اختيرت السعودية منى خزندار مديرة لمعهد العالم العربي، الأمر الذي يعتبر سابقة. إذ أنها المرة الأولى في تاريخ المعهد تشغل هذا المنصب. بعد الدراسة بالسعودية وجنيف وباريس والعمل بالمعهد لأكثر من 25 سنة حيث شغلت منصب أمينة قسم الفنون المعاصرة والفن بمتحف معهد العالم العربي. ونظمت مجموعة من المعارض وساهمت في انجاز العديد من الكاتالوغات والدراسات. وتشغل منصف نائب رئيس منظمة المنصورية للثقافة والإبداع وهي منظمة سعودية تشجع الفن السعودي والعربي المعاصر. وتنتظر مديرة المعهد تحديات جديدة سواء التحديات المادية حيث يعاني المعهد عجزا ماليا او تحديات في تحقيق اهداف المعهد وهي التعريف بالثقافة العربية الى الفرنسيين في اجواء الخوف والانطواء الذي اصبحت تعيشه فرنسا اليوم. في هذا الحوار تحدثنا المديرة عن برنامجها والأهداف التي تريد تحقيقيها أثناء ترؤسها لهده المؤسسة الفرنسية العربية. باعتباركم أول امراة عربية يتم تعيينها على رأس مؤسسة العالم العربي، الذي يعتبر قنطرة وصل بين العالم العربي وفرنسا. ما هو البرنامج الذي تودين تطبيقه من أجل منح دفعة جديدة إلى هذه المؤسسة؟ كما تفضلتم فإن هدف المعهد ان يصبح مرة أخرى منبرا لحوار الحضارات بين العالم العربي وفرنسا، وكذلك فضاء للحوار بين المثقفين العرب بفرنسا والمثقفين العرب بالعالم العربي، بحيث يصبح ملتقى ومنبرا لهذا الحوار بين الجانبين وهذا أمر مهم بالنسبة لنا. إن هدفي هو توطيد علاقات الشراكة بين فرنسا وبلدان العالم العربي وأن لا يقتصر هذا التعاون على الحكومات بل مع المؤسسات الخاصة العربية والمثقفين والمبدعين العرب خاصة ان العالم العربي اليوم يشهد ثورة ثقافية في كل المجالات الفنية، الهندسية، التشكيلية والابداعية، وهذه الانتاجات الفنية لا بد ان يكون المعهد واجهة لتقديمها سواء للعرب بباريس أو الفرنسيين أو الأوربيين بصفة عامة ومختلف الزوار الوافدين على باريس. أهم شيء هو توطيد الشراكة الفرنسية العربية، أجد نفسي مطالبة بتحقيق عدد من الأمور السنة المقبلة سوف، مثل أن نحتفل بمرور 25 سنة لانطلاق المعهد، وستكون هذه الذكرى فرصة لإعادة التفكير في علاقة العالم العربي بهذه المؤسسة. فعندما تأسس المعهد لم يكن العالم يتوفر على كل تقنيات العولمة التي نعرفها اليوم والتي تمكن من التواصل بسرعة كبيرة وبشكل دائم ومستمر مع العالم العربي، وبتكاليف أقل مثل المكتبات الرقمية التي من شأنها أن تساهم في تواصل دائم مع المبدعين العرب والعالم العربي. هل تتوفرون كمعهد على الإمكانيات اللازمة خصوصا على المستوى المادي لتطبيق البرنامج الذي تحدثتم عنه في تطوير التواصل بين المعهد العالم العربي؟ بحكم عملي بمعهد العالم العربي كموظفة مند 25 سنة تمكنت من ربط علاقات ذات أهمية كبيرة بالمنطقة العربية، وايضا من تمنت من ذلك ايضا من خلال المعارض والاعمال التي نظمتها وخاصة في منطقة الخليج. واتمنى ان هذه العلاقات ستسمح لي بإنجاز شراكات تمكنني من تحقيق برامج تعاون مع هذه المؤسسات العربية، واعتقد أن الشراكات الثنائية او المتعددة الأطراف هي الضيغة التي يمكن إن تبني عليها علاقات التعاون. من المعروف أنّ المعهد يعاني مشاكل مادية وجزء منها يعود لتأخر بعض البلدان العربية في دفع مساهماتها، ففرنسا تدفع نصف ميزانية المعهد والنصف المتبقي هو مساهمة من البلدان العربية ،فهل باستطاعة المعهد ان يتجاوز هذه الازمة المادية لتطبيق برنامجه الثقافي؟ إن المشكلة التي ذكرتها لم تعد حاليا بالمعهد، وكانت مرتبطة بتاسيسه فيما يخص المساهمات المالية وهو نظام اعتمد عليه المعهد إلى حدود سنة 1996، واليوم نطلب من البلدان التي لم تؤدي هذه المستحقات ان تفعل ذلك وبعد هذا التاريخ لم يعد المعهد يعتمد على هذه المساهمات، ميزانية المعهد اليوم تتشكل ب50 في المائة من مساهمة الدولة الفرنسية والباقي هو مداخيل المعهد من بيع التذاكر للمعارض الفنية ،الحفلات وكراء القاعات وكذلك التمويل الخاص ولكن هذا لا يمنع البلدان العربية عندما يكون لهم نشاط معين من القيام بتمويله. والمعهد العالم العربي يعرف بعض المشاكل المادية وانا لن اخفيك ذلك، إننا اليوم نعمل على ايجاد حلول لذلك من دون الاعتماد على الحكومات ولابد لنا من الاتجاه نحو الشركات الخاصة للحصول على هذا التمويل ،هذا تقليد اصبح سائدا سواء بفرنسا او باوربا بصفة عامة.وتلجأ له حتى اكبر المؤسسات، وكذلك الشركات مع المؤسسات الحكومية. في اعتقادكم هل يمكن للمعهد ان يخرج من هذه الازمة المادية المزمنة بالاعتماد على هذه التمويلات الخاصة والشراكات مع القطاع العمومي؟ هذا هو الهدف الذي سوف نوجه له كل جهود المعهد للحصول على التمويل اللازم. لكن كما تعرفون وبحكم تجربتكم فإن القطاع الثقافي هو قطاع لا ينتج الربح بشكل مباشر من وجهة نظر اقتصادية، فكيف يمكن اقناع الشركات الخاصة التي تسعى لربح بالمساهمة معكم في انشطة المعهد؟ نحن واعون بهذه الصعوبات لهذا نسعى إلى تنويع مواردنا، بالاضافة الى تمويل الدولة الفرنسية كما ذكرت، فهناك البلدان العربية التي تحب تنظيم أنشطة لها بباريس سوف تساهم من دون شك ،مثلا نحن الان بصدد تجديد قاعة المتحف الخاصة بالمعهد من أجل اعطائه شكلا جديدا وحصلنا على تمويل سعودي واخر كويتي بالاضافة إلى مساهمة بعض الشركات الفرنسية الخاصة. فالجمع بين التمويل العام والتمويل الخاص والشركات مع بعض المؤسسات الثقافية العربية هي الحلول المتاحة لنا اليوم. توجد اليوم عدد من احكام القيمة والصور النمطية بفرنسا حول منطقة العالم العربي وهي كلها سلبية فكيف يعمل المعهد على تغيير هذه الصورة لدى الراي العام الفرنسي خاصة في المجال الثقافي ،هل لكم برنامج في هذا المجال بين المثقفين والمبدعين بهدين العالمين؟ من أهداف ومهام المعهد هو هذا الحوار والتواصل بين فرنسا والعالم العربي من خلال المثقفين والاعمال الابداعية. كيف نعرّف بالحضارة والثقافية العربية والاسلامية، التعريف بما يحدث اليوم بهذا العالم في جميع المجالات، وكيف نقدم العالم العربي الى عالم اليوم عن طريق الادب والفن وكل ما يتم ابداعه بالمنطقة. أحكام القيمة السلبية هذه تمس بشكل اكبر صورة بلدان الخليج العربي بفرنسا، ماذا تقترحون في هذا الاتجاه؟ إن هدفنا تقريب الفرنسيين من بلدان الخليج، التعريف بهذه الحضارة العربية لدى الفرنسيين. خلال السنة الماضية نظّم متحف اللوفر معرضا حول الحضارة بالسعودية وهو نشاط لقي نجاحا كبيرا جدا. إن المواطن الفرنسي وأيضا الاجانب، الكثير منهم لا يعرفون شيئا عن هذه البلدان، ودور المعهد هو التعريف بغنى هذه البلدان وانه حظ كبير بالنسبة لي أن تُتاح لي الفرصة بالقيام بهذا الدور للتعريف بهذه البلدان. اثناء الانتخابات الرئاسية لسنة 2007، كانت هناك بعض الاراء تتحدث عن تحويل معهد العالم العربي إلى معهد متوسطي والتخلص من الصيغة الحالية لهذه المؤسسة،هل من تؤكدون ذلك؟ في اعتقادي هي مجرد اشاعات حول المعهد وتغيير شكله، ولا أساس لها من الصحة. فمعهد العالم العربي له نظام أساسي ينظمه وأسّسته فرنسا مع جامعة الدول العربية. كيف سيكون البرنامج الثقافي والفني الجديد للمعهد سنة 2012 إن برنامج المعهد للسنة المقبلة سوف يتميز بالاحتفالات بالذكرى 25 لمعهد العالم العربي، إذ سيتم تنظيم احتفالات خاصة وانشطة بهذه المناسبة، ومعارض فنية ولقاءات ثقافية، بالاضافة طبعا الى الانشطة الدورية التي يقوم بها المعهد كل سنة. هل من برنامج خاص لاعطاء دفعة جديدة للحوار العربي الفرنسي على ايقاع التحول الذي تشهده العديد من البلدان العربية اي ربيع العالم العربي ؟ لو وطدنا الشراكة الفرنسية العربية سنعمل بالتالي على توطيد العلاقات ما بين المثقفين العرب والفرنسيين وتقوية الأسس التي سوف ستغني انشطة المعهد وتساهم أكثر في اشعاع المعهد كونها ستمس كل جوانب الثقافية بالعالم العربي . يلاحظ جل زوار المعهد والمترددين عليه ان مستهلكي الانشطته الثقافة للمعهد هم فرنسيون او اجانب رغم وجود جالية عربية واسلامية كبيرة بفرنسا يصل عددها الى 6 ملايين، كيف تفسرون هذا الغياب للجاليات العربية على الخصوص؟ نحن نفتخر كون أكبر عدد من الزوار هم فرنسيون، ولو كنا نعيش العكس لكان الامر غريبا خاصة إذا كان زوار المعهد من العرب فقط. ونحن قمنا بعدة دراسات حول نوعية الجمهور الذي يحج الى المعهد ولاحظنا ان هناك تنوعا، هناك أشكا ل من الانشطة تجذب زوار فرنسيين اكثر وانشطة اخرى تجذب العرب اكثر، فمعرض الفراعنة تمكن من جذب الفرنسيين، فيما انشطة اخرى مثل الموسيقى والسينما تجذب العرب اكثر، وهذا جد ايجابي ان المعهد يستقطب عددا كبيرا من الفرنسيين.