جريدة الاتحاد الاشتراكي نظمت المندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة بالحسيمة وفرع اتحاد كتاب المغرب بالناظور حفل تقديم وتوقيع ديوان«غنج المجاز» للشاعر جمال أزراغيد يوم السبت11 يونيو 2011 بقاعة العروض بدار الثقافة الأمير الحسن الأول بالحسيمة. هذا الحفل الذي ساهم فيه إلى جانب الشاعر الناقدان نجيب العوفي وعبد الله شريق والأستاذ محمد العربي هروشي وسيره المندوب الإقليمي لوزارة الثقافة الأستاذ كمال بن الليمون الذي استهل كلمته الترحيبية بالشكر للحضور الذي لبى الدعوة وبأعضاء فرع الاتحاد بالناظور على تعاونهم الثقافي وبالأساتذة النقاد المشاركين. ثم عرف بالشاعر جمال أزراغيد الذي أمضى أكثر من عقد بالحسيمة أستاذا بالتعليم الثانوي التأهيلي للغة العربية، وارتبط بصداقات إنسانية وإبداعية مع أهل المنطقة .كما عرف بانشغالات ومنجز هؤلاء الأساتذة في مجال النقد تنظيرا وممارسة. تدخل الناقد نجيب العوفي الذي عبر عن سعادته بهذه العودة الميمونة إلى الحسيمة بعد غيبة ليلتقي بجمهورها العزيز ويشارك في هذا اللقاء التدشيني الأول للعمل الشعري الثاني للشاعر الريفي الأصيل جمال أزراغيد، معتبرا قراءته للديوان قراءة إصغائية. بدءا توقف عند صاحب الديوان الذي يمثل صوتا ريفيا شجيا مسكونا بغنج المجاز يعزف على وتر الشعر في تحوله وشجونه. فهو شاعر ريفي الهوية عروبي الهوى. ثم انتقل إلى تفكيك اسم الشاعر فأرجع اسمه الشخصي إلى اللغة العربية، واسمه العائلي إلى اللغة الأمازيغية. ثم استدل بمقاطع من ديوانه الأول «أسماء بحجم الرؤى» الصادر سنة 1998 ليبين مدى شغفه بالشعر كما حلل الدلالة المعجمية ل «غنج المجاز» ليخلص إلى أن الديوان قائم على غنج المجاز ودلاله كالفتاة المغناج المتمنعة. وهذا ما يتضح في مجموعة من النصوص المتكئة على المجاز والاستعارات الكاشفة عن كيفية ممارسة الشاعر غوايته وعشقه مع اللغة ، وحتى لوحة الغلاف التشكيلية التي أبدعتها الفنانة التشكيلية سهام حلي تتطابق مع العنوان المراوغ والملتبس.ورأى أن النصوص موزعة زمنيا بين 01 2010 ، وفضائيا بين حاضرتي الحسيمةوالناظور بحكم عمل الشاعر وإقامته.كما أبرز أن هذه النصوص تتناول مجموعة من التيمات بما فيها الرجات التي عاشها الشاعر كزلزال الحسيمة سنة 04 ، وفيضان الناظور سنة 09 إلى جانب الحضور القوي لذات الشاعر ، وهي «المرأة» . ثم انتقل إلى إظهار الجانب الإيقاعي في النصوص التي تحضر في بعضها تفاعيل بحري المتدارك والمتقارب. وختم كلمته بالتعبير عن فرحته باستقبال هذا المولود الثاني للشاعر مؤملا أن تتلوه أعمال أخرى. أما الناقد عبد الله شريق، فقد عبر عن فرحته بالتواجد في الحسيمة بين نخبة مهتمة بالشعرمؤكدا أن قراءته للديوان قراءة نصية. استهل قراءته بتأطير تحدث فيه عن الساحة الشعرية المغربية وما يطبعها من تقاطع بين عدة أشكال وأنماط شعرية وبلغات مختلفة.. ومن هنا فديوان «غنج المجاز» ينتمي إلى قصيدة النثر التي أثارت جدلا واسعا حول مشروعيتها الفنية وعلاقتها بالإيقاع.والشعر بالنسبة له نسق مفتوح يتسم بالغموض الذي يتطلب افتراضا وتأويلا واكتشافا للوصول إلى الدلالة.ثم انتقل إلى تفكيك عنوان الديوان ،فالغنج يراد به الدلال والإشارة والجمال والأنوثة ..أما المجاز فهو استعمال اللغة مخالفة للاستعمال المألوف. وهذا ما جعل نصوص الديوان تتسم بالغرابة يصعب السيطرة عليها وإدراكها، وقد قسمها إلى أربعة أنواع: 1 نصوص ذات موضوعات مناسباتية إنسانية واجتماعية؛ 2 نصوص ذاتية تنضح برؤى ذاتية الشاعر؛ 3 نصوص غير محددة المواضيع، رمزية مركبة مفتوحة على عوالم مختلفة تتطلب من القارئ تأويلها؛ 4 نصوص ذات أبعاد إنسانية ودلالات صوفية. وبعدئذ درس الديوان على مستوى اللغة الشعرية التي يهيمن عليها الانزياح والخرق واستعمال غير المألوف إلى جانب توظيف السرد والحوار والرموز بأنواعها المختلفة الأسطورية والتاريخية والطبيعية...واستعمال الجمل القصيرة والمتوسطة بكثرة مقابل قلة الجمل الطويلة، والتناص الذي تجلى في بعض النصوص، لكون الشاعر المعاصر لا ينطلق من فراغ بل من ثقافة واسعة لغوية صوفية ، فلسفية،دينية ،. وهكذا نجد عند الشاعر تناصا مع نصوص السياب ونزار قباني ومحمود درويش والقراآن الكريم وقصة مريم وألف ليلة وليلة وشعراء قدامى كالمعري والأسطورة الشعبية القائلة بأن الأرض تدور على قرن الثور. كما درسه على مستوى الإيقاع حيث يمكن ملاحظة ثلاثة مستويات: 1 نصوص غير خاضعة لإيقاع سابق في حين تعتمد التكرار والتوازي والتقابلات الصوتية؛ 2 نصوص تتقاطع فيها تفعيلات المتدارك والمتقارب؛ 3 نصوص لا تعير اهتماما للإيقاع بل تعنى بالصورة الشعرية والدلالة. غير أن ما يمكن تسجيله هو أن هذا الديوان شكل تطورا ملحوظا في مستوى الكتابة الشعرية عند الشاعر بالمقارنة مع الديوان الأول» أسماء بحجم الرؤى». ولذا على الشاعر أن يغني تجربته أكثر بالتشكيل الإيقاعي والرموز المغربية وخلق مزيد من القرائن لمساعدة القارئ على فهم النصوص. وهذا ممكن التحقق مادام الشاعر مجد في القراءة والبحث والإنصات لآراء النقاد بتواضع وتقدير. أما الأستاذ محمد العربي هروشي فقد قدم قراءة منصتة عاشقة تمنى أن تكون في مستوى هذا الاحتفاء. توقف عند علاقته بالشاعر التي تعود إلى أواخرالثمانينيات لما تعرف عليه ورقيا من خلال النصوص التي كان ينشرها بالصفحات الأدبية لجريدة الاتحاد الاشتراكي والعلم وأنوال..إلى أن التقى به بالحسيمة وهو مهووس بالشعر.وشبه الديوان من ناحية الشكل الطباعي بالديك المزهو بعرفه.أما عنوانه فيفتح شهية القارئ لاكتشاف ما وراء هذا المجازالذي يمثل أسلوبه أو بصمته في الكتابة.وتوقف عند مجموعة من العتبات مستدلا عليها بمقاطع شعرية من الديوان: العتبة 1 : العناوين المطرِّزة للديوان والمضمخة بشاعرية فاخرة . العتبة2 :اعتبار نص» مقاطع في الحرب» نصا نبوئيا بامتياز، إذ الشاعر يتنبأ بربيع الشعوب العربية. العتبة3 :اعتبار لغة الشاعر التي تعد مسكنه طافحة بالمجازات والاستعارات ، واستشهد على مجهود الشاعر في تشييد لغته والاحتفاء بها. وبعدئذ أعطيت الكلمة للجمهور الحاضر ليدلي بشهادات في حق الشاعر المحتفى به الذي تعرفوا عليه أيام عمله وإقامته بالحسيمة قبل أن يعود إلى أصله الناظور ، متحدثا عن خصاله ونبله الإنساني وشغفه بالشعر إذ استطاع أن يؤسس رفقة بعض المبدعين ويترأس نادي الكتابة والإبداع بالحسيمة الذي يعود له الفضل في ترسيخ الفعل الشعري والإبداعي بالمدينة.هذا النادي المفتقد بانتقاله .وأعقبت ذلك كلمة الشاعر الذي أثنى على الأساتذة المشاركين في هذا الاحتفاء بمداخلاتهم التي أضاءت جوانب عديدة من لديوان وتجربة الشاعر.كما شكر السيد المندوب الإقليمي لوزارة الثقافة بالحسيمة على هذا المجهود الذي بذله لإقامة هذا النشاط الثقافي.، إضافة إلى أصدقائه والحضور الكريم على هذا الالتفاف والاهتمام المشجع لهذه التجربة الشعرية التي تفتقت في ديوان» أسماء بحجم الرؤى» الصادر بمدينة الحسيمة الشاعرة التي زادته افتتانا بالشعر إلى أن أصدر ديوان»غنج المجاز» بالناظور، وكله أمل أن يظل وفيا للشعر.واعتبر مجيئه إلى الحسيمة وفاء منه لهذه المدينة التي احتضنت هلوساته الشعرية سابقا، وبداية حسنة للعمل المشترك بين فرع اتحاد كتاب المغرب بالناظور والمندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة بالحسيمة وغيرها من الجمعيات ذات الاهتمام المشترك لاجتراح أنشطة وتظاهرات ثقافية مشتركة كبرى ذات إشعاع وطني،ثم قرأ بعض النصوص من الديوان التي نالت اهتمام وتصفيق الحضور.