سأصوت بنعم على الدستور، لأنه لا يمكن أن أصوت بلا على مبدأ فصل السلط، وإذا فعلت ذلك، فلن أغفر لنفسي أنني شاركت في تكديسها في يد واحدة. سأصوت بنعم، لأنه لا يمكن أن أصوت بلا على دستور يقول في ديباجته بأننا ملكية برلمانية دستورية وديموقراطية واجتماعية، وإذا ما صوت بلا، سأخجل من كل دماء الاتحاديين التي سالت في الطرقات والمنافي والسجون والأقبية، وقت كان لا أحد يقول بغير المخزن والتقليدانية. سأصوت بنعم، لأنه يصعب علي أن أصوت بلا على دستور يقول إن الملك مواطن مثلي.. إذا قلتها، فإنني أحلم بأن أعود رعية في الظل، وسأخجل من الخروج إلى العالم الحر اليوم.. سأصوت بنعم، لأنني طالبت بأن يكون التشريع حصريا على البرلمان، ولأنني إذا قلت لا، فأنا أريد أن أعود إلى ربقة التشريع القديم.. سأقول نعم، لأنني ضد أن يعود رئىس الحكومة إلى جلباب أول الوزراء بلا نشيد ولا سلطات ولا وجه.. سأقول نعم، لأنني أريد رئيسا للحكومة من الحزب الذي ينال الأغلبية، وإذا قلت لا، فسأحلم مرة أخرى بكابوس النكسة التي وقعت في 2002 . سأقول نعم، لأنني أريد قضاء مستقلا، ومجلسا أعلى يصبح مجلس السلطة القضائية، ويضم، لأول مرة، شخصيات من خارج سلك القضاء. وإذا قلت لا، سأبشر بالعودة إلى منطق مغلق على ذاته في قطاع أصبح هو قوة التقدم في عالم اليوم. سأقول نعم، لكي لا يصبح الخيار بين التقنوقراط وبين المجتمع المدني، وإذا قلت لا، سأفتح الطريق أمام عودة المأزق الأشمل للسياسة الشاملة لقتل السياسة!! سأقول نعم، لأنني مقتنع بأننا يمكن أن نتطور على أرضية ما نجتمع عليها، ولأنني متيقن بأنني لن أكون من ضمن 99,99 % بل ضمن نسبة معقولة من التصويت الإيجابي.. ولعل نعم اليوم تعني بالضرورة الشجاعة الأدبية للإقرار أننا وجدنا الأرضية المشتركة لكي نتطور معا. وأننا لن نختار الوصول إلى التناحر القديم ، تناحر الشرعيات والمصالح، بل سنتقدم جميعا إلى المعركة الأخرى، معركة القضاء على الفساد والزبونية، والقضاء على الشك والريبة، واحتمالات التعثر من جديد.. لأننا سنتفق على مشترك سياسي نحتكم إليه من أجل التطور معا، ضمن الاختلاف وضمن التمثل القوي لدولة الحق والقانون.