ال 20 فبراير هو الاسم الذي يُطلق على الحركة التي اندلعت بدعوة من الشباب الفايسبوكي في المغرب، والتي تهدف إلى إصلاح النظام السياسي السائد بالمغرب منذ 50 عاما، وهذه الحركة تنبع من داخل الحركة الديمقراطية الواسعة التي تشمل العديد من البلدان العربية مثل تونس ومصر واليمن والبحرين والجزائر وليبيا. ما يسمى «الحركة» هي أولا وعي الشباب، بدعم من الشعب، مما أدى إلى ثورة تهدف إلى تغيير هياكل المجتمع المغربي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. إنها تتميز بكون شباب يحمل مشروع إقامة حكومة منتخبة، الفصل بين السلطات، انتخابات حرة، نهاية الفساد السياسي وغير السياسي إلخ... إذا كان اندلاع هذه الحركة عند بدايتها قد خلق إجماعا حماسيا، فإن الأيام الأخيرة كشفت عن انقسامات عميقة وعدم وجود انسجام بشأن المطالب الأساسية، مما أدى إلى التباس بين ما هو اجتماعي وما هو اقتصادي وما هو سياسي، وانقسامات أيضا بشأن السبل الكفيلة بتمكين الحركة من نفس جديد. وهذا ما يبرر أنني في الآونة الأخيرة، بدأت أشعر بانزعاج واستياء، خصوصا جراء بعض الشعارات المرفوعة أو هجمات أخرى مشخصة ومنحطة. في بداية الحركة كان هناك خط واضح، انضبط له الجميع بشعارات مثل «إصلاح النظام مع كل ما يحتويه هذا الخط من وجوب احترام الخطوط الحمراء. كل ذلك كان يحظى باحترام كبير حتى الآن، ولكن بدأنا نحس أن هناك انزلاقات لا بد من العمل على تصحيحها. كل التعاطف الذي تمتعت به حركة 20 فبراير من طرف المغاربة كان قائما على أساس النضج والذكاء اللذين كانت الحركة قادرة على إبرازهما حتى الآن. لا يجب على الحركة اليوم أن تبتعد عن هذا الخط والسلوك حتى تتلافى فقدان الرصيد التعاطفي من طرف العديد من المؤيدين. وحتى لا يتحول الاستثناء المغربي المذكور في جميع أنحاء العالم، إلى «هلوسة». فهناك شيئان اثنان بسيطان يجب إبعادهما من سلوكنا اليومي إذا كنا نريد إنقاذ الحركة : الديماغوجية والنفاق. لست أدري لماذا، ولكن لدي شعور بأن رائحة المؤامرة بدأت تنتشر. خصوصا عندما نسمع أعضاء من الحركة، تحولوا بعصى سحرية إلى «زعماء»، يخاطبوننا بعبارات تشبه تلك التي سمعناها في ميدان التحرير عند الأشقاء في مصر. وآمل مخلصا ألا نكون أخطأنا في دعمنا لحركة غير متجانسة على اعتبارها، في نظري، فرصة بالنسبة لمغرب الغد. وفي نفس الوقت قد نكون خائفين عليها، لأن في صفوفها يوجد شباب صادقون يؤمنون بالمثل الديمقراطية، ونشطاء حقوقيون وصحفيون ورجال الأعمال ومناضلون من اليسار، ومؤيدون ومعارضون للحكومة، ولكن تسللت داخل صفوفها أفكار أخرى متطرفة يحملها مستنقع الظلاميين الذين يحملون شعارات لا علاقة للمغاربة بها، والتي بدأت تقدم لنا بالفعل لمحة عما يمكن أن يكون مغرب بعد غد، من خلال تهييج المتظاهرين بشعارات مثل يجب «تدمير الأضرحة»، أو «حظر دوزيم» أو «إلغاء مهرجان موازين» بذريعة أن كل هذا «حرام»، فيمكن للمرء بسهولة أن يتصور المشروع الذي يريده هؤلاء للمغرب، الذي من المرجح أن يصبح مغرب ما قبل الأمس. أما الذين يتظاهرون بالحب المفرط للملك، في هذه اللحظة بالذات، ومنهم في الواقع من يدافع عن امتيازات و يختبئ وراء التصعيد في التعلق بالملكية، نقول لهم : دعوا الملك جانبا، فإنه مبجل من قبل جميع المغاربة، ولسنا في حاجة لوضع صورته على البروفايل لنثبت ذلك، وحاولوا التركيز على ما يمنعنا من العيش الكريم. نعم نحن أيضا في حاجة إلى ثورة، ولكنها ثورة فكرية، وإلى الكثير من الوعي الجماعي كما كان الحال في بداية الحركة، لنقل بصوت عال: نعم إن البطالة تنخر شبابنا، نعم إن التعليم ليس في مستوى طموحاتنا، نعم لدينا نظام صحي سيئ، نعم مجتمعنا ليس على أحسن الأحوال، لكننا، ولله الحمد، لا علاقة لنا مع أنظمة تسقط مثل بيت من ورق في تونس ومصر وقريبا في ليبيا وغيرها من الأنظمة الشمولية العربية. عليكم أن تلقوا نظرة على أحوال جيراننا الذين لديهم احتياطيات مالية تفوق 160 مليار دولار من عائدات النفط ولا يستفيد منها الشعب، أو الأنظمة التي تقدم برامج «غسل الدماغ» باعتبارها مناهج دراسية. لهذه الأسباب يجب أن تكون ثورتنا في إطار الممكن الآن، وليس الاعتماد على مطالب «المزايدات السياسية» التي من شأنها أن تؤدي بنا إلى كل شيء، ما عدا إلى ما نطمح إليه. يجب علينا جميعا أن نرفع درجة يقظتنا وحماسنا لكي لا يُضيع المغرب فرصة الانتقال إلى عهد ديمقراطي حقيقي وإقامة دولة الحق والقانون. ومن أجل ذلك، على الذين ساعدهم الحظ وتعلموا كيف يفكرون بدلا من استهلاك التفكير الجاهز، عليهم ألا يستقيلوا في هذه اللحظة بالذات. ونظرا لما هو متوفر من إمكانيات الوصول إلى المعلومات، فمن السهل الآن تحديد مكامن ضعف الخطاب الرسمي، وتبادل الأفكار ومحاسبة الحاكمين، وإخراج الشعب من سباته. وإذا كان السؤال «ما هي أولوياتنا إذا أردنا العمل من أجل خير البلاد»، وبغض النظر عمن يطرح السؤال، فإن الجواب هو : «دعونا نستخدم الحس المشترك، وننسى ما قيل لنا، و لنتحاور». الحوار هو التقدم، والمغرب على قدم وساق في هذا الاتجاه من خلال فتح حوار وطني حول الدستور الجديد المقترح من أجل مغرب جديد.