حقق الثوار الليبيون نصراً حاسما، أول أمس، باقتحامهم لمجمع باب العزيزية في طرابلس، من أربعة محاور والسيطرة على مقر اقامة العقيد معمر القذافي الذي كان يطلق عليه اسم «بيت الصمود»، ورفع علم الثورة عليه. وشن الثوار هجومهم الرئيسي من «باب النصر» بعد غارات مفاجئة شنتها طائرة تابعة للحلف الاطلسي. وبثت تلفزيونات العالم صوراً حية للمقاتلين والمدنيين داخل المجمع وصوراً لأحد المقاتلين يحمل بندقية مذهبة. وقال شاهد عيان إن مئات من المقاتلين استولوا على مستودع للسلاح في جزء من «مجمع القذافي»، وعلى بنادق قناصة جديدة في علبها البلاستيكية. وقال شهود عيان ان القتال كان لا يزال جارياً في اماكن اخرى من المجمع ليلا، وكان بعض القناصة الموالين للقذافي يطلقون النار على المقاتلين الذين يتقدمون داخل المجمع. ويتألف المجمع من مبان عدة. وعثر الثوار في احدها على كميات من الذخائر والمسدسات والبنادق الرشاشة واستولوا عليها. وكانت الجثث منتشرة على الارض، ويبدو انها تعود الى عناصر من قوات القذافي في حين سقط عدد كبير من الجرحى. وقال العقيد باني ل»«هيئة الاذاعة البريطانية» «إنه لا يعتقد بأن القذافي غادر البلاد، ونعتقد بانه ما زال داخل ليبيا. ونعتقد بانه اما في طرابلس أو بالقرب منها وسيتم العثور عليه ان عاجلاً أم آجلاً سواء حياً ومقبوضاً عليه، وهذه افضل نتيجة نريدها، أو إذا قاوم فسيكون ميتاً». وفي نيويورك أنذر نائب السفير الليبي في الأممالمتحدة ابراهيم الدباشي أفراد عائلة القذافي بأن «حياتهم الآن في خطر». معتبرا أن «هروب» كل من نجلي القذافي، محمد وسيف الإسلام، من قبضة الثوار كان نتيجة عدم وجود «قيادة صارمة للاحتجاز والاعتقال». علي صعيد آخر، كشف مصدر جزائري أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، اجتمع بكبار القادة العسكريين والأمنيين في البلاد عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافي. وهو الاجتماع الذي تمخض عنه إنشاء لجنة عسكرية وأمنية عليا مهمتها متابعة الوضع داخل ليبيا بناء على تقارير أمنية، والتعامل مع المستجدات على الحدود بالتنسيق المباشر مع بوتفليقة ورئيس هيئة أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. وأشار المصدر إلى أن الاجتماع ناقش عدة احتمالات لتطور الأوضاع في ليبيا بعد استيلاء المعارضة على العاصمة، واحتمال امتداد المعارك إلى الصحراء الليبية المتاخمة للحدود الجزائرية، مع وجود تقارير تتحدث عن نزوح وحدات عسكرية موالية للقذافي إلى منطقة «حمادة الحمراء» القريبة من الحدود الجزائرية، وتواجد وحدات عسكرية تابعة للقذافي في منطقة «حاسي جرير» جنوب شرق غدامس، على بعد 150 كلم من الحدود الجزائرية. وقالت الصحيفة إن اجتماع المجلس الأعلى للأمن، وبتوصية من قيادة أركان الجيش، صادق على إجراءات الأمن السابقة التي تضمنت إغلاق الحدود وفتح منفذ وحيد هو معبر «الدبداب» والتصدي لأي محاولة تسلّل، إذا رفض المتسللون الانصياع للأوامر العسكرية بالتوقف. وأضافت، نقلاً عن المصدر، أن قيادة الجيش رفعت منذ الأحد الماضي مستوى التأهب في صفوف الوحدات البرية العاملة قرب الحدود الليبية إلى الدرجة القصوى، وزادت من عدد طلعات المراقبة والاستكشاف الجوية، بعد أن تم رصد تحرك مجموعات من سيارات الدفع الرباعي المسلحة شبه العسكرية في مناطق «بزاعي وعواكر›› في ليبيا جنوب منطقة «الحمادة الحمرا» القريبة من الحدود الجزائرية. وقال المصدر إن السلطات الأمنية تتخوف أن تمتد المعارك إلى هذه المناطق الحدودية، وعليه شرعت السلطات العسكرية والمدنية في ولاية إليزي على الحدود مع ليبيا في التحضير لاستقبال موجات من النازحين من الأجانب والعسكريين الفارين والمدنيين الموالين لنظام القذافي بعد استيلاء قوات المعارضة على العاصمة طرابلس، وشددت قوات الجيش إجراءات الأمن على طول الحدود الجزائرية-الليبية. واشنطن تعتزم صرف حتى مليار ونصف دولار للثوار أعلنت وزارة الخارجية الامريكية أن واشنطن تعمل على صرف ما بين «مليار ومليار ونصف مليار دولار خلال الايام المقبلة من الاموال الليبية المجمدة الى المجلس الوطني الانتقالي الممثل للثوار الليبيين. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند إن الاموال ستدفع للمجلس الوطني الانتقالي بهدف «تلبية الاحتياجات الانسانية، والمساعدة على تشكيل حكومة مستقرة وآمنة». وقالت إن المبلغ يمثل «أقل بقليل من نصف » أموال نظام القذافي النقدية المجمدة في الولاياتالمتحدة. وجمدت الولاياتالمتحدة نحو37 مليار دولار من الممتلكات والموجودات الليبية. وقالت نولاند إن واشنطن تعمل على هذه الخطوة «بشكل عاجل» في إطار لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة. وأضافت ««نأمل أن نحسم الامر خلال الايام المقبلة. هذا يتطلب الكثير من الجهود الديبلوماسية». بعد الحرب السلام يبقى أولوية الأولويات حتى بعد سقوط القذافي، يتعين على الثوار أولا تأمين العاصمة. وهناك تخويفات من أن تشهد طرابلس تصفية حسابات وأعمال انتقام دموية في مدينة تعج بالسلاح... بعد تحقيق النصر في المواجهة العسكرية، يتعين على الثوار أن يكسبوا معركة السلام. والمجلس الوطني الانتقالي نشر في الأيام الأخيرة وثيقة بمثابة إعلان دستوري تحدد في 37 فصلا، المراحل الكبرى للفترة الانتقالية. هذه الفترة التي يتوقع أن تستمر 8 أشهر، يتعهد المجلس الوطني بعدها بالتخلي عن السلطة بعد أن يكون قد شكل حكومة انتقالية وانتخب جمعية وطنية انتقالية. هذه الجمعية ستكون مهمتها تعيين حكومة جديدة، وتنظم في غضون 6 أشهر انتخابات عامة تحت إشراف الأممالمتحدة. ويتعين عليها في غضون ذلك أن تعين لجنة مكلفة بإعداد دستور جديد يعرض على استفتاء شعبي. وهكذا يبدو أن المجلس الوطني الانتقالي يريد تفادي تشكيل مجلس تأسيسي قد يؤدي الى إطالة أمد الفترة الانتقالية. وثيقة «»الإعلان الدستوري»« ترسم في طياتها ملامح دولة ديمقراطية مبنية على التعددية السياسية. الملاحظ أن هذه الوثيقة مطبوعة بوضوح بمرجعيتها الدينية, إذ تؤكد على أن الشريعة هي المصدر الاساسي للقانون، وهو ما يترجم قوة وحجم التيار المحافظ داخل المجلس الوطني الانتقالي. الإعلان ينص أيضا على ضمان الحريات الجماعية والفردية وحقوق الانسان الأساسية وتكافؤ الفرص... لكن هناك عدة محطات يتعين تجاوزها بعد سقوط طرابلس، ومستقبل الأحداث سيبقى رهينا أولا بمصير القذافي, فإذا كان العقيد متحصنا في مكان داخل المدينة، فإن المعارك ستتركز لامحالة حول مخبآن، ومآل هذه المعركة يمكن تصوره، ولكن إذا كان القذافي قد خرج من طرابلس ويختبى في المناطق القبلية الموالية له يتوقع أن تشهد مقاومة يائسة وشرسة قد تأخذ وقتا أطول. ويعتقد أن يلجأ القذافي الى منطقة بني وليد جنوب العاصمة معقل قبائل ورفلة التي ظلت حتى الآن موالية له. ويمكن أن تظل بعض الجيوب تقاوم في الشرق خاصة حول مدينة سيرت مسقط رأس القذافي. اللهم إذا جرت مفاوضات لحقن الدماء، وتفادي إهانة المهزوم، وهو أمر في غاية الأهمية في سلوك وثقافة القبائل. وحتى بعد رحيل القذافي، يتعين على الثوار أولا تأمين العاصمة. وإذا ما ظل القذافي حيا أو على الاقل مختبئا ولم يتم اعتقاله أو تصفيته. فإن احتمال قيام أنصاره بعمليات حرب عصابات هنا وهناك يبقى واردا. وهناك تخوف حقيقي من حصول عمليات انتقامية دموية خاصة في مدينة تعج بالسلاح، ومثال بنغازي التي لم يتمكن المجلس الوطني الانتقالي حتى الآن من بسط الأمن، فمابالك بطرابلس. وهذا المعطى يدفع الى الحذر في التفاؤل. المجلس الوطني الانتقالي وضع خطة لنشر 15000 رجل للقيام بمهام الأمن، لكن يتعين أولا إحداثها وتشكيلها سيكون صعبا وحاسما، وإذا لم تتشكل هذه القوة من %50 على الأقل من سكان الغرب الليبي فإن احتمالات الفشل أو وقوع احتكاكات وانفلاتات أمر وارد. فسكان وقبائل الزنتان، حققت النصر لأنها كانت أكثر تنظيما وانضباطا، وسيطالبون بأن تترجم مساهمتهم العسكرية الحاسمة على المستوى السياسي. والمجلس الوطني الانتقالي يعيش هذه الصراعات ولم يتمكن حتى الآن من تعيين حكومة انتقالية، وقد تشهد المفاوضات الجارية حاليا لتشكيل الحكومة بعض الصعوبات. والمنشقون عن نظام القذافي في آخر لحظة، أمثال عبد السلام جلود، أحد صقور النظام السابق، الذي أبعد منذ مدة وتحول الى رجل أعمال، لن يكون لهم على الأرجح أي دور حاسم. والحلف الأطلسي أيضا عليه أن ينهي مهمته. وهو قرار صعب. فهل ستنتهي مهمته المتمثلة في »حماية المدنيين« بسقوط القذافي، إذا ما استمرت أعمال العنف؟ الجواب قد يكون نقل مسؤولياته الى الأممالمتحدة وإرسال قوات أممية الى هناك؟ وعموما فتاريخ ما بعد القذافي مازالت أهم فصوله لم تكتب بعد. عن الفيغارو نيكاراغوا تعرض على القذافي اللجوء نقلت وكالات أنباء وتلفزيونات عن الناطق باسم الرئاسة في نيكاراغوا قوله إن بلاده مستعدة لمنح اللجوء للعقيد الليبي، معمر القذافي. وكان الزعيم الليبي قد أكد، أول أمس، في كلمة صوتية، سيطرة الثوار الليبيين الثلاثاء على مقره العام في باب العزيزية بطرابلس لم jكن سوى «انسحاب تكتيكي « من جانبه. وقال «قائد» الثورة الليبية في تصريح لمحطة تلفزيون العروبة وبثه الموقع الالكتروني لمحطة الليبية التابعة لنجله سيف الاسلام ان «باب العزيزية لم يبق منه إلا الحجارة والطوب، وذلك بسبب قصفه من قبل قوات الناتو ب 64 صاروخا وانسحابنا منه كان تكتيكيا». وقال معمر القذافي في تصريحات صوتية أخرى أذاعتها محطة تلفزيون الرأي انه يجب على سكان طرابلس «تطهير» العاصمة الليبية من المعارضين. وقال القذافي «يجب على كل الليبيين ان يكونوا موجودين في طرابلس من الشباب والرجال والنساء من القبائل كلها لتقوم باكتساح طرابلس وتمشيطها من الخونة.» واضاف قوله «انا خرجت قليلا في مدينة طرابلس من غير أن يراني أحد ... ولم أحس ان طرابلس في خطر.» من جهة أخرى أطلقت كتائب معمر القذافي مساء الثلاثاء عدة صواريخ سكود من ضواحي سرت، مسقط رأس الزعيم الليبي، باتجاه منطقة مصراتة التي يسيطر عليها الثوار، حسب ما اعلن هؤلاء. وجاء في بيان للمركز الاعلامي للمجلس العسكري في مصراتة التي تبعد حوالى 250 كلم الى شمال غرب سرت ان «صواريخ سكود اطلقت على مصراتة وسمعت انفجارات قوية». القذافي يتعهد بالعودة إلى طرابلس على رأس جيش من المتطوعين قالت مصادر إن قوات تابعة للقذافي أطلقت ما يزيد عن 70 صاروخا باتجاه معاقل الثوار، كما هاجمت القوات بلدة العجيلات بالصورايخ والدبابات. من جهته أجرى الناطق باسم الحكومة الليبية، موسى إبراهيم، اتصالا هاتفيا مع قناة الرأي، التي تبث مشاركة مع قناة العروبة الفضائية. وقال إبراهيم إن الموقف العسكري والميداني للقوات الليبية قوي جداً، وأنهم كانوا مستعدين لهذا الأمر وأعدوا العدة لذلك، مشيراً إلى أنه «لدينا هدف واضح هو النصر.» وقال إبراهيم إن جحافل المتطوعين مازالت تصل طرابلس، مشيراً إلى أن 6500 متطوع وصلوها، متعهداً بتحويل حياة «هؤلاء المتمردين إلى جحيم لا يطاق»، مضيفاً «سنحول ليبيا إلى جحيم للصليبيين.» وزعم موسى إبراهيم أنه تم إلقاء القبض على 4 قطريين وإماراتي واحد برتب عالية مع طاقم أجنبي يوفر لهم الدعم اللوجستي وذلك في ضواحي طرابلس، مشيراً إلى أنه تم القبض أيضاً على من وصفهم ب»القيادات العسكرية لثوار الناتو.» وأضاف أنه يتم الآن الإعداد لزحف مليوني على طرابلس بمشاركة قبائل ليبية، وأضاف أنه بإمكان المتطوعين العرب التوجه إلى ليبيا «وسنمدهم بكل شيء من سلاح وذخيرة وحتى تدريب.» التوافق غير المؤكد لما بعد القذافي بدأ التساؤل يتردد بإلحاح عن الشخصية أو الشخصيات القادرة على تجسيد الوجه الجديد للسلطة في ليبيا... من بإمكانه قيادة ليبيا بعد سقوط القذافي؟ السؤال سيطرح بقوة مباشرة بعد أن ينهي الثوار مهمة إسقاط القذافي. وبشكل متناقض سيتعين على الليبيين إيجاد شخصية قادرة على تجسيد نفس الدور الذي كان يجسده القذافي لكن بصيغة ديمقراطية هذه المرة: الحفاظ على الوحدة الحديثة لدولة لم تتشكل إلا في بداية القرن 20 انطلاقا من المحافظات العثمانية السابقة التي استعمرتها إيطاليا، منطقة طرابلس الغرب ومنطقة بنغازي الشرق يضاف إليها منطقة قزان الجزء الواسع من الصحراء الغني بالنفط. المناطق الثلاث ، ولاسيما المنطقتان الشرقية والغربية ظلتا متنافستين، دون أن ننسى الوضعية الخاصةة لمصراتة، المدينة المقاومة في شرق طرابلس، التي لم تنس لا الأصول التركية لنصف سكانها ولا تحولها ما بين 1918 الى 1920 الى جمهورية مستقلة تحدت الايطاليين قبل القذافي، هذا الاخير عرف كيف يستغل ويلعب على هذه الصراعات لصالحه لكن في إطار الجماهيرية الوحدوية. اليوم هذه الاختلالات تخرج الى العلن، وبسبب هذه الاختلافات لم يستطع المجلس الوطني الانتقالي، الجهاز السياسي للثورة، حتى الآن تعيين لجنة تنفيذية (الحكومة) منذ نهاية يوليوز. وكانت الحكومة السابقة قد تمت إقالتها مباشرة بعد الاغتيال الغامض للجنرال عبد الفتاح يونس رئيس أركان قوات الثورة والذي كان يشغل قبل انشقاقه منصب وزير الداخلية في نظام القذافي، ويصطدم رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل حاليا بانتقادات ومؤاخذات مختلف المناطق، حيث تطالب كل منطقة أو قبيلة بتمثيلية في مستوى إنجازاتها ومجهوداتها العسكرية، فمنطقة الزنتان، وهي من القبائل الكبرى في الغرب تدعي النصر العسكري. وهي التي ساهمت في فك وضعية عسكرية مستعصية من خلال توحيد مقاتلي المدن الساحلية الذين تمكنوا من شن هجمات مهمة وحاسمة ضد كتائب القذافي التي كانت تحتل مدنهم، وكانت قبائل الزنتان قد شكلت أثناء المواجهات بنيتها العسكرية والسياسية الخاصة وأرسلت مبعوثين عنها الى الخارج ولاسيما الى فرنسا. نفس الشيء بالنسبة لقبائل مصراتة. وخلال زيارته الاخيرة لفرنسا ركز ممثلهم مطالبه على مدينة مصراتة فقط دون ذكر المناطق الأخرى. القذافي عمل طيلة فترة حكمه على تأجيج الهويات الجهوية القبلية، وبالتالي سيكون على القادة الجدد العمل على التهدئة والتأليف بين الإخوة الأعداء. وحتى الآن لم تبرز أي شخصية من بين أعضاء المجلس الوطني الانتقالي، وأغلبهم من رموز النظام السابق، فالرئيس مصطفى عبد الجليل وزير العدل السابق في نظام القذافي، هو رجل محترم ومحافظ على المستوى الديني. أما الوزير الأول بدون حكومة السيد محمود جبريل فهو دبلوماسي سابق ومسؤول سابق عن التنمية في عهد القذافي، علاقات كثيرة ومتعددة في الخارج لكن قد لا يسعفه ماضيه في الاضطلاع بهذه المهمة الدقيقة. أما شكري غانم، الوزير الاول السابق في نظام القذافي يمكن أن يستفيد من صورته كتقنوقراطي ظل مهمشا ولم يستطع مجابهة رجالات النظام الأقوياء. كان مرتبطا بسيف الاسلام، نجل العقيد القذافي الذي كان يظهر وجه الرجل الذي يريد تحديث ليبيا، وكان يجسد في عهد النظام السابق الأمل في قيام نظام عادي في ليبيا. وتجربته كوزير سابق للنفط قد تؤهله للعودة الى نفس الدور داخل السلطة الجديدة الحريصة على العودة بسرعة الى استغلال الذهب الأسود. ومن بين القيادات السابقة في النظام التي تحاول التموقع للمستقبل، هناك عبد السلام جلود، الرجل الثاني السابق في نظام القذافي الذي ابتعد عنه القذافي سنة 1994، ويبدو أنه شخص لا يغري كثيرا، رغم التحاقه بالثورة في آخر لحظة، والليبيون لن ينسوا أبدا أنه كان يمثل الجناح الأكثر تشددا والأكثر دموية وشراسة داخل النظام. واليوم هو رجل أعمال مرتاح جدا في وضعه الجديد في باريس أو روما أكثر من طرابلس. وانتماؤه لقبلية المقارحة، حلفاء القذافي، لا يؤثر بالضرورة على التحاق هذه القبيلة بالثورة، ويبدو أن جلود يعمل أولا وقبل كل شيء لحسابه الخاص. ويمكن أن يظهر زعماء جدد من الغرب، من أوساط اللجان المدنية والعسكرية التي تشكلت في الجبال، في طرابلس يتوقع أن يمثل السلطة مواطن من المدينة، محايد بما يكفي وهو أمر ليس سهلا في مدينة ظل نصف سكانها يساندون القذافي حتى آخر لحظة. وتبقى المهمة المستعجلة المطروحة على المجلس الوطني الانتقالي هي تشكيل حكومة انتقالية تجسد السلطة الجديدة في الداخل وفي الخارج. لكن الأهم والأصعب لايزال لم ينجز بعد. عن لوموند