فجأة انقلب مناخ الحرارة المفرطة بخنيفرة، بعد عصر يوم الأربعاء 24 غشت 2011، إلى عاصفة رعدية مصحوبة بأمطار قوية وحبات بَرَد (تبروري)، وعلى إثرها عرفت العديد من الأحياء والأزقة والشوارع لحظة استثنائية بكل المقاييس. وبينما تمكنت عناصر الوقاية المدنية من العثور على جثة مواطنة (ق. نعيمة -39 سنة) بزنقة مديونة (بحي علي وبوشي)، والتي جرفتها السيول الطوفانية من زنقة عقبة بن نافع. أوضحت مصادر مسؤولة ل»الاتحاد الاشتراكي» أن 141 منزلا على الأقل، إضافة إلى 15 محلا تجاريا، كحصيلة مؤقتة، غمرتها المياه الطوفانية والأوحال الثقيلة بعدد من أحياء المدينة، منها حمرية، أصاكا، المصلى، بامحمد، شارع محمد الخامس، الحي الحسني، وعلي وبوشي، وبعض المنازل المنكوبة اجتاحتها المياه عبر قنوات الصرف الصحي بسبب السيول القوية. وصلة بالحادث، تسببت هذه الأمطار القوية في انهيار جزئي لمنزلين يقعان بزنقتي زاكورة وإيتزر، فيما نزلت عناصر من القوات المساعدة بكثافة بمواقع متفرقة في حالة تأهب، إما للمساعدة في التنظيم والإغاثة أو خشية حدوث انتفاضة سكانية محتملة. وارتباطا بالموضوع، عرفت منطقة ما يعرف ب «حي علي وبوشي» حالة غليان شديد وسط السكان جراء السيول الطوفانية التي غمرت أزقتهم وبيوتهم، وبينما رفضوا استقبال أي مسؤول بحيهم، استنكروا ما يعانونه جراء اهتراء البنية التحية وافتقارها لأدنى مقومات الصمود في وجه غضب الطبيعة، كما نددوا بوعود المسؤولين التي لا تجدي نفعا، واتهموا السلطات ب « الاستهتار بساكنة الحي» وب»التقاعس» عن دعمهم في محنتهم التي تتكرر كل مرة تضرب فيها العواصف الرعدية مدينتهم دون القيام بأي إجراء وقائي حاسم من شأنه أن يحمي المنطقة من تكرار «التْسونامِيّات»، ولم تكلف بعض هذه السلطات نفسها عناء زيارة الموقع وتفقد الضحايا، وصب ذات السكان جام سخطهم في وجه مسؤول بالسلطة المحلية قام بزيارة لعين المكان، ولم يفتهم التعبير عن شجبهم القوي إزاء اللامبالاة التي تعامل بها المنتخبون والجهات المسؤولة مع وضعيتهم، وهددوا بتنظيم مسيرة شعبية إلى العاصمة الرباط لإثارة انتباه السلطات المركزية لمحنتهم، كما صرخوا في وجه قائد مقاطعة حضرية بأنهم من المساندين للغاضبين من عدم المراقبة التقنية والمالية للمشاريع المغشوشة، وطالبوا من خلال جريدة «الاتحاد الاشتراكي» بإعادة التفكير في وضعية القنطرة القديمة وإمكانية إزالتها باعتبارها من الأسباب التي تعيق مسار المياه الطوفانية، ما يقلب هذه المياه في الاتجاه المعاكس. الامطار الطوفانية، التي استغرقت بضع دقائق قليلة، تسببت في إحداث سيول جارفة غمرت عددا من الأحياء والمنازل والطرقات التي تقاطعت فيها هذه السيول، كشارعي محمد الخامس والزرقطوني وساحة المسيرة، واجتاحت عددا من الأزقة والشوارع وأغرقتها في «أنهار» ثقيلة من الأوحال والحجارة والمياه، ولعل مصالح الوقاية المدنية تعذر عليها التوزع السهل بين المواقع التي عرفت حصارا كبيرا، أو بين المتضررين الذين لجأوا إلى الاتصال المتكرر بها، والذين داهمت مياه الأمطار الطوفانية منازلهم وعجزوا عن مقاومة غضبها، كما هو الحال بالنسبة لزنقة واد الشعبة بحمرية، وزنقة سوس وأروكو و20 غشت وإيتزر ووجدة وتازة وبوجدور وأبي رقراق ومديونة ثم شارع الدارالبيضاء مثلا، واستعرض بعض المواطنين حالات مؤلمة من قبيل محاصرة المياه لعدد من السكان داخل بيوتهم، وبعض الأسر التي لم تتمكن من الإفطار، بعد أن وجدت نفسها تتنفس تحت المياه والأوحال. وصلة بذات السياق، عرف شارع محمد الخامس كارثة مهولة بعد أن فاجأته السيول المائية الغاضبة وغمرت جل محلاته التجارية وأحدثت خسائر متفاوتة الحجم، فيما عاشت أزقة أخرى بأحياء كثيرة من قبيل آمالو، لاسيري، المسيرة، الفتح، بودراع، تعلالين وبامحمد وغيرها نفس الوضعية، ولم يفت سكانها الإعراب مجددا عن تذمرهم العميق تجاه ما يعانونه مع كل تساقط غزير للأمطار رغم ما سمي ب»مشروع التطهير» الذي يجهل دوره ومصيره، وكذلك «برنامج تأهيل المدينة» الذي تمكنت الأمطار الطوفانية من إزالة «الماكياج» عن وجنتيه، وكذلك رغم الوعود بتقوية البنية التحتية وتنظيف البالوعات واستبدال القنوات القديمة بأخرى تستجيب للتوسع العمراني. والواضح أن «إنذار» الأمطار الطوفانية الأخيرة أكد مرة أخرى على أهمية الإسراع بإصلاح ما يجب إصلاحه من وسائل لوجيستيكية وبنيات تحتية لمدينة معروفة بعواصفها وفيضاناتها وأمطارها الطوفانية المفاجئة، إضافة إلى ضرورة تجهيز الوقاية المدنية بالوسائل اللازمة. ومن ضحايا الكارثة مواطن لم يتوقف عن مكاتبة الجهات المسؤولة والسلطات المحلية بخنيفرة، في سبيل التدخل لرفع ضرر يهدده من حين لآخر، سيما بعد إحداث مركب من الدكاكين بمحاذاة بيته، وتحديدا بموقع ظل إلى وقت قريب تحت تصرف وزارة الفلاحة، والفاصل بين سوق الزربية واتصالات المغرب، ما سد جميع منافذ ومجاري المياه دونما أي مراقبة تقنية ولا حتى التفكير في إحداث مجرى لتصريف المياه العادمة والشتوية، الأمر الذي وضع مسكن المواطن المعني بالأمر تحت التهديد، وخلال الأمطار القوية الأخيرة غمرت المياه والأوحال الزقاق الذي يقطن به، والذي لا وجود به لأية بالوعة يمكنها تصريف المياه، وتحولت إلى مستنقع مملوء بالقاذورات وفضلات اقتحمت بيته وجرفت ما به من أثاث وتجهيزات منزلية.