قبل ثلاثة أشهر لم يكن اسم أسامة السعيدي يعني أي شيئا بالنسبة للجماهير المغربية، رغم أنه تقدم رسميا لدى الفيفا بطلب اللعب للمغرب، باعتبار أنه كان لاعبا سابقا في منتخبات الفئات الصغرى لهولندا. وخلال مباراة الذهاب بعنابة، حيث دخل في الدقيقة 87، لم يفهم حتى التقنيون المتخصصون الغاية من إدخال لاعب في هذا الوقت المتأخر من مباراة كان فيها المنتخب الوطني المغربي منهزما. وقبل أسبوعين من موعد مباراة مراكش، لم يكن أحد من المتتبعين المغاربة يراهن على مشاركة هذا اللاعب القادم من جبال الريف أساسيا ضد المنتخب الجزائري، في مباراة حساسة جدا، وتعد مفتاح التأهيل إلى نهائيات كأس إفريقيا 2012. لكن ومع صافرة بداية هذا الديربي المغاربي، تغير كل شيء، وتحول هذا الفتى القصير والنحيف إلى ملهم كل الشعب المغربي، وبات اسمه مترددا بقوة في المدرجات كما الشوارع بعد الانتصار التاريخي. «وا السعيدي...» كان لحادث رحيل عادل تاعرابت عن معسكر المنتخب الوطني، احتجاجا على قرار المدرب إيريك غيريتس بإبقائه في كرسي الاحتياط، وإشراك لاعب هيرينفين الهولندي أساسيا، الأثر الكبير في نفس اللاعب السعيدي، ورفع من معنوياته ودرجة إصراره، لأنه كان أمام تحديين. إثباب الذات والدفاع عن اختيار المدرب، الذي وضع فيه الثقة كلاعب أساسي. خلق السعيدي شوارع عريضة في خط الدفاع الجزائري ، وتلاعب بأكثر من لاعب. مرر وسدد وراوغ وسجل، فاستحق لقب عريس مراكش. رأى النور يوم 15 غشت من سنة 1988 بمنطقة بني بوغافر بإقليم الناظور، قبل انتقال العائلة للاستقرار بهولندا. هناك بالأراضي المنخفضة برزت مواهبه الكروية، فقرر صقلها أكاديميا، عبر الالتحاق بفريق أومني ورلد، ومنه إلى غرافشاب، قبل أن يحط الرحال قبل موسمين بهريفنين، ويتحول إلى أبرز نجومه الذين تخطب ودهم أقوى الأندية الهولندية، وفي مقدمتهم أيندهوفن. تعالت أصوات الجماهير المغربية بمدرجات مركب مراكش، وصدحت باسم السعيدي، الذي امتعها بلوحاته الفنية طيلة 75 دقيقة، التي لعبها في هذه المباراة. منذ شهر دجنبر الماضي رسم السعيدي كل لوحات التألق مع هيرنفين، وقاده إلى تحقيق نتائج باهرة، فتوجهت إليه أنظار الناخب الوطني إيريك غيرتس، الذي استدعاه أول مرة، وكان أول ظهور له بالألوان المغربية يوم تاسع فبراير ضد النيجير.