تدارست لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب أمس، بحضور أحمد رضا الشامي وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة والمدير العام للوكالة الوطنية للتقنين والمواصلات، إشكالية غلاء أسعار الاتصالات و المشاكل التي مازالت تهيمن على هذا القطاع الذي يدر أرباحا خيالية على الشركات الفاعلة فيه . وأعاد خالد الحريري باسم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب طرح إشكاليات غلاء التسعيرة المعمول بها في السوق المغربي في ما يتعلق بالهاتف المحمول والهاتف الثابت والأنترنيت والرسائل القصيرة، وانعدام الوضوح في العروض التي تقدمها الشركات المتنافسة في هذا القطاع، سواء عبر طريقة احتساب التعبئات المضاعفة أو عبر تمديد فترات العروض التفضيلية، وهو ما يخلق ضبابية لدى المستهلك، خصوصا وأن كل فاعل يعتمد أسلوبا خاصا في احتساب سعر المكالمات بالدقيقة أحيانا وبالثانية أحيانا أخرى.كما سطر خالد الحريري على غياب جودة الخدمات في مجال الأنترنيت، خصوصا على مستوى حجم الصبيب الذي لا يكون في أحيان كثيرة متطابقا مع ما تم التعاقد حوله . ولم يفت الحريري التذكير بأن الأرباح المبالغ فيها التي تجنيها شركات الاتصال، تفسر بجلاء مستوى الغلاء الذي يتكبده المستهلكون المغاربة بالمقارنة مع العديد من الدول. وكانت جلسة أمس هي الثانية من نوعها التي تعقدها لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بعد تلك المنعقدة في نهاية مارس الماض، والتي كانت وراء تحريك المياه الراكدة في القطاع حيث خلقت نقاشا واسعا لدى المتتبعين تعزز بتقريرين مفصلين، أحدهما أنجزه المجلس الأعلى للحسابات و الآخر أصدره مجلس المنافسة، وهما التقريران اللذان انتقدا بشدة دور وكالة تقنين الاتصالات في هذا المجال وصبت خلاصاتهما في نفس الاستنتاجات التي أثارتها اللجنة البرلمانية. غير أن أهم ما أفرزه هذا النقاش والجدل حول الموضوع، يتمثل في إخراج وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة لمشروع قانون يعدل القانون 24-96 المنظم لقطاع الاتصالات واقتراحها لمرسومين يساعد وكالة تقنين الاتصالات على القيام بدورها بشكل أحسن، ويمكنها من آليات الزجر والمراقبة الفعلية لمدى امتثال الفاعلين لدفاتر التحملات. وكان الحريري قد أكد غير ما مرة أنه من خلال المقاربة الميدانية لأثمنة الاشتراكات في الهاتف المحمول عند الفاعلين الثلاثة، تبين أن هناك شبه تفاهم حول الاثمان وهو ما يمنعه القانون، مؤكدا أن الانخفاض المهم الذي حصل في أثمان الفاعلين الاولين بعد دخول الفاعل الثالث، وهو إن كان ايجابيا، يدفع للتساؤل حول الاثمان التي كانت تمارسها اتصالات المغرب وميديتيل طيلة سنوات. كما شدد في مداخلته باسم الفريق الاشتراكي، على أنه بالعودة الى مقارنات داخلية تم الحصول عليها من إحدى الشركات، تبين أن الاثمان بين الفاعلين رغم تنوع العروض تبقى متشابهة، بالإضافة الى تعقيد العروض مما يجعلها صعبة الفهم من لدن المستهلك ويساعد في إبقاء الاثمنة مرتفعة. ولاحظ الحريري أنه رغم النجاح الذي عرفه الانترنيت غير الثابت، فقد تدهورت الخدمات نتيجة عدم مسايرة التجهيزات الاساسية للفاعلين لعدد المبيعات.وينتج عن ذلك عدم المطابقة بين الصبيب المعلن عنه والواقع، مما يشكل ضمنيا ارتفاعا في الاثمان.