فجر سكان أنفكو بدورهم جانبا من فظاعة الاستنزاف والتخريب الكارثي الذي تتعرض له شجرة الأرز بالمنطقة على يد أباطرة الثروة الغابوية، وتقدموا للمندوب الجهوي للمياه والغابات بمراسلة يشيرون فيها بأصابع الاتهام لرئيس مركز تونفيت للمياه والغابات باعتباره «متورطا في تسهيل بيع المنتوج الغابوي عبر آيت سخمان»، واستعرض المشتكون أسماء بعض المواقع المستنزفة، مثل بويملال 2، تيزي نمجوط 2، سكاور 4، آمالو نوغدو، وطالبوا بإيفاد لجنة خاصة للتحقيق والمعاينة، ومن أجل الضغط على المسؤولين للاستجابة لمطلبهم، قام سكان أنفكو بتنظيم خطوات احتجاجية، ولم يكن منتظرا أن يعمد المتورطون إلى حرق كميات هائلة من الأخشاب المستنزفة في احتمال حلول لجنة للتحقيق، حسبما حصلت عليه «الاتحاد الاشتراكي» من معلومات وصور. كل الأنباء الواردة من تونفيت تؤكد على مدى الاستنزاف والاجتثاث الذي تتعرض له الثروة الغابوية، إذ على امتداد هذه الغابات لا تتوقف «مافيا الأرز» عن عملية تدمير وتخريب المجال الغابوي، وكثيرا ما تزعم مصالح المياه والغابات أن هذه الأفعال الإجرامية تجري في ظروف غامضة، إلا أن ما تؤكده مصادرنا ينفي ذلك بالقول إن جرائم التدمير تقع أمام مرأى من عناصر محسوبة على هذه المصالح ، ويتحدث المهتمون عن دخول أحد النشطاء البيئيين في اعتصام وإضراب عن الطعام أمام قصر العدالة بمكناس لأجل إثارة انتباه الرأي العام المحلي والجهوي للدمار الذي تعيشه الثروة الغابوية بمنطقة تونفيت، وللصمت والتقصير المفضوحين للمسؤولين عن حماية المجال الغابوي، ولا يجادل اثنان في حجم الدمار وارتفاعه خلال السنة الأخيرة، وبالتالي يكون من البديهي الاهتمام بما يروج بتونفيت حول مطرقة الدولة التي تستعمل في دمغ الأخشاب وشرعنة نقلها، هذه المطرقة التي يقال إنها عرضة لتلاعبات مفضوحة وكارثية. في هذا الإطار يتحدث المراقبون للشأن الغابوي عن لجنة إقليمية كانت قد قامت بزيارة تحقيق إلى المنطقة، على خلفية احتجاجات ساكنة ترغيست، ووقفت بنفسها على هول الدمار الذي لحق بالثروة الغابوية بهذه الربوع الغابوية التي ارتقت فيها مافيا الغابات من استعمال الدواب إلى استعمال الشاحنات نحو تنغير واملشيل والريش، وقد تم تسجيل بشاعة الاستنزاف بأماكن عديدة يتم فيها تجميع الخشب المرشح للشحن والتهريب، مثل تاغيغاشت وآمالو وتلمي وآيت سيدي حساين وغيرها. كيف يمكن الاطمئنان على غابات المنطقة وحمايتها؟ سؤال كبير ردده المراقبون لحظة استدعاء مسؤول غابوي بمركز تونفيت للاستماع إليه من طرف وكيل الملك في شأن ورود اسمه على لسان عدة عصابات للتهريب أشارت إليه بتهمة التواطؤ والمساعدة، وربما ليس أخيرا ما حدث حين تم إشعار المديرية الإقليمية للمياه والغابات بعملية تهريب كمية من قطع شجر الأرز، وقيل إن رئيس مركز تونفيت لم «يفطن» لأمرها إذا لم يكن العكس، وقد وضع المحققون أيديهم على 18 قطعة من هذه الكمية المهربة، وهناك «فضول» كبير لفك لغز قيام مسؤول غابوي بتونفيت باستبدال سيارته المهترئة بسيارتين حديثين، ومن جهة أخرى أشارت مصادرنا لشخص يزعم في كل مرة أن له علاقات واسعة مع الجمعيات والصحافة، وينوب أحيانا عن المستغلين الغابويين، علما بأنه لا يزاول أية مهنة أو مهمة. وخلال الأسابيع القليلة الماضية تم ضبط كمية من خشب الأرز المهرب، وقد تم قطعها ونشرها بأحد المناشير المملوكة لرئيس جماعة قروية بالمنطقة، وقبل ذلك سبق للرأي العام أن تداول حكاية حوالي 30 قطعة تم استقدامها من طرف الرئيس الجماعي باتجاه بيت مسؤول بإحدى قيادات المنطقة، كما تم تداول موضوع مشادة بين رئيس مركز تونفيت وصاحب محل للخشب بأغبالو، حيث خرج هذا الأخير عن صمته واتهم المسؤول الغابوي وأحد التقنيين بابتزازه لأكثر من مرتين، وتحدث بعض المهتمين عن «علاقة » تربط المسؤول المذكور بإحدى التعاونيات، وبمقتضاها تم إسقاط العديد من الأشجار في سبيل تهيئ صفقة تتعلق ب»التنقية»، حسبما يصطلح عليه في لغة القطاع، وأشارت مصادرنا إلى قيام مسؤول مركز تونفيت بفرض بعض عناصره على هذه التعاونية. وصلة بذات السياق، عاشت المنطقة على إيقاع عملية «إعدام» سبع دواب بالرصاص، وكأنها هي المتهمة الرئيسية وراء تهريب الأخشاب عوض أصحابها، وذلك في مسرحية سيئة الإخراج هدفها لفت الأنظار عن حقيقة ما يجري وإيهام العموم بأن مركز المياه والغابات يعمل بجدية وصرامة في محاربة خلايا التهريب، علما بأن «الدواب المغتالة» لم تكن محملة بأية قطعة خشبية، بل الأدهى أن قتلتها هم من الأعوان الذين ليس من حقهم استعمال السلاح، والمؤكد أن تنفيذ تعليمات إعدام الدواب مرده التستر على أصحابها. وكم من قناة تلفزية حلت بالمنطقة، من بينها القناة الأولى الألمانية التي قامت بزيارة إلى غابة سيدي يحيى ايوسف، حيث وقفت لحظتها، بالمكان المسمى «ادمر نوبوهو»، وبالصدفة، على العشرات من شجر الأرز اليانعة وهي مدمرة وملقاة على الأرض من طرف مافيا الأرز، وقد سبق لعدة منابر إعلامية أن أشارت لما تتعرض له غابة سيدي يحيى ويوسف من استنزاف ممنهج، تماما كما هو الحال بمواقع أغدو وآمالو وإفرط وترغيست، هذه الأخيرة التي لاتزال من دون أي تقني غابوي منذ إعفاء مسؤول سابق، وكل المناطق المذكورة تعرف دمارا مهولا، وبصورة طبق الأصل ل»المذابح البيئية» التي تجري بغابات سنوال، ومصادر مهتمة بالمجال الغابوي لم يفتها التأكيد على أن مئات الأشجار تم تدميرها وتهريب أخشابها بغابات تابعة لمركزي انحدو وترغيست، وتحديدا بمواقع معينة كبويملال، زبزباط، سلول، ميمقصا، فزاز، تمالوت، سكاور، أغبالو، تلعلولت، أملونغدو، موغبالو، تسوت، وغيرها.