صوت المجلس الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل في المنعقد في دورة استثنائية مساء يوم الأربعاء الماضي بالمقر المركزي بالدار البيضاء بالأغلبية المطلقة بنعم لصالح مشروع الدستور، في حين صوت اثنان ب «لا»، على المشروع، في حين دعا 6 أعضاء إلى المقاطعة وتسعة آخرون لعدم المشاركة، وكان المجلس الوطني عرف العديد من المداخلات بخصوص هذا الموضوع، حيث سلط عبد الرحمان العزوزي الأضواء على العديد من الجوانب التي جاءت في المداخلات. وكان العزوزي قد اعتبر في كلمته أمام أعضاء أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر أن عقد هذه الدورة الاستثنائية للفيدرالية الديمقراطية للشغل للتداول في مشروع الدستور، هو انعكاس للإرادة الجماعية لكل افيدراليات والفيدراليين لتجاوز الوضع التنظيمي للمنظمة في أفق الوحدة التنظيمية كهدف موضوعي وذاتي لكل المناضلين، وهو ما شدد عليه أيضا عبد الحميد فاتحي الذي سير أشغال الدورة الاستثنائية، حيث أكد فاتحي أن اجتماع المجلس الوطني يعبر عن وعي جماعي لكافة الفيدراليين والفيدراليات للتوجه نحو الوحدة، وهذا المجلس هو مدخل أساسي للتوجه أيضا نحو المستقبل. من جانبه شدد عبد الرحمان العزوزي على أن «استثنائية الدورة تأتي أيضا في موضوعها المتمثل في التداول في الموقف من الإصلاحات الدستورية التي يجسدها مشروع الدستور الجديد، والذي يشكل الترجمة المؤسساتية لمطالب الشعب المغربي وقواه الحية، ويمثل تحولا مفصليا في التاريخ السياسي لبلادنا، مما يحملنا مسؤولية كبرى في التعامل الوطني والموضوعي مع هذا النص الدستوري، والذي تفتح مضامينه أفقا واسعا لدمقراطة الدولة المجتمع». وعبر العزوزي عن أن الوعي الجماعي للفيدراليات والفيدراليين بسمو الانتماء للوطن على ما دونه من الانتماءات السياسية والحزبية والنقابية، لقادر على أن يجعل من هذا الاستثناء التنظيمي، على خلفية الاستثناء الدستوري، مدخلا أساسيا لوحدة الفيدرالية الديمقراطية للشغل، ودعا إلى ضرورة وضع النص الدستوري الجديد في سياقه السياسي العام، باعتباره نتاجا طبيعيا للنضالات التي خاضتها القوى الوطنية والديمقراطية منذ الاستقلال الى الآن من أجل الإصلاح الدستوري والسياسي، وبناء الدولة الديمقراطية والمجتمع الحداثي. وبالتالي، يضيف الكاتب العام للفيدرالية» فنحن لسنا أمام حدث غريب على تقاليدنا السياسية، وإنما نحن أمام مشروع دستور سبقته عدة دساتير. والتي كانت التعبير السياسي عن الصراع حول مفهوم السلطة وهيكلة النظام السياسي ببلادنا بين القوى الوطنية والديمقراطية التقدمية، والمتحكمين في زمام السلطة، والتي كانت أيضا مقياسا لمدى انفتاح السلطة على المجتمع في إطار المشاركة السياسية ومجال الحريات العامة. وذكر عبد الرحمان العزوزي بالتصويت على دستور 1996، الذي شكل نوعا من المصالحة السياسية التي أفضت الى التناوب التوافقي سنة 1998، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتمكين بلادنا من امتلاك الآليات الدستورية والسياسية لبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات، مما يجعل من مشروع الدستور الجديد نصا يجيب عن بعض مظاهر التعثرات والاختلالات السياسية التي عرفتها مرحلة ما بعد دستور 96، وفي نفس الآن يفتح الآفاق نحو تكريس بعض المرجعيات المتعارف عليها دوليا لبناء الديمقراطية وحقوق الإنسان. واعتبر عبد الرحمان العزوزي أن الفيدرالية امتداد للزخم النضالي للحركة النقابية المغربية منذ الاستقلال إلى الان، في الدفاع عن القضايا الكبرى للشغيلة المغربية من جهة. ومن جهة ثانية الانحياز الدائم الى قوى التقدم والحداثة من أجل إقرار دستور ديمقراطي وبناء الدولة الحديثة، دولة القانون والمؤسسات، «ونحن مطالبون اليوم بإبداء رأينا في هذا المشروع باعتباره محطة مفصلية في التاريخ السياسي لبلادنا، وباعتباره يؤسس لمغرب الغد. المغرب الذي يسعى الى بنائه كل المغاربة». وبعدما ذكر بالحراك المجتمعي العربي والمغربي الذي ساهم في التعجيل بالإصلاحات الدستورية، وكذلك الحراك المجتمعي .. في حركة 20 فبراير كعنوان لهذا الربيع العربي، أكد أن الإصلاحات الدستورية والسياسية ليست وليدة هذه اللحظة فقط، وإنما هي منتوج تاريخي للصراع السياسي. ورأى أن التعديلات الدستورية لا تقدم الاجابات فقط على لحظة الحراك المجتمعي، وإنما تجيب أيضا عن مطالب الإصلاحات التي عبرت عنها القوى الوطنية طوال تاريخها النضالي. وعدد العزوزي العناوين الرئيسية التي جاءت في مشروع الدستور. والتي، يقول، بشأنها أنه يجب التعامل معها بالمسؤولية اللازمة في هذه المرحلة من تاريخ بلادنا، مشددا في كلمته على أن الفيدرالية جزء من القوى الوطنية والديموقراطية مع تسطيره على النفس التحديثي والديموقراطي للمشروع، مؤكدا أن الإصلاحات السياسية تبقى ضرورة موضوعية لنجاعة الإصلاح الدستوري.من خلال تأهيل الأحزاب الساسية ذاتيا وموضوعيا، والتعجيل بإخراج القانون التنظيمي، إقرار نظام انتخابي ونمط اقتراع قادرين على القطع مع ممارسات الفساد التي عرفتها العمليات الانتخابية في السابق، إقرار لوائح انتخابية جديدة، التعبير العملي لحياد السلطة في الممارسة الانتخابية، الضرب على أيدي مفسدي الانتخابات والمال الحرام، القطع مع نظام الريع والامتيازات،إعمال القانون في تحصيل مستحقات الدولة ومحاربة الغش والتهرب الضريبي. وأضاف القيادي الفيدرالي أن الخطاب الملكي ل 9 مارس 2011 يشكل مدخلا لنقاش وطني حول الإصلاحات الدستورية من خلال اللجنة المشكلة لهذا الغرض ومن خلال الآلية السياسية للمتابعة المشكلة من الأحزاب والنقابات، واعتبر أن اشراك المركزيات النقابية في هذه الآلية، إقرار بدورها المركزي في تأطير الشغيلة المغربية ومكانتها في المشهد المجتمعي، وساهمت في إبداء رأيها في المشروع الدستوري الجديد، إذ قدمت الفيدرالية مذكرة الاصلاحات الى اللجنة الاستشارية، والتي جاء المشروع، يقول عبد الرحمان العزوزي بكثير من مضامينها، وهو ما يحتم علينا اليوم أخذ الموقف الوطني من هذا المشروع. موقف ينسجم مع قناعاتنا وموقعنا إلى جانب القوى الوطنية والديمقراطية وقوى التقدم والحداثة.