انعقد المجلس الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل بالمقر المركزي للمنظمة بالدار البيضاء بتاريخ 22 يونيو 2011 في دورة استثنائية إثر صدور مشروع الدستور الجديد في ظل أجواء تنظيمية مفعمة بروح الوحدة والتعبئة من أجل الإصرار على مواصلة تكريس قيم الديمقراطية والحداثة والوفاء لمبادئ التأسيس من خلال القيام بكل الخطوات من أجل وحدة الفيدرالية في إطار سيرورة النضال من أجل مغرب المستقبل مغرب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وبعد الاستماع إلى العرض الذي قدمه الأخ عبد الرحمان العزوزي الكاتب العام للمنظمة ناقش المجلس الوطني الفيدرالي الذي ترأسه الأخ عبد الحميد فاتحي مضمون العرض من خلال الاقتراحات التي تقدمت بها الفيدرالية ومن خلال المشروع المطروح حاليا للنقاش والاستفتاء من أجل اتخاذ القرار المناسب بصدده من طرف الشعب المغربي قاطبة. وإن المجلس الوطني للفيدرالية إذ يعتبر نفسه معنيا بضرورة النضال من أجل مغرب حر، ديمقراطي وحداثي يسود فيه القانون وقيم المواطنة والعدالة الاجتماعية وتسمو فيه المواثيق الكونية حول حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا فإنه يعبر عن اعتزازه بالنقلة النوعية والتاريخية التي جسدها مشروع الدستور الحالي، من خلال جوهره، ومضامينه ومن خلال السياق الذي أدى إلى انبثاقه والذي يتجسد في : إن الدستور الحالي ما هو إلا تجسيد لإرادة تاريخية ظلت القوى الوطنية والديمقراطية تطالب بها منذ الاستقلال إلى الآن من خلال مسيرة نضالية حافلة بالتضحيات والمعاناة والمحن. يأتي مشروع الدستور الحالي في سياق الربيع العربي الذي أطاح برموز الديكتاتوريات والأنظمة المستبدة والبوليسية وجعل الجماهير العربية تنزل إلى الشوارع لإسقاط الأنظمة الفاسدة والمساهمة في صنع آفاق الغد والمستقبل وبناء الديمقراطية في كل أرجاء الوطن العربي. كما تزامن الدستور الحالي مع الحراك الذي عرفه الشارع المغربي من خلال شبابه لإيقاف نزيف الفساد والاستبداد ومحاولة ترسيخ مراكز القوى من خلال زواج السلطة مع الثروات المشبوهة وأموال الريع والامتيازات على حساب جماهير الشعب والطبقة العاملة وكافة المأجورين حيث شكلت حركة 20 فبراير منعطفا تاريخيا تمثل في نزول الشباب المغربي إلى الساحة للدفاع عن قيم الديمقراطية والحداثة وإسقاط الفساد والمفسدين مما أدى إلى تراجع لوبيات مقاومة التغيير، وعجل بالإصلاحات الدستورية ووضعت المغرب يصنف كبلد استثنائي في العالم العربي وجعلت الشباب المغربي في قلب المعركة من أجل الإصلاح الشامل. وإذ يعتز المجلس الوطني بالمقترحات التي قدمتها الفيدرالية الديمقراطية للشغل في إطار المشاورات فإنه يعبر عن ارتياح للوثيقة الدستورية التي استوعبت أهم اقتراحاتنا وبشكل خاص. دسترة الاختيار الديمقراطي وجعله خيارا لا رجعة فيه مراعاة الطابع الكوني لحقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزيء سمو الاتفاقيات الدولية التنصيص على الجانب الاجتماعي للملكية باعتبار نظام الحكم نظام ملكية دستورية ديمقراطية وبرلمانية اجتماعية قيام النظام الدستوري على أساس الفصل بين السلط وعلى مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة. اعتبار أن الأمة هي مصدر السلط سيادة القانون باعتباره أسمى تعبير عن إرادة الأمة واعتبار كل المواطنين سواسية أمامه بما فيه السلطات العمومية عدم شرعية نظام الحزب الوحيد. حرية تأسيس الأحزاب والنقابات ومنع الترحال السياسي تمتيع المغاربة المقيمين بالخارج بحق التصويت والترشيح المساواة بين الرجال والنساء وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بينها في كل المجالات (دسترة المناصفة). تجريم التعذيب والاعتقال التعسفي والاحتفاء القسري والحق في المحاكمة العادلة. التأكيد على حرية الفكر والتعبير والإبداع حرية الحصول على المعلومة تحمل الدولة مسؤوليتنا في مجال ضمان الحقوق التالية : العلاج والعناية الصحية الحماية الاجتماعية الحصول على تعليم عصري السكن اللائق الشغل ولوج الوظائف حسب الاستحقاق الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة كما ثمن المجلس تنصيص الدستور على : استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية دسترة اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية وترسيخ الطابع التعددي للهوية المغربية بكل مكوناتها وروافدها الثقافية تقوية صلاحية رئيس الحكومة باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية ومسؤولا أمام البرلمان وخاضعا لمراقبته ومحاسبته في كل ما يتعلق بتدبير السياسات العمومية. وإذا كان المجلس الوطني الفيدرالي يسجل بإيجابية الأهمية البالغة لمضمون الدستور فإنه لا يمكن ترجمته وتفعيله على أرض الواقع إلا من خلال الإسراع بإصدار القوانين التنظيمية المناسبة والمتجانسة مع روح وجوهر نصوص مشروع دستور 2011 . كما يسجل المجلس الوطني أن التنفيذ الفعلي للدستور، لن يكون في مستوى طموحات الشعب المغربي إذا لم تصاحبه إجراءات سياسية عميقة تضمن حيادا حقيقيا للسلطات وتجد من سلطة المال الحرام، وتفتح ملفات الفساد التي أزكمت الأنوف لإرجاع الثقة إلى الشعب المغربي وضمان انخراط الشباب في معركة مستقبل الوطن. كما يسجل أن الدستور الحالي يجسد تطورا نوعيا في تاريخ الدساتير المغربية ويعتبر أنها لن تكون نهائية وينبغي تطويرها لتكييفها مع ما تعرفه بلادنا من تحولات في إطار محيطها الإقليمي والجهوي والدولي. ويسجل المجلس الوطني بأسف عودة بعض رجال السلطة وجيوب مقاومة التغيير إلى أساليب العهد البائد بإخراج طوابير واحتياطيي الانتخابات المزورة إلى الشارع مباشرة بعد الخطاب الملكي هذه الأساليب التي صارت من مخلفات التاريخ الأسود والدستور الحالي لتفريغ المكتسب الدستوري من روحه وجوهره وتمييعه ويؤكد أن القوى التي ناضلت طيلة عقود من أجل الديمقراطية، قادرة على إعطائه المدلول الحقيقي من خلال العمل من أجل تفعيله ومحاربة كل أشكال العبث والتضليل والفساد. وبعد نقاش مستفيض ودقيق تمكن من خلاله كل المناضلات والمناضلين من إبداء مختلف الآراء في جو حر ونزيه ينسجم مع مبادئ الفيدرالية الديمقراطية للشغل كفضاء ديمقراطي وحداثي قرر المجلس الوطني بالأغلبية المطلقة التصويت بنعم لمشروع الدستور الجديد واتخاذ كافة الإجراءات التحسيسية لبلورة هذا الموقف في كل المحافل وتأطير الطبقة العاملة ومختلف شرائح الشعب المغربي من أجل المشاركة المكثفة في عملية التصويت يوم فاتح يوليوز 2011 التصويت الإيجابي بنعم لصالح مشروع دستور 2011 .