة، ولم يفت المتتبعين الإعراب مجددا عن تساؤلاتهم حول ما سمي ب"مشروع التطهير الألماني المغربي" الذي يجهل دوره ومصيره. وارتباطا بالموضوع، عرفت منطقة ما يعرف بحي "علي وبوشي" حالة غليان شديد وسط السكان جراء السيول الطوفانية التي غمرت أزقتهم وبيوتهم، وبينما استنكروا ما يعانونه جراء اهتراء البنية التحية وافتقارها لأدنى مقومات الصمود في وجه غضب الطبيعة، اتهموا السلطات ب "الاستهتار بساكنة الحي" وب"التقاعس" عن دعمهم في محنتهم التي تتكرر كل مرة تضرب فيها العواصف الرعدية مدينتهم دون القيام بأي إجراء وقائي حاسم، وصب ذات السكان أكثر من مرة جام سخطهم في وجه بعض المسؤولين الذين عجزوا عن إنقاذهم أو لم يحضروا أصلا لمعاينة وضعيتهم، فيما استغرب بعضهم من مسؤول تقدموا إليه بصورة عن وضعيتهم فخاطبهم بأنه كان بإمكانه اعتقالهم جميعا لكونهم احتجوا على ما أصابهم من خسائر وأضرار، ومن أبشع المشاهد قيام بعض الجهات بتكليف أطفال بتنظيف أزقتهم في عملية منافية للنداءات التي تحرم استغلال أو تشغيل الأطفال، وفي هذا الصدد يشار إلى أن المواطنين والشباب كان لهم الدور الكبير في التطوع الجماعي من أجل مساعدة المنكوبين وتنظيف الأزقة والشوارع من أثار الفيضانات. وأمام تبادل الاتهامات بين أكثر من سلطة وجهة محلية، عقد رئيس المجلس البلدي لقاء إعلاميا لتوضيح بعض الملابسات، وأمام قوة التساؤلات التي وجهها إليه المراسلون، والتي حملوا إليه فيها غضب السكان، اضطر إلى الكشف عن بعض الخلفيات، ونفض يده من المسؤولية بقوله "إن المجلس غير مسؤول عن الاستخفاف بمخلفات الكارثة الطبيعية التي ضربت المدينة"، موجها اتهامه المباشر للمكتب الإقليمي للماء الصالح للشرب بخنيفرة، بالقول "إن بلدية خنيفرة سبق أن وقعت مع هذا المكتب اتفاقية للتطهير عام 1992، والتي تم تفعيلها عام 2002، بمعنى أن جانب التطهير والصيانة والقنوات من مهام المكتب الإقليمي للماء الصالح للشرب، وأن دور البلدية هو تسجيل الملاحظات وإحالتها على مصالح المكتب الإقليمي للماء الصالح للشرب"، وفي هذا السياق شدد الرئيس على توجيه أصابع الاتهام لهذا المكتب بقوله "إنه هو المسؤول عما جرى يوم الفيضانات" على حد تعبيره، مضيفا أن لو لم يتم بناء الشعاب والسور الوقائي الممتد على ضفاف وادي أم الربيع لكانت الكارثة أكبر مما وقع بالنظر للقنوات والبالوعات المخنوقة دون صيانة. رئيس المجلس البلدي، حميد البابور، الذي جاء اللقاء الصحفي به تزامنا مع نزول عدد من السكان المتضررين من الفيضانات للاحتجاج أمام مكتبه، قال إنه "كاتب مدير المكتب الإقليمي للماء الصالح للشرب غير ما مرة دون أي تقدم يذكر"، وبينما حمل هذا المكتب كامل المسؤولية "لعدم مراقبته لا لوضعية البالوعات ولا القنوات المهملة"، استنكر بشدة عدم وجود مديره يوم تعرضت المدينة للأمطار الطوفانية، ولم يجد الرئيس البلدي، حسب رأيه، أدنى تفسير لموقف نائب هذا المدير لحظة الاتصال به لأجل ما يمكن القيام به من مساعدات فاكتفى ببرودة ب"إنه سيرسل شاحنة" كما لو أن الفيضانات مجرد شيء طبيعي، يقول الرئيس الذي تساءل في ذات الوقت حول معنى عدم توفر المكتب الإقليمي للماء الصالح للشرب إلا على شاحنتين فقط لتطهير القنوات، علما أن المدينة شاسعة الأطراف، وتعرف توسعا بشريا وعمرانيا كبيرا، كما هي مهددة بالفيضانات في أية لحظة. وعن مشروع التطهير الألماني المغربي رأى رئيس المجلس البلدي أن "هذا المشروع لم يساهم إلا في خنق القنوات غير المطابقة لدفتر التحملات أو تم وضعها بطرق لا تستجيب للمواصفات والشروط المطلوبة"، هذا بالنسبة للشطر الأول أما الشطر الثاني من المشروع فاكتفى الرئيس ب"أن أشغاله تشرف على نهايتها، ولم يتبق من نسبة الإنجاز سوى 2 بالمائة، وكان طبيعيا أن يتوقف المراسلون بتساؤلاتهم إزاء هذا المشروع الغامض الذي ما يزال دوره ومصيره مجهولا، والذي دفع بالكثيرين إلى المطالبة بفتح تحقيق شامل في ملفه وأشغال شطريه الأول والثاني. وعن سؤال "لماذا لم تتخذ السلطات ولا البلدية أية احتياطات أمام إنذارات مصالح الأرصاد الجوية؟"، نفى رئيس المجلس البلدي أن يكون توصل بأي إشعار من طرف الجهات المختصة، رغم أنه عضو في لجنة اليقظة المتعلقة بالكوارث الطبيعية، وإلا كان سهر على تشكيل خلية في شأن الكارثة الطبيعية التي ضربت المدينة، معترفا بأن بلديته ما تزال لم تتغلب على هذا المشكل، وأكد "أن وسائل وإمكانيات البلدية جد ضعيفة ولا تتوفر على الآليات اللازمة"، مشيرا إلى قيام هذه البلدية باستئجار آليات لتسوية ما خلفته الفيضانات الأخيرة، وفي إطار الرأي والرأي الآخر تم الاتصال بالمدير الإقليمي للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب إلا أن هاتفه فضل أن يرن بدل الرد على المكالمة.