«طرقنا باب القائدة، هذه السيدة التي انتظرنا أن تكون أكثر حزما في تطبيق القانون وألا تسمح بالتسيب والفوضى، انطلاقا من السلطة المخولة لها، واعتبار لأن النساء في طبيعتهن يرفضن التحايل، إلا أن شيئا لم يتغير، بل أصبحت السلطة المحلية بالملحقة الإدارية لاجيروند، تمارس معنا لعبة القط والفأر، التي يبدع فيها البعض ممن يتحملون هذه المسؤولية سواء أكانوا إناثا او ذكورا محققين التكافؤ في هذا الباب ؟!»، إنه تصريح من ضمن مجموعة تصريحات أدلى بها مواطنون يقطنون بزنقة بيرجراك بحي لاجيروند التابع إداريا إلى نفوذ عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان، تصريح مصحوب بنبرة إحباط وخيبة أمل، تعاقب على ترديده بصيغ مختلفة لكن بمضمون واحد، نساء ورجال راشدين يعون جيدا مضمون كل كلمة نطقوا بها، والذين أكدوا بأنهم أصبحوا يفكرون في خوض أشكال احتجاجية هي قيد الدرس والتشاور فيما بينهم، بما أن الشكايات، وبما أن اللقاءات مع «قائدة» لاجيروند لم تعد تجد نفعا ولم تؤت أكلها، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه للتساؤل حول الجهة أو الجهات التي لها المصلحة في استمرار حالة الفوضى والتسيب التي طالت وتطال مجال التعمير، واحتلال الملك العمومي ..، وغيرها من الممارسات التي تصب كلها في خانة عدم احترام القانون وشرعنة الفوضى ؟ الانتقادات المتعددة والتي جاءت بالجملة، كان مصدرها الأول أرملة تدعى « الباتول . ح » تقطن بالطابق الأول من الزنقة، بالرقم 43 شقة 5 ، هذه السيدة التي انقضت حيلتها أمام التسويف، الذي تصرح بأنها كانت عرضة له من طرف قائدة ملحقة لاجيروند ومن معها، وهي التي طرقت بابها مرارا وتكرارا أملا في أن تتدخل السلطة المحلية لثني صاحب شركة لبيع علب التلفيف المعدني عن تجاوزه للقانون، حيث أقدم على إحداث بناء عشوائي بالفناء الخلفي المخصص انطلاقا من التصميم للتهوية، وهو ما تمت الإشارة إليه في مقال سابق، إلا أنه وعوض توقيف هذا البناء العشوائي غير المرخص وغير القانوني، منح الضوء الأخضر لتكرار العملية مرة أخرى، بإحداث بناء ثاني كشكل من أشكال التحدي، حيث أصبح الفناء المذكور يتوفر على طابقين اثنين، متسببا لها في مشاكل على مستوى التهوية، في حين اكتفت السلطة المحلية، وفقا لتصريحها دائما، بتقديم الوعود المتكررة بأنها سوف تتدخل إلا أن شيئا من ذلك لم يقع ! الشركة المعنية لم يكتف أصحابها بالتطاول على قانون التعمير، وإنما احتلوا حتى الملك العام، وأغلقوا المداخل المؤدية إلى المنزل، الذي تتم محاصرة جنباته بعدد من الوسائل والمواد المستعملة في عمل الشركة، من قبيل الألواح الخشبية والصفائح الحديدية وغيرها من المواد التي لايرتبط بحضورها بفتح الشركة لأبوابها وإنما يمتد إلى الساعات التي تكون فيها أبوابها مغلقة. المظاهر الشائنة بزنقة بيرجراك، استمرت على شكل يوحي بأن التواطؤ هو سيد الموقف، وذلك من خلال شركة أخرى للنقل الخاص، التي استحوذت على الرصيف وجانب من الشارع، وحولته إلى ورشة لإصلاح حافلات الشركة ميكانيكيا ومطالة، ولتنظيفها بالهواء المضغوط، مع ما يتسبب ذلك من إزعاج للسكان ومن استهداف لسكينتهم وللهدوء ولصحتهم بشكل عام. من جهته مسجد الصديق الذي أحدث حتى يكون فضاءا للتعبد وللاطمئنان، وأن يعمل على خلق السكينة في النفوس والهدوء في الحي، أصبح الحمام الذي يتواجد أسفله مصدرا للإزعاج ولنشر التلوث بفعل الدخان المنبعث من مدخنته، والذي حول شرفات وأسطح البنايات إلى لوحة سوداء قاتمة، أما الباعة المتجولين من أصحاب العربات المجرورة والفراّشات، فقد عملوا بدورهم على الرفع من حدة التوتر داخل هذا الزقاق، الذي كان ينتظر سكانه أن ينعموا بالهدوء وألا يقض مضجعهم أي مشكل، فإذا بالحياة اليومية به تصبح مزيجا من المشاكل المختلفة. أما المشردين ومن لا مأوى لهم والذين اتخذوا من بناية إحدى الوكالات البنكية ملاذا لهم، فإن مصيرهم يعرف مدا وجزرا، إذ أن السلطة المحلية التي كانت تغض الطرف عنهم، أصبحت تقوم بين الفينة والأخرى بشكل نادر بحملات من أجل إخلاء الزقاق منهم وتوجيههم إلى دار الخير تيط مليل، إلا أنها تظل حملات موسمية لم تمنع من استمرار حضورهم بأعداد مختلفة، متسببين في حالات من الفوضى التي تكررت مشاهدها غير ما مرة، والتي تطورت مرارا من الألفاظ البذيئة والساقطة، إلى مواجهات دامية، أو محاولات للاغتصاب، وتشكل خطرا على الأطفال واليافعين بالمنطقة ؟ فوضى بيرجراك بلاجيروند تتطلب، وفقا للمتضررين، تدخلا حازما يجسد منظومة الحقوق والواجبات التي يتعين أن يتحلى بها المواطنون، والإدارات العمومية، ومختلف المصالح التي تضطلع بأدوار غايتها احترام القانون والسهر على الحفاظ على النظام العام وعلى الأمن.