طنين، وخز، فبُتور، إنها الثلاثية التي أصبحت تؤرق بال البيضاويات والبيضاويين وتقض مضجعهم على امتداد الرقعة الجغرافية البيضاوية، فالبعوض «شنيولة» أصبح يؤثث كل المنازل والدور ولم يعد مقتصرا حضوره على مكان معين، إذ استباح حرمة كل المنازل من الأحياء الصفيحية إلى الأحياء الشعبية، مرورا بالمتوسطة، وصولا إلى تلك الراقية، سواء تعلق الأمر بالشقق الفاخرة أو بالفيلات، دون إغفال المطاعم والمحلات التجارية ومختلف المرافق... الحشرة نفسها والمعاناة واحدة، والمتضررون منها كُثر سيما الأطفال والرضع، الأمر الذي أثار ويثير حفيظة البيضاويين الذين أصبحت مجالسهم تناقش ، وباهتمام، مشكلا طرح نفسه وبإلحاح وهو «اشنيولة»، بعدما كان يعتقد البعض في الأيام الأولى أنه وحده المعني بغزو هذه الحشرة لسبب من الأسباب، إلى أن تبين أنها قاسم مشترك بين كافة الأحياء البيضاوية. ليس البعوض وحده سبب هذه المعاناة، فغزو جحافل الحشرات للمنازل تعاظم وتفاقم، وانضافت إليه أسراب الذباب، والصراصير مختلفة الأحجام، التي أبت إلا أن تقتسم أرجاء المنازل مع سكانها، الذين وجدوا أنفسهم يهرعون لاقتناء المبيدات الحشرية علها تسعفهم وتخلصهم من زوار غير مرحب بهم، في حين سعى البعض إلى البحث عن خلطات أخرى قد تكون أكثر فعالية في الحرب ضد الحشرات، بعدما تبين لهم أن أعدادها تتكاثر في توقيت من المفروض أن تكون مصالح حفظ الصحة بالمدينة قد قامت بحملتها على صعيد العاصمة الاقتصادية، من أجل تصريف الدواء المقتنى لهذه الغاية والذي تخصص له ميزانية مهمة من مالية المدينة، تظهر بصماته بشكل جلي على وثائق الصرف خلال الحساب الإداري، في حين تغيب رائحته عن الدروب والأحياء البيضاوية ؟ استنكار البيضاويات والبيضاويين لغزو الحشرات وتقاعس المنتخبين، لم يحرك في هؤلاء ساكنا، الذين صموا آذانهم وأغمضوا أعينهم عما يقع، وهم الذين خصصوا ويخصصون سنويا مبلغ 270 مليون سنتيم لمحاربة الحشرات لوحدها، ويرتفع هذا المبلغ ليصل إلى 800 مليون بإضافة الأدوية التي تخص مواجهة الجرذان، وتبقى تلك الأدوية مخزنة في المستودعات ولاتغادرها إلا عندما تتوجه صوب ضيعات وفيلات لشخصيات معينة، بعضها مرتبط بمجال تدبير الشأن المحلي والبعض الآخر هم من ذوي النفوذ، والذين تصلهم هذه الأدوية بطرق ملتوية ويتكلف برشها أعوان المقاطعات، بينما لاتعرف هذه الأدوية الطريق إلى الأحياء السكنية للمواطنين إلا بعد تعالي وارتفاع أصوات الاحتجاج ! وفي نفس السياق، فقد كان مجلس مدينة الدارالبيضاء قد اقتنى مضخة متطورة لاستعمالها في رش المبيدات والأدوية الحشرية، وهي المضخة التي كلف اقتناؤها مبلغا ماليا هاما ، وذلك منذ أكثر من 3 سنوات، إلا أنها أهملت بمرآب المعدات ، وهي الآن تعتبر بمثابة عش للبعوض، وذلك بدعوى عدم توفر مجلس المدينة على سيارة «بيكوب» (!!) تحمل المضخة على متنها للقيام بمهمتها المتمثلة في محاربة الحشرات، في حين تصرف أموال طائلة على كراء السيارات للمنتخبين بكافة المجالس بمبلغ يقارب مليار سنتيم !