تم حجز كميات كبيرة من الخشب المهرب مؤخرا بتونفيت، وكادت تمر إلى وجهتها المقصودة لولا يقظة بعض «العيون» التي نقلت الخبر إلى مختلف الجهات، بما فيها الدرك الملكي ومصلحة المياه والغابات، حيث نزل أفراد من هذه الجهات بتونفيت التي لم يمض على الرئيس الجديد لمركزها الغابوي إلا بضعة أيام قليلة، والمؤكد أنه أصيب بالذهول والارتباك حيال الخراب الذي أصاب الطبيعة بالفراغ، ولعله اطلع على ما عرفته تونفيت من مظاهر النهب والتهريب و»الإبادة الجماعية» لشجر الأرز، حيث تجري الفوضى، على مساحة إجمالية تقدر حوالي 90 ألف هكتار، من طرف خلايا محترفة تنتشر بغابات سيدي يحيى ويوسف وإكرضان نزا عثمان، مرورا ببواضيل فثلات نواعراب وصولا إلى بويرغيسن، وبنقاط مختلفة أخرى من مثل تمدونين، أقا نبوهو، اتحماد، بوسفول، اسامر نعمي حساين، أدمر نبوهو، تالزاست، سكاور، تقيوين، واللائحة طويلة حيث تنشط حركة البغال والشاحنات والمناشير والفؤوس ومحلات النجارة العشوائية. كل ذلك يجري أمام مرأى ومسمع من المنتخبين والسلطة وأعوانها ورجال المياه والغابات، ومن حق المعلقين طرح سلسلة من الاستفهامات حيال الظروف الغامضة التي يقوم فيها المهربون باجتثاث الأشجار وقطعها وشحنها على الشاحنات أو الدواب بحرية تامة، وكم من مرة تستيقظ فيها المنطقة على خبر اعتقال مهربين أو حجز كمية من الأخشاب المهربة في السوق السوداء، ثم يعود الجميع للحديث عن بطء المساطر أو تطويق الملف، وربما ضبط شاحنة محملة ب 12 طنا من الخشب المهرب، خلال فبراير الماضي، ليس إلا جزء من مظاهر التسيب التي باتت تعيش عليها المنطقة. وفات أن حلت لجنة للتحقيق بدوار أغدو، المحسوب على جماعة أنمزي ضواحي تونفيت، ووقفت على جملة من التلاعبات والخروقات، وأفادت عدة مصادر أن غابات بواضيل بسيدي يحيى ويوسف مثلا، تعرضت لتخريب واسع لشجر الأرز، وبينها أشجارا معمرة، وكم من مرة رفعت الجمعيات البيئية بتونفيت صيحاتها من أجل إيقاف الوضع الكارثي، وعلى رأس هذه الجمعيات «جمعية مستقبل الأرز والأروي» التي ناشدت المندوبية السامية للمياه والغابات بالتدخل لوقف نزيف سرقة وتهريب شجر الأرز، كما التمست من مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، التدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من شجر الأرز في غابات المنطقة، ولعل الرأي العام الوطني تابع باهتمام بالغ قضية مناصر للبيئة، محمد عطاوي، وتهمة «الابتزاز» التي طبخت في حقه وقادت به إلى السجن انتقاما من فضحه لما يجري من مظاهر التخريب والتواطؤات والمحاضر المزورة. وأمام استمرار الفوضى عادت تونفيت لتشهد خلال الأيام القليلة الماضية حالة استنفار بسبب ضبط كمية كبيرة من أخشاب الأرز المهرب ذات الجودة العالية، وهي مودعة بإحدى محلات النشر، وبمجرد مباشرة التحقيق في العملية اكتشف المحققون أن الرخصة المسلمة لصاحب المحل قد تم الحصول عليها من جانب مسؤول جماعي بطريقة مشبوهة، إضافة إلى ذلك تم العثور بداخل نفس المنشرة على كمية من الخشب أدلى صاحب المحل بوثائق تؤكد مشروعيتها، إلا أن المحققين لاحظوا أن رخصة نقل الأخشاب تحمل نوعا من التحايل على مستوى الوجهة التي كانت ستنقل إليها، إذ جاء فيها أن المواد المذكورة ستنقل من تونفيت إلى نزا عثمان بينما هي موجهة إلى تنغير، وعوض محاكمة صاحب المحل صدرت تعليمات بتركه ينعم بحريته، وقد سجل المراقبون يومها حالة مسؤول بجماعة سيدي يحيى ويوسف وهو يتحرك في كل الاتجاهات. وفي اليوم الموالي قام المحققون في تفتيش محلات أخرى لنشر الأخشاب ببواضيل وإكرضان وتم العثور على عدة قطع من خشب الأرز حاول صاحبها التخلص منها لحظة العملية التمشيطية التي قام بها المحققون، وكم كانت مفاجأة المحققين كبيرة لما وقفوا على أن تراخيص محلات نشر الأخشاب بالمنطقة تتم بمباركة مسؤول جماعي، دونما علم من الجهات المعنية، وعلم من مصادر متطابقة أن المديرية الإقليمية للمياه والغابات راسلت عمالة إقليم ميدلت في شأن موضوع المناشير المنتشرة بمواقع بواضيل، نزا عثمان، تقاجوين، سيدي يحيى ويوسف، وإكرضان، بينما تساءل المراقبون: أين كانت هذه المديرية كل السنوات الماضية التي أوشكت فيها الثروة الغابوية على الانقراض؟ وظلت فيها المناشير تلعلع بحرية بفضاء الغابات عن طريق تراخيص مفضوحة لا يمكن القبول بالسكوت حيالها بسهولة، علما أن دورة للمجلس الإقليمي للغابة سبق أن ناقشت الموضوع بجرأة حاسمة في حضور عامل خنيفرة وخلصت نتائج هذا المجلس بإصدار توصيات وقرارات هامة. ومن أخبار المجال الغابوي، تحدثت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» عن اشتباكات وقعت على الحدود الفاصلة بين مثلث آيت إلياس وعين اللوح وآيت مكيلد بومية، حيث تم نصب كمين لثلاثة عناصر حاولوا تهريب كمية من الأخشاب على متن خمسة بغال، وتمكن بعض السكان من مهاجمة واضعي الكمين وتخليص المهربين من الورطة، وبقدر ما تابع المراقبون حيثيات القضية ركزوا بقوة على شخصية «قائد الكمين»، والذي لم يكن سوى مسؤول سابق ظل ولأكثر من مرة موضوع احتجاجات ومتابعات صحفية على خلفية ما سجل عنه من خروقات وتجاوزات، ووقفت عليها لجنة مختلطة أسفرت نتائج تحقيقها عن إصدار قرار تأديبي في حق الرجل بضمه إلى مكاتب المديرية الإقليمية لإفران بآزرو، بينما دخلت لجنة برلمانية على الخط في انتقالها إلى مسرح الخروقات وعاينت بنفسها آثار الدمار الغابوي، واستمعت لعدد من السكان المحليين الذين كشفوا عن هول النهب وشبهات المسؤول المذكور الذي ضبطت في عهده أزيد من 70 شجرة أرز تم اجتثاثها وتهريب أخشابها، ويتداول المراقبون هذه الأيام حالة مسؤول غابوي بمنطقة أجدير تم تنقيله لمنطقة تفشنة لأهداف مستفهمة. وفي زحام الأخبار الغابوية، كشفت مصادر متطابقة عن آثار تخريب وشبهات بمواقع مختلفة من غابات أجدير، ومنها مثلا بومزيل، حيث تم استنزاف حوالي 700 شجرة أرز، (برسيلة 136، 137، 138، 139)، وغير بعيد عن الموقع سجل تدمير حوالي 600 شجرة أرز (برسيلة 54، 86، 87، 88، 89، 108، 101)، وأفادت مصادر أخرى أن موقعا (برسيلة 90) ظل إلى وقت قريب رهين محاولات التستر على ما يحمله من خراب، وكلما حلت جمعية أو لجنة غابوية للتحقيق لا يتم إظهار من الموقع غير أطرافه دون وسطه، ولم تفت مصادرنا الإشارة إلى صفقة تتعلق بتسييج موقعين غابويين (برسيلة 103 و104) قالت مصادرنا إن أشغال هذه الصفقة لم تكتمل رغم حصول المقاول على مستحقاته تقريبا، ومن أجدير إلى محمية برأس برياخ بأجلموس، وتحديدا ب «جبل بوتاشت» حيث وردتنا معلومات تفيد بوجود شبهات خطيرة على مستوى عملية غرس الشتائل، حيث لاحظت مصادرنا أن العملية لم تراع فيها الخصوصيات التقنية، لا على مستوى الحفر ولا على مستوى سن الشتائل، وربما لم توضع أية دراسة علمية من حيث تعرض الشتائل للذبول والتلف. وتتبعا لما سبق كشفه بخصوص لغز اختفاء أزيد من 30 قطعة من أخشاب محجوزة، كان قد تم إيداعها بمستودع إدارة المياه والغابات، واستيقظ الجميع على تعرضها للسرقة، ولعل التحقيقات التي جرت في القضية لم تتوصل إلى أي جديد، وبعد مضي فترة ليست بالقصيرة عن الحادث، اختارت الجهات المسؤولة التعامل مع ملف القضية بمنطق «طاحت الصمعة علقوا الحجام»، إذ أفادت مصادرنا أن أربعة مستخدمين بالقطاع (ج.ا)، (م.أ)، ق.ه)، و(م.ذ) تم وضعهم على ذمة التحقيق، وفات أن تم اتهام عون بمحاولة سرقة محرك سيارة، كما تحدث مصادرنا عن موظفين طالتهم إجراءات تعسفية جراء مواقفهم تجاه ما يجري، ومن بين التساؤلات التي طرحها الملاحظون: سؤال حول عدم التحقيق مع مكلف بإصلاح السيارات وقسم المعدات والآليات؟ ولماذا إصلاح سيارات جميع المراكز الغابوية بمرأب المديرية الإقليمية مع أن جل المراكز تتوفر على ميزانيات وأمكنة للإصلاح. وصلة بالملف الغابوي، حلت لجنة تحقيق بغابة «فوغال» بمولاي بوعزة، يوم 13 يوليوز 2010، ووقفت على عدة خروقات وجرائم بيئية لم تحترم لا الشجر ولا غابات الدولة، وهي من الملفات التي سبق لجريدتنا «الاتحاد الاشتراكي» نشرها بالتفصيل، وتحمل بصمات مهندس رئيس سابق بمركز مولاي بوعزة للمياه والغابات ظلت سلوكياته خارج التغطية بسبب التستر الذي كان يحظى به الرجل في عهد مسؤول جهوي سابق. وفي سياق متصل، لم يتوصل أحد من المتتبعين لما قامت به الجهات المسؤولة حيال ما نشرته جريدتنا حول أمر سيارة رقم 164718 التي يقال بأنها سلمت لمستحقها في لقاء رسمي، قبل أن يتم تحويلها لشخص آخر في ظروف مفاجئة، وفي إطار موضوع السيارات أفادت مصادرنا أن العديد من هذه السيارات تستنزف أموالا باهظة بذريعة إصلاحها وتعود إلى أعطابها المتكررة، ومن بينها مثلا سيارة بمركز أجدير من نوع بيكوب ميتسوبيشي الحاملة لرقم 139836 ثم أخرى بالإدارة الإقليمية من نوع كونغو رقم 151030 وأخرى من نوع نيسان رقم 144569 كان قد تم حملها إلى الدارالبيضاء لإصلاحها وظلت مرابطة بمستودع المصلحة، فضلا عن أخرى تحمل رقم 143710 سبق أن تم استقدامها من تونفيت على أساس إصلاحها قصد تسليمها لمركز كروشن إلا أنها بقيت معطلة، وهناك حديث حول سيارة بأجلموس من نوع ميتسوبيشي ظلت متوقفة عن الاستعمال لمدة تفوق ستة أشهر، وتحدثت مصادرنا مؤخرا عن سيارة من نوع نيسان رقم 144577 ربما تكون هي التي تم نقلها إلى إيتزر لإخفاء الحقيقة، ورغم ذلك ما تزال معطلة، ثم سيارة أخرى من نوع ميتسوبيشي رقم 136843 مكانها تقاجوين وظلت معطلة، بالرغم من القول بنقلها إلى مكناس لإصلاحها، وفي الأخير تمت إحالتها على منطقة غابوية بأدمر. مناسبة العودة إلى هذا الملف تتعلق باجتهادات المسؤولين في احتواء الموضوع لحظة «انفجاره» على صفحات «الاتحاد الاشتراكي»، إلى درجة أن أبواب الإدارة الإقليمية ظلت مفتوحة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، لمعالجة ما يجب علاجه تحسبا لنزول لجنة ما للتحقيق، ولم يقبل الملاحظون بتصرف الإدارة حين حاولت إصلاح بعض السيارات دون إشعار وزارة النقل التي هي الجهة المسؤولة عن حال سيارات الدولة، اللهم إذا كانت إدارة قطاع عبدالعظيم الحافي استعجلت الأمور لكسب الوقت، والى حدود الساعة لايزال «الهم الوحيد» لهذه الإدارة هو البحث عن الأطراف والمصادر التي تمد جريدتنا بالمعطيات والمعلومات، وفي كل مرة تفشل في مهمتها تلجأ إلى توزيع الاتهامات أو الحل الاستخباراتي علها تفلح في الوصول إلى المصادر المذكورة، والبقية تأتي.