أبرمت ألمانيا صفقة ضخمة مع السعودية، ستحصل الأخيرة بموجبها على مئتي دبابة من طراز ليوبارد ذات الكفاءة العالية في حرب الشوارع. هذه الخاصية تحديدا جعلت جهات عدة تعرب عن مخاوفها من إقدام السعودية على استخدام دبابات ليوبارد الألمانية في قمع الحركات الاحتجاجية سواء داخل المملكة او خارجها. وهو ما يتعارض جملة وتفصيلا مع السياسة الخارجية لألمانيا. حاولت الحكومة الألمانية التستر على تفاصيل هذه الصفقة، معللة موقفَها بحقها الدستوري في التكتم على بعض القرارات لمصحلة الوطن إلى أن كشف تفاصيلها الصحفي توماس فيكولد المتخصص في الشؤون العسكرية وقضايا الأمن والذي استضافه القسم العربي للدويتشه فيله للحديث عن هذه الصفقة. كيف تمت هذه الصفقة، ولماذا كان إبرام هكذا صفقات ممنوعا في الماضي؟ اعتقد أن الأمر يتعلق بالسببين على حد سواء. إذا كان لنا أن نتذكر، قبل ثلاثين عاما طلبت السعودية دبابات ليوبارد، ولكن لم تحصل عليها. والآن حدثت عدة تغييرات. أولا، الوضع السياسي العام، إذ أن إسرائيل لم تبد أي اعتراض على هذه الصفقة. من ناحية أخرى هناك أيضا مصالح اقتصادية. بالنسبة لصناعة الأسلحة الألمانية فقد تم خفض عدد الجيش بشكل لم يعد يحتاج فيه إلى أسلحة كثيرة كما كان من قبل، لذلك ينبغي البحث عن أسواق تصدير دولية. لماذا تحتاج المملكة العربية السعودية، إلى هذه الدبابات الألمانية؟ لابد هنا من مراعاة إمكانيات السعوديين وماذا يريدون. فالسعودية تمتلك عدة آلاف من الدبابات، ومعظمها أمريكية الصنع وبعضها فرنسية وفي العام الماضي طلبت أيضا دبابات من الروس. أي أنه إذا كان الأمر يتعلق فقط بإمتلاك دبابات عسكرية فإن السعودية تمتلك الكثير منها. ولكن الأمر يتعلق بهذا النموذج الرائد، دبابات ليوبارد. ما هي المجالات التي من المتوقع أن تستخدم فيها المملكة العربية السعودية دبابات ليوبارد الألمانية؟ هنا ندخل في مجال التكهنات، فأولا نحن لا زلنا في مرحلة مبكرة جدا. إذ وافق مجلس الأمن الاتحادي سرا على طلب أولي، فهذا لا يعني أن هناك أي اتفاقات محددة، حول عدد الدبابات، وكيفية تجهيزاتها أو موعد تسليمها الذي سوف يستغرق بعض الوقت حتما. أما ما يتعلق بالتطورات في شبه الجزيرة العربية، والموقف الذي ستتخذه السعودية، أو تظهره على الأقل، فهذا أمر ستتم متابعته بالتاكيد. تحتل ألمانيا عالميا المركز الثالث في تصديرالأسلحة. هل نتوقع بعد هذا الاتفاق ارتفاعا في صادرات ألمانيا من الأسلحة ؟ «مسألة أكثر سهولة» هذا جانب آخر، ولكن حقيقة أن ألمانيا تحتل المركز الثالث فهذا ناتج عن أن ألمانيا تبيع أسلحة ذات تكنولوجيا عالية خصوصا لشركاء حلف شمال الأطلسي، والتي تصب في هذه الحسابات. الآن لدينا للمرة الأولى احتمال عقد صفقة كبيرة خارج نطاق حلف شمال الأطلسي. لا أعرف إذا كان ذلك يعني أن هذا التصدير سيكون أكثر سهولة في المستقبل، فهذا يعتمد بطبيعة الحال أيضا على الجدل السياسي الحالي وخلال الايام القليلة المقبلة.