سيظل يوم رابع يونيو 2011، وسيظل المركب الجديد لمراكش، راسخا في ذهن اللاعب عبد الحميد الكوثري، ليس لأنه شهد انتصارا عريضا لأسود الأطلس على المنتخب الجزائري، وإنما لأنه أول يوم يحمل فيه القميص الوطني وأول مكان يظهر فيه بشكل رسمي رفقة المنتخب الوطني، بعد حصوله على موافقة الاتحاد الدولي باللعب للمغرب. اختار عبد الحميد الكوثري بلد الأصول والأجداد، رغم أنه كان من الدعامات الأساسية للمنتخب الفرنسي لأقل من 19 سنة. أخذ وقته الكافي في التفكير قبل حسم الاختيار «نعم لقد تدرجت عبر مختلف الفئات الصغرى للمنتخب الفرنسي، لكن كان لابد من حسم الاختيار، باعتبار أنني مزدوج الجنسية. فكرت كثيرا بمشاركة عائلتي، وقررت في النهاية اللعب للمغرب، وأنا فخور بهذا الاختيار». مع انطلاقة الموسم الكروي الحالي، وبعد الإعلان عن رغبة ثلاثي مونبوليي (أيت فانا، الكوثري وبلهندة) اللعب للمنتخب الوطني المغربي، قرر آنذاك المدرب المساعد لإيريك غيريتس، دومنيك كوبيرلي، ربط الاتصال بعبد الحميد من أجل استفساره عن المراحل التي قطعها ملفه لدى الفيفا. هذا الاتصال بعث في نفس هذا الفتى الكثير من الحماس، ودفعه إلى مواصلة العطاء رفقة فريقه، الذي كان يتواجد في وضع سيئ داخل البطولة الفرنسية، وكان مهددا بالنزول، غير أن إصرار الكوثري وأصدقائه على البقاء ضمن الكبار، جعل مونبوليي يحافظ على مكانه. يتمتع بخصال كروية مهمة، فهو لاعب متعدد الأدوار في الخط الدفاعي، فرغم أنه في الأصل ظهير أيسر، إلا أنه يجيد اللعب في مركز المدافع الأوسط، وهو المركز الذي تألق فيه رفقة المنتخب الوطني أمام الجزائر، وأنسانا فعلا غياب أحمد القنطاري. فقد لعب 49 كرة وصنع 35 تمريرة واعترض 23 كرة، وهو رقم مهم جعله ثاني أحسن لاعب في الخط الدفاعي للفريق الوطني المغربي بعد بدر القادوري. إنه مدافع عصري وهادئ في تدخلاته، كما أنه يبتعد كثيرا عن اللعب الخشن، وهذا ما تظهره الإحصائيات رفقة فريقه، فمن أصل 25 مباراة خاضها بألوان مونبوليي هذا الموسم (18 مباراة رسمية و 7 في الاحتياط)، لم يتلق عبد الحميد سوى خمس إنذارات وبطاقة حمراء واحدة. وبالإضافة إلى يوم الرابع من يونيو 2011، سيظل أيضا يوم الخامس عشر من شهر غشت 2009، موشوما في ذاكرة هذا اللاعب الواعد، لأنه كان أول ظهور له مع فريقه مونبوليي (ضد لوريان في دوري الدرجة الثانية من البطولة الفرنسية). ومنذ ذلك التاريخ بات هذا اللاعب حاضرا بقوة في تشكيلة فريقه، وهي السنة التي حقق فيها رفقة فريقه الرتبة الثانية، وبالتالي الصعود إلى القسم الأول. لقد استطاع الكوثري، ورغم صغر سنه (من مواليد 17 مارس 1990) أن يعلن عن نفسه بمراكش أسدا صعب المراس في الخط الدفاعي للمنتخب الوطني، وشكل إلى جانب المهدي بنعطية ثنائيا متناغما، ومصدر دفء وأمان، رغم أنها أول مباراة رسمية له. يدين الكوثري كثيرا لفؤاد بريزيني، المشجع المخلص لفريق مونبوليي، وابن الحي الذي نشأ فيه، فهو عراب الكوثري، وأول من شجعه على الالتحاق بفريق مونبوليي قبل 11 سنة، وظل يتابع خطواته. «إنه بمثابة المدرب بالنسبة إلي، وظل حاضرا إلى جانبي، وساهم في اندماجي داخل الفريق، بعدما اجتزت اختبار الانتقاء الأولي.» ويعترف الكوثري أن التحاق زميله بالفريق يونس بالفريق الوطني شجعه كثيرا على اللحاق به، خاصة أنه كان يحدثه عن الأجواء الرائعة والاحترافية داخل المجموعة الوطنية. «الفريق الوطني المغربي متراص الصفوف، مقارنة مع السنوات الفارطة، زميلي يونس قال لي إن الأجواء جيدة، والكل يتطلع إلى تحقيق أفضل الإنجازات. وبالتأكيد فإن سماع مثل هذه الأخبار، تدفعك إلى استعجال التحاقك بالفريق الوطني، خاصة في ظل تواجد مدرب كبير من حجم إيريك غيرتس، الذي احترمه وأقدره كثيرا».