وجهت ثلاث جمعيات في تونفيت بإقليمخنيفرة، شكاية ضد استنزاف المنتوج الغابوي في المنطقة، سلمتها للمندوبية السامية للمياه والغابات في الرباطومكناس.أنواع أشجار الأرز الأكثر عرضة للنهب (خاص) وجاءت شكاية الجمعيات "أغدو للتنمية الثقافية وجمعية تيزي نسلامة للتنمية والتربية بأنفكو وتونفيت وجمعية أشبيس لتربية المواشي والتنمية الغابوية"، ضد رئيس القطاع الغابوي في أغدو، إثر قيام الجمعيات أخيرا، بزيارة ميدانية إلى بعض الأماكن الغابوية التابعة لتراب أغدو في جماعة أنمزي قيادة تونفيت. ويدخل تحرك الجمعيات حسب هذه الأخيرة، ضمن برنامجها من أجل الحفاظ على الموروث الغابوي، الذي تزخر به المنطقة والمكون أساسا من شجر الأرز والأشجار المثمرة، واتضح للجمعيات أن الموقع الأول المسمى "سكاور" والثاني الموجود في محيط المنطقة، التي يطلق عليها السكان هناك، اسم "تقيوين"، تعرض للتخريب والاستنزاف والدمار الشامل، لتضاف حلقة جديدة من سلسلة الانتهاكات، التي يقترفها بعض المسؤولين يوما بعد يوم اتجاه البيئة. والتمست الجمعيات في رسالة وجهتها للجهات المعنية، انتداب لجنة مختصة، إلى عين المكان قصد تقصي الحقائق واتخاذ التدابير اللازمة لوقف النزيف، الذي يطال المجال الغابوي في المنطقة، وعبر خالد اليوسفي، رئيس جمعية أشبيس لتربية المواشي والتنمية الغابوية، عن أسفه لكون عمليات نهب شجر الأرز تجري في غالب الأحيان من قبل أبناء المنطقة بدافع الحاجة. وقال اليوسفي " يجب أن تكون هناك مشاريع مدرة للدخل للسكان، لتحول دون هذا السلوك المشين المتكب في حق المجال الغابوي في المنطقة، وكذا رفع الإدارة الوصية من عدد حراس الغابة" وأضاف في هذا السياق، إن شجر الأرز أو "الذهب الأخضر" كما يحق للسكان تسميته، "يتعرض يوميا لعمليات نهب من قبل مافيات تنشط في المنطقة، ومن خلال استغلال جائر من قبل السكان دون إدراك قيمته ودوره"، مشيرا إلى أن الجمعية، وبشراكة مع ثماني جمعيات بالجهة تبذل مجهودا كبيرا لتوعية السكان بتداعيات هذا السلوك المشين على الحياة بالمنطقة وتحسيس الأطفال بالمدارس بقيمة الشجرة. وحسب السلطات المحلية في تونفيت، فإن الأخيرة لا تستطيع إحباط جميع مناورات عصابات تهريب خشب الأرز، التي تستعمل أسلحة بيضاء وأسلحة نارية في بعض الأحيان، في مواجهاتها المفتوحة مع عناصر المياه والغابات والسلطة المحلية، وأكدت السلطات المحلية أن جميع العمليات، التي يجري فيها إلقاء القبض على بعض عناصر شبكات تهريب خشب الأرز، تسجل خلالها محاضر ويقدم المتهمون للعدالة، لكن بطء المساطر القانونية وتعقدها يحول دون زجر المهربين. وتترصد مافيا الأخشاب، الخاضعة للسوق السوداء، الحراس الغابويين، الذين يتعرضون لاعتداءات بالسلاح الأبيض من قبل المهربين، ودعت فعاليات جمعوية في تونفيت إلى تنسيق الجهود بين كافة المتدخلين لإيقاف التدمير الممنهج الذي يتعرض له شجر الأرز. وكانت عدد من الجمعيات في إقليم ميدلت دقت ناقوس الخطر، في وقت سابق، حول وضع الغابات في المنطقة وما يرتبط بذلك من نهب الأشجار، ونظرا لخطورة الأوضاع، أصبح المدافعون على المجال الغابوي، مهددين في حياتهم، ولهذا الغرض فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع خنيفرة، رفعت عدة تقارير لكل من السلطات العمومية ومسؤولي المياه و الغابات ومسؤولي القضاء، لطلب التدخل الفوري والعاجل من أجل تفكيك هذه الشبكة الخطيرة. وتعد أشجار الأرز المنتشرة بكثافة بالأطلس المتوسط، من أفضل الأنواع عالميا والأقدم تاريخيا، وتحتل رقعة شاسعة من المجال الغابوي لجهة مكناس تافيلالت، الذي يغطي نسبة 10.4 في المائة من مساحة إجمالية تقدر بحوالي 820 ألفا و418 هكتارا تشمل الرشيدية والحاجب واخنيفرة وإفران ومكناس، وتحتل هذه الأشجار حوالي 133 ألف هكتار على المستوى الوطني، وتمثل نسبة ربع شجر الأرز الموجود في العالم، وأضحى بعض أنواعها، الذي عمر لقرون رمزا لشموخها كشجرة "كورو" المهددة أكثر من غيرها بالانقراض. لكن هذه المميزات لم تحل دون وقف مسلسل النزيف، الذي يلاحق هذه الشجرة، وتحويلها إلى مجرد ألواح بلا حياة، تباع في السوق السوداء بمبلغ زهيد لا يتعدى 300 درهم للوحة الواحدة، علما أن الجرائم التي تسجل في حقها تناهز نسبة 77 في المائة من مجموع جرائم الاعتداء على الغابة، إذ لا يتردد مقترفوها في اجتثاث بعضها، وبلغت من الدهر أزيد من اثني عشر قرنا. وقاد رصد عمليات تهريب أخشاب هذه الشجرة النادرة، حسب مصادر أمنية بمكناس، إلى حجز أزيد من 9400 متر مكعب خلال الست سنوات الأخيرة، أي ما يناهز 10 في المائة من الناتج السنوي لغابة الأرز، منها حوالي 480 متر مكعب خلال السنة الجارية (بمعدل حوالي40 شاحنة)، فيما جرى تقديم أزيد من 40 شخصا للعدالة.