أثارت اشكالية غلاء أسعار الاتصالات و المشاكل التي مازالت تهيمن على هذا القطاع نقاشا واسعا تباينت فيه وجهات النظر وردود الأفعال بين بين جميع الأطراف المتدخلة في هذا الملف، وكان الفريق الاشتراكي هو أول من رمى الحجرة في هذه البركة التي ظلت راكدة لسنوات عدة ، اتسمت بتسيب فاحش في الأسعار والخدمات و بأرباح خيالية جنتها الشركات الفاعلة في القطاع ودفعت فاتورتها من جيوب المواطنين . وقد عبر لنا خالد الحريري عن ارتياحه للنتائج التي أسفرت عنها مبادرة الفريق بدعوته لاجتماع لجنة المالية لمناقشة هذا الموضوع ، بحضور أحمد رضا الشامي وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة والمدير العام للوكالة الوطنية للتقنين والمواصلات.وذلك خلال جلستين هامتين للجنة المالية والتنمية الاقتصادية أولاهما انعقدت في نهاية مارس الماضي والثانية انعقدت في بحر هذا الأسبوع، واعتبر الحريري أن مبادرة الفريق خلقت نقاشا واسعا لدى المتتبعين تعزز بتقريرين مفصلين، أحدهما أنجزه المجلس الأعلى للحسابات و الآخر أصدره مجلس المنافسة، وهما التقريران اللذان انتقدا بشدة دور وكالة تقنين الاتصالات في هذا المجال وصبت خلاصاتهما في نفس الاستنتاجات التي أثارتها اللجنة البرلمانية. غير أن أهم ما أفرزه هذا النقاش والجدل حول الموضوع، يضيف الحريري يتمثل في إخراج وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة لمشروع قانون يعدل القانون 24-96 المنظم لقطاع الاتصالات واقتراحها لمرسومين يساعد وكالة تقنين الاتصالات على القيام بدورها بشكل أحسن، ويمكنها من آليات الزجر والمراقبة الفعلية لمدى امتثال الفاعلين لدفاتر التحملات. ويرى الحريري أنه على الرغم من الإشادة الرسمية بتطوير الخدمات والتغطية في قطاع الاتصالات والانخفاض المسجل خلال السنوات الأخيرة في الأثمنة إلا أن الملاحظات الميدانية تدفع الى التساؤل حول الوضعية الحقيقية للمنافسة حول الأثمان. ويلاحظ عضو الفريق الاشتراكي أن المقاربة الميدانية لأثمنة الاشتراكات في المحمول عند الفاعلين الثلاثة تبين أن هناك شبه تفاهم حول الأثمان وهو ما يمنعه القانون.ويضيف أن الانخفاض المهم الذي حصل في أثمنة الفاعلين الأولين بعد دخول الفاعل الثالث وهو وإن كان إيجابيا يدفع للتساؤل حول الأثمان التي كانت تمارسها اتصالات المغرب وميديتل طيلة سنوات. وقال الحريري ان المقارنات الداخلية التي حصلنا عليها من إحدى الشركات تبين أن الأثمان بين الفاعلين رغم تنوع العروض تبقى متشابهة. كما يرى عضو الفريق الاشتراكي أن هوامش الربح جد مرتفع بالنسبة لكثير من الخدمات دون أن يكون لها ما يبررها على مستوى التكاليف، وقدم لنا مثالا عن الرسائل النصية القصيرة SMS والتي تجني من ورائها الشركات الفاعلة في القطاع مبالغ خيالية حيث يقدر رقم معاملات هذه الخدمة وحدها بمايزيد عن 1.6 مليار درهم، ويمكن القياس على ذلك في في خدمات العلبة الصوتية والمكالمات الداخلية للزبناء لمعرفة الرصيد أو التساؤل عن خدمات المتعهد... كما سطر خالد الحريري في مختلف مداخلاته على تعقيد العروض التي يقدمها المتنافسون وهو التعقيد الذي يجعلها صعبة الفهم من لدن المستهلك ويساعد بالتالي في إبقاء الأثمنة مرتفعة. ولاحظ أنه مع النجاح الذي عرفه الاانترنت غير الثابت تبين أن هناك تدهورا في الخدمات ناتج عن عدم مسايرة التجهيزات الأساسية للفاعلين لعدد المبيعات . وينتج عنه عدم المطابقة بين الصبيب المعلن عنه والواقع مما يشكل ضمنيا ارتفاعا في الأثمان. بالإضافة إلى هذه الملاحظات التي قدمها الحريري حول الخدمات أوضح أن متابعة النتائج المالية للفاعل الأساسي تبين أنه يحقق نسبة أرباح جد مرتفعة يصعب وجود مثيلها في الشركات المماثلة عبر العالم ( أكثر من 30% نسبة الأرباح على رقم المعاملات ) . وهي نسبة لا يمكن الحصول عليها في سوق فيه منافسة حقيقية وتفنين فعلي . كل هذه الملاحظات دفعت الحريري الى مساءلة المشرفين المباشرين عن القطاع: هل هناك ظروف منافسة عادلة في السوق المغربي سواء فيما يتعلق بالهاتف المحمول أو بالهاتف الثابت بالانترنت عبر الشبكة الثابتة أو بالانترنت عبر الشبكة غير الثابتة كما تساءل الحريري عما اذا كان لهذه المنافسة أي أثر على المستهلك المغربي فيما يخص انخفاض الأثمان وجودة الخدمات وتحسين شبكة الولوج هذا فضلا عن الصعوبات التي تواجهها الوكالة لفرض منافسة أكبر والضغط بالأثمان حول الانخفاض وأي دور لها في حماية المستهلك.