أكدت مصادر حقوقية ومهتمة بالشأن العام المحلي بإقليميخنيفرة وميدلت ل«الاتحاد الاشتراكي» خبر قرار وزير العدل بإسقاط متابعة المواطن أيت اعزيز اسعيد أوحدو ب «المس بالمقدسات» التي سبق اتهامه بها في ظروف كيدية على خلفية تحركاته النضالية التي يرى فيها خصومه «وجعا للرأس»، وفي مقدمة هؤلاء الخصوم عناصر مافيا الثروة الغابوية بآيت حنيني. وفي هذا الصدد أفادت مصادرنا أن المعني بالأمر توصل باستدعاء من نائب وكيل الملك لدى ابتدائية ميدلت، يوم الثلاثاء 06 يوليوز الجاري، ليخبره بأن وزير العدل أمر بإيقاف المتابعة التي سبق اتهامه فيها ب«المس بالمقدسات»، مؤكدا له (المسؤول القضائي) علمه بما يقوم به من دفاع عن شجرة الأرز خصوصا، الثروة الغابوية عموما. وكانت قضية المعني بالأمر قد انتشرت بين عدة وسائل إعلام، بينها قنوات «الجزيرة»، «فرانس 24 «، ومستقبلا مع «راديو ألمانيا» و»القناة الثانية» الفرنسية، علاوة على مجموعة من الجرائد ومنها «الاتحاد الاشتراكي» و»تيل كيل» . ويذكر أن قبائل آيت حنيني التي كانت تابعة للنفوذ الترابي لإقليمخنيفرة قبل إلحاقها بإقليم ميدلت الذي تم إحداثه مؤخرا، قد استيقظت على إيقاع متابعة أيت اعزيز اسعيد أوحدو بتهمة «المس بالمقدسات»، وأدرك المراقبون أن هذه التهمة المفاجئة تمت «حياكتها» بطريقة كيدية من طرف لوبيات معروفة ، تسعى بكل الوسائل لإجبار أمثال المتهم على الصمت حيال مظاهر النهب المنظم الذي تتعرض له الثروة الغابوية. وكانت «حرارة» آيت حنيني قد بلغت إلى مكاتب مختلف الجهات المسؤولة، ومن الضروري التذكير بلقاء جهوي طارئ كان قد جمع، في وقت سابق، مسؤولين جهويين بالمياه والغابات بممثلين عن مواطني آيت حنيني والجمعية المغربية لحقوق الإنسان الذين استعرضوا تفاصيل مظاهر النهب والخراب الذي تتعرض له غابات آيت حنيني، وعلى ضوء ذلك حلت لجنة لتقصي الحقائق بالمنطقة، ولم تكن تتوقع هذه اللجنة أن تقف بنفسها على آثار 200 شجرة طالها الاجتثاث على يد مافيا شجر الأرز بالمواقع المسماة أقبانبوقبو، أحمار إيدخشي، بومزوغ، وتاحفورت تازغارت، ميفسي، بويكدار، بومقسو، أقا نسيدي بلقاسم، ودمرنبوهو، ثم بموقع بوتسمومت الذي اكتشفت به وحده آثار 105 أشجار، وقد تبين من خلال المعاينة الميدانية أن 31 شجرة من أصل العدد المسروق توجد على مقربة من مركز المياه والغابات الذي كان يرأسه أحد المسؤولين ممن لم تتوقف أصابع الاتهام والشكايات السكانية بشأنه ! وارتباطا بالموضوع، كانت «الاتحاد الاشتراكي» قد علمت من مصادر متطابقة، أن المتهم آيت عزيز اسعيد أحدو، وهو فلاح بسيط ومناضل حقوقي، ولا يعرف من اللهجات غير الأمازيغية، قد تم استدعاؤه فعلا من طرف الدرك الملكي، خلال الأسبوع الأخير من يناير المنصرم، وتم الاستماع إليه في شأن التهمة الخطيرة التي وصفها الرأي العام المحلي ب»المؤامرة» التي لم يكن غريبا أن توجه للمتهم بعد أن عجزت «مافيا الغابات» عن إخراسه بمختلف الوسائل، ولم تفت مصادر حقوقية الإشارة إلى أن عناصر من مافيا الغابات سبق أن «اقترحت على المتهم قدرا ماليا يصل إلى 500 درهم في اليوم مقابل غض الطرف عما يجري من تدمير لغابة الأرز»، كما فات ل «الاتحاد الاشتراكي» أن نشرت أكثر من مرة ما كان يتعرض إليه هذا المتهم من استفزازات ترهيبية، ليس أقلها تهديده بالقتل ثم جريمة إضرام نار بمنزله في ساعة متأخرة من الليل خلال عام 2007، وظلت شكاية في الموضوع معلقة بأرشيفات درك القباب. وقبل آيت عزيز اسعيد أحدو تأتي قضية اعتقال الناشط الجمعوي محمد عطاوي بتونفيت، إقليم ميدلت، هذه التي لم تخرج من دائرة الجدل والآراء المتضاربة، منذ الاثنين ثامن مارس الماضي، عندما انتشر من الأخبار ما يفيد أن المعني بالأمر اختطف في ظروف غامضة نحو وجهة مجهولة على يد ضباط شرطة بدعوى أنه «مبحوث عنه من أجل الاتجار في المخدرات»، وتم اقتياده بالعنف إلى مركز الدرك بتونفيت ومنه إلى المركز القضائي بميدلت، وبمجرد وصوله إلى هذا المركز واجهه أحدهم بعبارة «جيتي ف الشبكة يا للي بغيتي دير الثورة على سيادك»، حسب المعني بالأمر، ولم يعرف له أحد مصيرا قبل أن تبلغ المفاجأة ذروتها في انكشاف مصيره وهو مُتابع في «قضية ابتزاز» على خلفية بلاغ قيل إن مسؤولا بالمياه والغابات بتونفيت تقدم به لوكيل الملك لدى ابتدائية ميدلت يشكو فيه من «محاولة ابتزازه في مبلغ 1000 درهم من طرف المعني بالأمر»، على حد قوله. وقال محمد عطاوي إن بعض المحققين أجبروه على توقيع محضر، ولما رفض عمدوا إلى تصفيده والإمساك بإبهامه بالقوة، حيث انتزعوا منه البصمة على المحضر رقم 49 الذي لم يعرف مضمونه، وكل ما جرى إليه أشار له في الشكاية المقدمة مؤخرا للوكيل العام لدى استئنافية مكناس، عن طريق محاميه ذ. عبدالمجيد الدويري، وكان وكيل الملك لدى ابتدائية ميدلت قد استمع للمتهم محمد عطاوي وأمر بإحالته على السجن بعد ثبوت المنسوب إليه، وحكم عليه بالسجن لمدة عامين مع النفاذ، ليخلى سبيله في 15 أبريل الماضي بعد أيام قليلة من اعتقاله، وسدد الكفالة البالغة 10000 دهم، وكل ذلك تم بصورة غامضة، حسب شكايته التي ينتظر أن تعرف عدة تطورات وتفاعلات. ولم يفت الرأي العام متابعة تفاصيل ملف القضية بالحجم الذي سبق أن تابع به ملفا آخر كان قد توبع فيه محمد عطاوي قبل سنوات بتهمة «إهانة المقدسات»، وبخصوص تهمة الابتزاز لم يفت المتهم القول بأنه لم يأخذ المبلغ من المسؤول المذكور إلا سلفة للسفر إلى الرباط من أجل اجتياز امتحان للكفاءة المهنية، ولم يكن يعلم بأن الأمر سينقلب إلى مكيدة، وبينما شددت مصادر مسؤولة، في تصريحات متطابقة، على ثبوت «تهمة الابتزاز» في حق محمد عطاوي، ذكر آخرون أن اعتقال هذا الأخير يأتي من باب انتقامي كمحاولة لإسكاته ، وقد ظل يواجه مافيا الغابات التي تعيث في شجر الأرز نهباً وتهريباً، وطالبت جمعيته المندوبية السامية للمياه والغابات بالتدخل لوقف هذا النزيف، وبفتح أوراش اجتماعية بيئية لثني السكان والمهربين عن أفعال القطع العشوائي، والآن، وعقب اعتقاله، لم يفت محمد عطاوي القول في تصريح إعلامي، «إن المسؤول الغابوي راهن على التخلص منه بتلك الطريقة الكيدية لعلمه باستعداد «جمعية الأرز والأروي» بتونفيت المطالبة بالحق المدني في الوقوف على بعض التجاوزات والخروقات التي يتعرض لها شجر الأرز بغابات المنطقة»، ولم يفت محمد عطاوي القول إن ما تعرض له هدفه تحويل أنظار جريمة بيئية اقترفها لوبي من مافيا الغابات كادت «جمعية مستقبل الأرز والأروي» أن تكشف عنها وعن متواطئين في تبديد وتغيير معالم الجريمة البيئية بعد حجز الشاحنة المحملة بالخشب الصناعي يوم 12 فبراير الماضي وأتلفوا المحجوز (أخشاب الأرز المنشورة) وضللوا العدالة بتقديم محاضر تتضمن وقائع مبهمة واخفوا المواد المهربة، وقد حرص المعني بالأمر على القول إن «جمعية تونفيت مستقبل الأرز والأروى» أعدّت تقريراً حول عملية التهريب، وادعت بالحق المدني في قضية سائق الشاحنة المستعملة في العملية، وكان من المفترض أن يتم الاستماع إلى أقواله في 11 مارس المنصرم إلا أن محمد عطاوي تعرّض للاعتقال في تلك الظروف المفبركة قبل ذلك بثلاثة أيام. وكم ظلت أوساط المجتمع المدني تدق نواقيس الخطر بمحيط الجهات المسؤولة بغاية تحريك المساطر القانونية لكشف أسرار و خبايا المتورطين في مافيا تهريب الأرز إلى مدن كبرى، و بعد أن لوح المجتمع المدني بالأدلة المرفوقة بالصور والأشرطة حول مظاهر التخريب والإستنزاف، مع التنديد بتقصير المندوبية الوصية في إخضاع المتورطين للمساءلة والمحاكمة، سيما أن تونفيت مثلا أضحت سوقا للتهريب بامتياز عن طريق أساليب القطع والنشر والشحن والاتجار، ولن يكون آخر خبر ما تم تداوله بتونفيت، خلال الأيام الأخيرة، في شأن ضبط كمية من الأخشاب المهربة واكتشاف محلات لنشر الخشب التي تزاول فوضويتها بترخيص من مسؤول جماعي.