يمكن اعتبار حوادث السير في المغرب ظاهرة يختص بها دون غيره من البلدان من نفس الصنف، ذلك أن ما نسمعه يومياً من حوادث لوسائل نقل عمومية أو خاصة يجعلنا نتساءل: هل سينجح برنامج التربية على السياقة، أم أنه سيكون مثل غيره من البرامج والمنجزات صفقة يرتزق منها البعض دون أن تؤدي هدفها؟ جهل المواطن بالقانون يجعله يفقد بعض حقوقه ويلقي بلومه على القاضي الذي لا يعلل أحكامه تعليلا بسيطاً واضحاً مما يفتح معه الباب للشكوك. المجلس الأعلى أصدر قراره عدد 4451 بتاريخ 09/12/09 في الملف المدني عدد 08/5/1/742 بناء على القاعدة: «يخضع الضرر المعنوي الناتج عن حادثة سير تسببت فيها عربة برية ذات محرك (سيارة) لتشطير المسؤولية طبقا للفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود، وإن كان الفصل 4 من ظهير 1984/10/4 لا يخضعها للتشطير». يستفاد من وثائق الملف والقرار المطعون فيه بالنقض الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط في 07/7/12 في الملف المدني 17/07/117 ادعاء المطلوب ضدهما النقض ورثة (أ. ب) تعرضه بتاريخ 07/5/20 لحادثة سير مميتة تسبب فيها (ع. ج. غ) بسيارة (ع. ز. غ) المسؤول المدني والتمسا الحكم لهما بالتعويض مع إحلال شركة التأمين محل مؤمنها في الأداء. وبعد تمام المناقشة، صدر الحكم الابتدائي بتحميل المدعى عليه (ع. ز. غ) ثلاث أربع المسؤولية، وإبقاء الربع على عاتق أولياء الهالك، والحكم على المسؤول المدني بأدائه لفائدة كل واحد من المدعين التعويض الإجمالي المحكوم به وكذا التعويض عن مصاريف الجنازة وإحلال شركة التأمين محل مؤمنها في الأداء. وبعد استئناف الحكم الابتدائي من طرف شركة التأمين، أيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم مع خفض التعويض عن المصاريف الطبية، ليرفع الملف الى المجلس الأعلى الذي قضى ب«نقض وإبطال القرار بخصوص التعويض المعنوي والرفض في الباقي مع إحالة القضية على نفس المحكمة للبت فيها وهي مؤلفة من هيئة أخرى وجعل الصائر مناصفة». وبني قرار النقض والإبطال على «إن عدم إشارة الفصل 4 من ظهير 1984/10/4 المتعلق بتعويض المصابين في حوادث تسببت فيها عربات برية ذات محرك (سيارة) الى تطبيق نسبة المسؤولية على ما يستحقه المتضرر من تعويضات، فإنه لا يشير الى استبعاد المقتضيات العامة، المنصوص عليها في الفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود، التي تلزم المتسبب في الضرر بإصلاحه، وهو الإصلاح الذي يتم في حدود ما ينوبه من الخطأ، والمحكمة لما اعتبرت خلاف ذلك بدون أساس يكون قرارها مخالفا للقانون ومعرضا للنقض».