إن «الشجرة لا تخفي الغابة» كما هو في المثل المعروف، فقد استطاع رئيس مركز التنمية والمحافظة على الغابة بتونفيت، إقليم ميدلت، إخفاء نفسه وراء «صاحبه» لاستصدار أختام جمعيات مختلطة من المنطقة على ما سمي ب«ببيان حقيقة»، ولم يفت بعض هذه الجمعيات التأكيد على أنها لم تطلع على مقال جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، وأن «صاحب رئيس المركز» كذب عليها بادعاء أن المقال المنشور يهاجم الجمعيات، بينما هذا المقال لم يقم إلا بفضح مظاهر الاستنزاف الممنهج لشجر الأرز بالمنطقة، ولم ترد فيه أية لمحة لأية جمعية، اللهم إشارة لشخص أدرك بأنه المقصود، والذي لا يفارق ظل رئيس مركز التنمية الغابوية، سواء بتونفيت أو بإيتزر وزايدة وطريق أكلمام سيدي علي، وسبق لمسؤول المركز أن تلقى تنبيها من رؤسائه في شأن نقل الغرباء على متن سيارة المصلحة، وكان طبيعيا أن يلاحظ بعض المتتبعين كيف أن «صديق رئيس المركز الغابوي» عمد إلى حشو «البيان» بجمعيات شخص واحد، وبعضها لا علاقة لها بالبيئة بقدر ما تنشط في ميدان آباء التلاميذ أو داء السكري وتربية المواشي، الأمر الذي لن يعتبر إلا إهانة غير مقبولة للجمعيات النشيطة في مجال حماية الغابة من مافيا الأرز، هذه التي لم تتوقف (مشكورة) عن دقها لناقوس الإنذار حيال ما تتعرض له غابات المنطقة من دمار وتخريب. وليس من قبيل الفرصة أن تأكد الجميع من المعلومات التي تفيد أن «كاري حنكو» لا يتوقف عن تهديد المسؤولين المحليين والتقنيين الغابويين بعلاقات وهمية يزعم أنها تربطه بالمنابر الإعلامية والجمعيات المحلية، ولم يكن غريبا أن تنتقل سلوكيات صاحبنا لمائدة اجتماع جهوي حين تدخل ممثل للغرفة الفلاحية متسائلا حول دور هذا العنصر في مهام المياه والغابات؟، وكان طبيعيا أن يتساءل البعض عن الخفايا التي أجهضت الاعتصام الذي قرر المستغلون الغابويون خوضه أمام الإدارة الجهوية للمياه والغابات بمكناس؟، كما لم يتوقف بعض المهتمين عن التساؤل حول السر الكامن وراء سماح بعض رجال الدرك للعنصر المذكور باستعمال هواتفهم، تحدثوا كثيرا عن مهزلة جرأته في ولوج المركز الغابوي لتونفيت، في وقت متأخر من الليل، من أجل وثيقة إدارية، ولما صده أحد الموظفين أشبعه سبا وشتما. المثير للسخرية أن «بيان حقيقة» لم يتناول، لا من قريب ولا من بعيد، ما تضمنه مقال الجريدة، فقط جاء بمثابة «بيان تمجيد» لرئيس مركز التنمية الغابوية بتونفيت بطريقة مغرقة في الشبهات، مكتفيا بجرد «منجزات» المسؤول الغابوي في محاولة للتستر على الجوانب المظلمة، ولعل «الصديق» لم يعثر في سجل «منجزات» صاحبه» إلا على أربع عمليات خلال سنة كاملة، ووصفها ب»المجهودات التي ما فتئ رئيس المركز يقوم بها»، ومنها عملية حجز شاحنة محملة ب 64 قطعة خشبية، حيث تم القفز على حقيقة هذه الشاحنة التي سبق أن شحنت الأخشاب المهربة لاكثر من مرة قبل هذا التاريخ، وفي المرة الأخيرة لم يكن ضبطها إلا من باب الصدفة حتى أن رئيس مركز تونفيت كان غائبا في «زيارة خاصة جدا» خارج الإقليم، وقد تم إيقاف الشاحنة من طرف عناصر المياه والغابات لسيدي يحيى ويوسف. أما عملية حجز سيارة بوجو وهي محملة ب 12 قطعة خشبية، فأكدت مصادرنا أن هذه العملية تمت بفضل رئيس قطاع ترغيست في غياب رئيس مركز تونفيت الذي لم يعلم بالأمر إلا في حدود صباح اليوم الموالي، ويستفاد من المعطيات المتوفرة أن السيارة لاتزال محجوزة بمركز تونفيت وهناك من يدعم صاحبها لتسوية تكاليف المخالفة، وفي ما يتعلق بعملية إيقاف سيارة نيسان، وعلى متنها 16 قطعة مهربة من الخشب، فيستفاد من مصادر متطابقة أن العملية تمت على يد رئيس قطاع بواضيل في ظروف تضاربت حولها الآراء، ولم يفت صاحب السيارة التصريح أمام القضاء بأن شحنه للأخشاب تم بموافقة بعض العناصر الغابوية، ومن هذه إلى عملية حجز سيارة رونو ترافيك، وهي محملة ب 17 قطعة خشب مهربة، فتمت هي كذلك في غياب رئيس مركز تونفيت، حيث تم الإيقاع بها على يد رئيس قطاع إفرظ، وقد تقدم صاحب السيارة بدعوى قضائية ضد رئيسي مركز تونفيت وقطاع إفرظ بتهمة الابتزاز، وربما ليس أخيرا ما حدث حين تم إشعار المديرية الإقليمية للمياه والغابات بعملية تهريب كمية من قطع شجر الأرز، وقيل إن رئيس مركز تونفيت لم «يفطن» لأمرها إذا لم يكن في الأمر «عين ميكة»، وقد وضع المحققون أيديهم على 18 قطعة من هذه الكمية المهربة، أما عن عضو جماعي انفضح أمره وهو يدمر حوالي 32 شجرة أرز فحدث ولا حرج. والأدهى أن صاحب «البيان » لم يخجل من الهجوم على غالبية سكان أنفكو، واعتبارهم مجرد جماعات من المتورطين الأساسيين، و«الذين تحولوا إلى أداة مسخرة في يد أباطرة التهريب»، فقط لأن هؤلاء السكان فجروا جانبا من فظاعة الاستنزاف والتخريب الكارثي الذي تتعرض له شجرة الأرز بالمنطقة على يد أباطرة الثروة الغابوية، وتقدموا للمندوب الجهوي للمياه والغابات بمراسلة يشيرون فيها بأصابع الاتهام المباشر لرئيس مركز تونفيت للمياه والغابات باعتباره المتورط الرئيسي في تسهيل بيع المنتوج الغابوي عبر آيت سخمان، واستعرض المشتكون أسماء بعض المواقع المستنزفة، مثل بويملال 2، تيزي نمجوط 2، سكاور 4، آمالو نوغدو، وطالبوا بإيفاد لجنة خاصة للتحقيق والمعاينة، ولم يكن منتظرا أن يعمد المتورطون إلى حرق كميات هائلة من الأخشاب المستنزفة في احتمال حلول لجنة للتحقيق، حسبما حصلت عليه «الاتحاد الاشتراكي» من معلومات وصور، ويتداول السكان بشدة قضية اعتداء على مواطن من سكان أنفكو حاول أحد الغابويين صدمه بسيارته. وعلى طريقة تصفية الحسابات، لم يفت «محرر البيان» اتهام ناشط بيئي وحقوقي بالمنطقة بوصفه «أول من ينتهك حقوق البيئة، ويملك محلا للنجارة»، و«يتعامل مع المهربين»، إلا أن مصادر متطابقة أفادت أن شقيق المتهم هو من يملك محل النجارة، أما الناشط المشار إليه، ورئيس جمعية بيئية بالمنطقة، فقد سبق الإيقاع به في مؤامرة محبوكة وجد نفسه فيها متهما بابتزاز غابويين، ولعل أحدهم اشتدت هستيريته لما صرح الناشط البيئي المذكور لإحدى اليوميات المغربية بأن «أبطال عمليات القطع هم المستغلون الغابويون الذين يعتدون على الغابة وأشجارها»، ويحلو للمهتمين بالشأن العام المحلي تداول حكايات كثيرة من قبيل فضيحة عنصرين استفادا يوما من كمية من الشتائل التي منحها لهما المركز الغابوي فقاما ببيعها للفلاحين الصغار بايت لحسابين، ثم قصة شخص تورط في شراء أبقار من أصحابها ليوهم وكالة للتنمية بأنه وزعها على المستفيدين، ما كان موضوع شكايات عديدة لدى القضاء، وآخر تورط في سرقة حجر ثمين يعتبره الامازيغيون من موروثهم الثقافي، إضافة إلى مهزلة سرقة مبلغ مالي وفره صاحبه لإجراء عملية جراحية لزوجته، علاوة على حكايات أخرى حول كائنات معروفة اغتنت في ظرف وجيز. وإذا كان رئيس مركز التنمية الغابوية لتونفيت وصاحبه يعتقدان أن الثروة الغابوية لهما وحدهما، وأنهما ملكا الحق في استعمالها أصلا تجاريا من أجل مصالحهما المتبادلة، فالمؤكد أن الخفايا ليست صعبة عن الانكشاف بالشكل الذي لم يبق فيه أي سر حول حكاية السيارتين الجديدتين والمنزل الفاخر بحي مرجان بالعاصمة الإسماعيلية، ومن حق الناس مساءلة رئيس مركز التنمية الغابوية بخصوص مشاريع سبق أن تمت برمجتها لموسم 2011/ 2012 بالجماعات القروية (أنمزي، أكديم، تونفيت، سيدي يحيى ويوسف)، والمتعلقة إما بمحيطات الغرس، أو فتح المسالك الغابوية، وإصلاح المجاري المائية والحفاظ على التربة، حيث تم إقصاء جل هذه الجماعات والمراكز المعنية بالمشاريع المذكورة بنية مبيتة هدفها التركيز على الجماعات التي ستكون تحت إمرته في إطار تقسيم مرتقب قد تعرفه المنطقة. ومن جهة أخرى لم يفهم أي متتبع الجدوى من وراء إقدام رئيس مركز تونفيت على حبك التهم ضد عدد من زملائه، وليس آخرهم رئيس مركز أكديم، حسب مصادر متطابقة، ولم يفت مصادر أخرى وضع علامة استفهام حول وثائق مزورة وتلاعبات تتعلق بغابات مدنية، وهناك تساؤلات كبيرة لم تعثر على أدنى جواب، ومنها ما يتعلق بقطع خشبية كانت قد اختفت من مستودع المحجوزات بالمركز الغابوي لتونفيت في ظروف شبه غامضة، ولعلها هي الأخشاب التي تم «تمريرها» لمحل نجارة قصد إنجازها والإنعام بها على مسؤول بإحدى قيادات المنطقة. وفي ذات السياق لا بد من الإشارة إلى عدد من الدواب المستعملة في نقل الأخشاب المهربة، والتي تم حجزها من طرف الأعوان ورؤساء المناطق الغابوية التابعة لمركز تونفيت، فجل هذه الدواب إما تم تسليمها لأشخاص في ظروف مشبوهة، أو إعادتها لبعض أصحابها المتورطين في التهريب، وذلك عوض إيداعها بالمحجز القروي لإيتزر مثلا أو سيدي يحيى ويوسف كما ينص عليه القانون، وصلة بنفس السياق، عاشت المنطقة على إيقاع عملية «إعدام» دواب بالرصاص، وكأنها هي المتهمة الرئيسية وراء تهريب الأخشاب، والأدهى أن «قتلتها» هم من الأعوان الذين ليس من حقهم استعمال السلاح. وعلى ذكر الدواب المحجوزة فالكثير منها تم حجزها من طرف الأعوان الغابويين في غياب الإمكانيات، حتى حصة مركز تونفيت من الوقود بغاية استعماله في عمليات تعقب المخالفين فإن الأعوان يشكون من استغلال هذه الحصة من الوقود لفائدة السيارة الخاصة لرئيس المركز، وقد قام التقنيون بالاحتجاج عبر إيقاف سيارة المصلحة أمام باب المركز لعدم توفرهم على الوقود لمدة تجاوزت أربعة أشهر، في حين يصول رئيس المركز ويجول بسيارته «كولف» أو سيارة المصلحة «فورد» التي كان من المفروض أن تكون بحوزة رئيس قطاع أغدو. وفي الحديث بقية حول تعويضات حصل عليها رئيس مركز تونفيت لأجل تسليمها لثلاثة موظفين شاركوا في دورة تكوينية عقدت بمكناس، أواخر دجنبر الماضي، حول القانون الغابوي، إلا أن رئيس المركز تماطل وتأخر في صرف هذه التعويضات على أصحابها، إذ أن واحدا من الموظفين المعنيين بها لم يحصل عليها، ومن ذلك إلى بطائق الاشتراك الهاتفي التي لاتزال موضوع «نقطة نظام» دون مجيب. وعلى مستوى آخر، يتحدث المراقبون للشأن الغابوي عن هول الدمار الذي لحق بالثروة الغابوية بهذه الربوع الغابوية التي ارتقت فيها مافيا الغابات من استعمال الدواب إلى استعمال الشاحنات نحو تنغير وإملشيل والريش، وقد تم تسجيل بشاعة الاستنزاف بأماكن عديدة يتم فيها تجميع الخشب المرشح للشحن والتهريب، مثل تاغيغاشت وآمالو وتلمي وآيت سيدي حساين وغيرها، ولا «بيان حقيقة» يستطيع حجب ما تتعرض له غابات المنطقة من استنزاف ممنهج، تماما كما هو الحال بمواقع ترغيست وسيدي يحيى ويوسف وأغدو وآمالو وإفرظ، هذه الأخيرة التي لاتزال من دون أي تقني غابوي منذ إعفاء مسؤول سابق، وكل المناطق المذكورة تعرف دمارا مهولا، ومصادر مهتمة بالمجال الغابوي لم يفتها التأكيد على أن مئات الأشجار تم تدميرها وتهريب أخشابها بغابات تابعة لمركزي انحدو وترغيست، وتحديدا بمواقع معينة كبويملال، زبزباط، سلول، ميمقصا، فزاز، تمالوت، سكاور، أغبالو، تلعلولت، أملونغدو، موغبالو، تسوت، وغيرها من المواقع التي تستدعي من مندوبية عبد العظيم الحافي إيفاد لجنة مركزية للتحقيق، ومن الإدارتين الإقليمية والجهوية الاهتمام الجدي بالملف في شموليته. والغريب أن أي شخص تجرأ على فضح هذه الكوارث يكون مصيره «تهمة جاهزة»، وليس آخرها اتهام مواطن من آيت حنيني ب«إهانة المقدسات» وآخر من تونفيت ب«ابتزاز غابويين»، وكم من جمعيات محلية رفعت من إيقاع احتجاجها حول الاستنزاف والنهب اللذين تتعرض لهما الثروة الغابوية، ومن حق المراقبين للشأن الغابوي التساؤل حول مضمون استدعاء رئيس مركز تونفيت للاستماع إليه من طرف وكيل الملك في شأن ورود اسمه على لسان عدة عصابات للتهريب أشارت إليه بتهمة التواطؤ والمساعدة،...والبقية تأتي قريبا بالتفاصيل.