أضحى الغطاء الغابوي في إقليمخنيفرة، مهددا بالانقراض في أي لحظة، جراء استهدافه من قبل مافيا تهريب شجر الأرز، الذي تزخر به المنطقة، والاستغلال العشوائي للأشجار في حطب التدفئةمن بين المناطق الأكثر عرضة للاستنزاف في الإقليم، هناك الغابات القريبة من مدينة تونفيت، والدواوير المجاورة لها وعلى الخصوص، دواوير أنفكو وأغدو وأكديم. من المتوقع أن يصل الضغط المتزايد على الغابة في هذه المنطقة إلى ذروته خلال الأسابيع المقبلة، إذ سيزداد الإقبال على الغابة للحصول على حطب التدفئة، نظرا لموجة البرد القارس، التي تجتاح هذه الدواوير والمدن في فصل الشتاء، وحسب سعيد مكاك، المدير الإقليمي للمياه والغابات في إقليمخنيفرة، فإن الضغط الذي يواجه الغابة يعود بالأساس إلى غياب مورد رزق قار للسكان الدواوير المحاذية للغابة، إذ يضطرون إلى قطع الأشجار وبيعها كحطب للتدفئة لتوفير لقمة العيش لأسرهم، بالإضافة إلى مافيا تهريب شجر الأرز، التي تستغل ضعف مدخول السكان، وتستغلهم في تدمير شجر الأرز، وقال مكاك: "لا يمكن القول إن هناك استنزافا للثروة الغابوية في هذه المناطق، لكن هناك ضغطا كبيرا وممنهجا تتعرض له الغابة لاحتوائها على شجر الأرز". مداخيل مهمة وتصل المداخيل الغابوية في إقليمخنيفرة إلى قرابة 60 مليون درهم سنويا، إلا أن هذه السنة سجلت زيادة مهمة في المداخيل وصلت إلى 61 مليون درهم، وكان من المرتقب أن تتجاوز هذه النتيجة، لولا الضغط الذي تتعرض له الغابة، من قبل مافيا التهريب، وأكد مكاك، أن هناك تنسيقا للجهود بين كافة المتدخلين من رجال درك وسلطة محلية ورجال أمن، لمواجهة الحملة الشرسة، التي تقودها مافيا تهريب الأرز على الغابة، وقال: "هناك لجان محلية أعطيت لها التعليمات، للتقليص من حدة الهجمات التي تتعرض لها الغابة". وتخوض مصالح المياه والغابات في تونفيت وأنفكو، هذه الأيام، حربا ضارية ضد مهربي خشب الأرز في غابات الأطلس المتوسط، إذ حجزت مصلحة المياه والغابات ومحاربة التصحر في تونفيت وأنفكو، خلال الأسابيع الماضية، كميات مهمة من خشب الأرز، حصرتها مصادر "المغربية" في مائة قطعة (مادْرية)، كانت موجهة إلى السوق السوداء، ويبيع المهربون القطعة الواحدة من خشب الأرز ب200 درهم، في حين تباع القطعة بخمسمائة درهم في الحالات العادية. واعتبر خالد اليوسفي، رئيس جمعية أشبيس للتنمية الغابوية، أنه ورغم الجهود المبذولة للحد من الضغط الممارس على الغابة، إلا أنها مازالت تتعرض لعدة محاولات للتخريب، وأكد أن المجال الغابوي في تونفيت أصبح مهددا أكثر من مناطق أخرى بخطر الانقراض، وقال: "نطلب من مديرية المياه والغابات أن تواجه ما تتعرض لها الغابة من تخريب، لأن الوضع يدعو إلى القلق"، ورغم أن موجة البرد لم تضرب بعد هذه المناطق، لكن ثمن قنطار من حطب التدفئة، وصل إلى 80 درهما للقنطار وهو سعر قياسي، إذا ما قُورن بالفترة نفسها من السنة الماضية، التي لم يتجاوز ثمن القنطار من الحطب السبعين درهما. أسلحة نارية حسب السلطات المحلية في تونفيت، فإن الأخيرة لا تستطيع إحباط جميع مناورات عصابات تهريب خشب الأرز، التي تستعمل أسلحة بيضاء وأسلحة نارية في بعض الأحيان، في مواجهاتها المفتوحة مع عناصر المياه والغابات والسلطة المحلية، وأكدت السلطات المحلية أن جميع العمليات، التي يجري فيها إلقاء القبض على بعض عناصر شبكات تهريب خشب الأرز، تسجل خلالها محاضر ويقدم المتهمون للعدالة، لكن بطء المساطر القانونية وتعقدها يحول دون زجر المهربين. ويفقد المغرب 31 ألف هكتار سنويا من المساحة الإجمالية للغابات، التي لا تتجاوز 9 ملايين هكتار، منها 3.2 ملايين هكتار مصنفة ضمن المجال الغابوي، رغم أن هذه المساحة ليست أشجار وإنما نبتة من الحلفاء. ولا تتعدى نسبة المساحة الغابوية ثمانية في المائة من مساحته الإجمالية. ومن المحاور الاستراتيجية التي تعتمد عليها المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالإقليم، لتأمين المجال الغابوي كفضاء إيكولوجي وتقوية بنياته وتشجير، وإعادة إحياء الكتل الغابوية ومحاربة التصحر، وتأهيل القدرات البشرية وتثمين الموارد الطبيعية. ويشمل هذا البرنامج تأمين الملك الغابوي والتشجير وتخليف الغابات الطبيعية وتحسين المراعي، وإنجاز التجهيزات للوقاية ومحاربة الحرائق، وكذا التدخلات الرامية إلى الرفع من المستوى المعيشي للسكان المجاورين للغابات التي تتجلى، أساسا، في توزيع الأشجار المثمرة وخلايا النحل والتعويض عن الأراضي المشجرة.