إن أمية التقاضي على ثلاث مراحل قد يزيل بعض الأخطاء القضائية أو ما ينتج عن السهو أو النسيان أو نقصان التعليل غير المقصود... لذا يعتبر قضاة المجلس الأعلى بمثابة مصفاة للأحكام والقرارات المعروضة عليهم في إطار النقض. القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 13 - 5 - 09 تحت عدد 769 في الملف التجاري عدد 07/1/3/1408 يوضح أهمية صحة الإنذار في دعاوي إفراغ المحلات التجارية والزيادة في السومة الكرائية، ندرجه دعما لاجتهادات موضوعية القضاء. بالرجوع لمستندات الملف والقرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء أداء المطلوب في النقض (شركة) أنها تملك المحل الكائن ب (-) الذي يكتريه منها الطالب (رجل) مقابل (1000) درهم شهريا، ورغبة في رفع السومة الكرائية إلى (3000) درهم وجهت له إنذارا في إطار ظهير 24 - 5 - 55 بتاريخ 29 - 4 - 02 تنذر بالرفع ابتداء من 1 - 6 - 02 توصل به في 23 - 5 - 02، فتقدم بدعوى المصالحة، فأصدر رئيس المحكمة التجارية قرارا بسقوط الحق في الانتفاع بما يخوله ظهير 55 طبقا للفصل 29 منه، لأجله تلتمس (الشركة) المصادقة على الإنذار والحكم بالرفع السومة الكرائية إلى (3000) درهم. أجاب المدعى عليه بأن حكما صدر عن رئيس المحكمة التجارية بالبيضاء بتاريخ 20 - 12 - 01 في الملف عدد 515 - 01) قضى بتجديد العقد لمدة ثلاث سنوات ابتداء من 7 - 19 - 01 مع الإبقاء على باقي الشروط للقيمة الكرائية الحالية. وبتاريخ 10 - 1 - 05 أصدرت المحكمة التجارية حكما بالمصادقة على الإنذار والحكم تبعا لذلك برفع السومة الكرائية إلى (3000) درهم شهريا ابتداء من 1 - 6 - 02 استأنفه المحكوم ضده بعلة أن الإنذار وجه له أثناء سريان مدة العقد التي جددت بالحكم الصادر في 20 - 12 - 01. وبعد انتهاء المناقشة أصدرت محكمة الاستئناف قرارا بتأييده وهو المطعون فيه بالنقض وهذه حيثيات قرار المجلس الأعلى: »... حيث إن الثابت من مناقشة القضية كماهي معروضة على قضاة الموضوع أن الطاعن تمسك في سائر مراحل الدعوى بأن عقد الكراء الرابط بين الطرفين جدد بمقتضى الأمر الاستعجالي الصادر في 20 - 12 - 01 في الملف 515 - 01 لمدة ثلاث سنوات ابتداء من 17 - 9 - 01 وهو تاريخ توصله بالإنذار مع الإبقاء على باقي الشروط للقيمة الكرائية المحددة في (1000) درهم، ودعم دفعه بالأمر المذكور، وأضاف أن الإنذار المطلوب المصادقة عليه بمقتضى الدعوى الحالية والذي وجه له في 29 - 4 - 02 وتوصل به يوم 23 - 5 - 02 وجه قبل انتهاء مدة العقد الجديد، موضحا أن المحكمة لم تركز قرارها علي أساس لما استبعدت الدفع المثار بعلة: »أنها لا يمكنها مناقشة الإنذار الذي بنى عليه القاضي سقوط الحق لنهايته«. والحال أن الدفع المثار من طرف الطاعن يتعلق أساسا بصحة الإنذار الموجه إليه في إطار ظهير 24 - 5 - 55 والذي لا يمكن أن يترتب عنه الأثر القانوني إلا إذا كان مطابقا للقانون من ضرورة احترامه مدة العقد، وأنه لا يوجد في القانون ما يمنع المكتري من إثارة الدفع ببطلان الإنذار الموجه في الوقت غير المناسب ضد دعوى المكري الرامية إلى المصادقة على الإنذار والذي يظل الحق قائما فيه للمكتري ما لم يصرح القضاء باعتباره صحيحا تترتب عليه جميع آثاره القانونية، ولذلك فإن التعليل الذي اعتمدته محكمة الاستئناف تعليل مخالف للقانون، وما نعته الوسيلة يعتبر واردا على القرار موجبا لنقضه. لهذه الأسباب قضى المجلس الأعلى بنقض وإبطال القرار المطعون فيه وإحالة القضية على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون وبتحميل المطلوب (الشركة) في النقض النقض المصاريف«.