السؤال : هل يمكن أن تقدموا لنا في البداية نبذة عن جمعية الفضاء الحداثي للتنمية و التعايش ؟ جمعية الفضاء الحداثي للتنمية و التعايش أسست يوم 9 يونيو 2003 مباشرة بعد الاحداث الارهابية ل 16 ماي 2003، وهي تعتبر أول جمعية وطنية أسست بعد هذه الأحداث الإرهابية، وكانت تحمل في البداية اسم المرصد الجهوي لنبذ الإرهاب و التطرف، حيث أسستها مجموعة من الفعاليات الجمعوية والثقافية والفنية وبمساهمة بعض أهالي عائلات الضحايا، رغبة منهم في اشراك المجتمع بمختلف شرائحه الاجتماعية في التجند و التعبئة ضد ظاهرة الارهاب الدخيلة على مجتمعنا المغربي. لكن فيما بعد ارتأى الإخوة في السكرتارية الوطنية تغيير اسم الجمعية إلى الاسم الحالي و الذي هو الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش . ماهي الأهداف و المبادئ التي أسست عليها الجمعية ؟ إذا قرأت بتمعن اسم الجمعية ستجد أن مبادئها ترتكز على أربع أسس و هي : الفضاء بمعنى أن الجمعية فضاء يسع كل أطياف المجتمع المغربي بمختلف انتماءاته الاجتماعية و الفكرية شرط أن يؤمن بأن المجتمع هو إطار للتعايش السلمي أساسه الاختلاف و قبول الغير و التسامح و السلم بين الناس . الحداثي : و معناها أن التوجه الفكري الأساسي للجمعية هو الفكر الحداثي العقلاني المبني على الرقي بالانسان إلى مراتب عليا من التقدم الفكري و الثقافي بعيدا عن الافكار الظلامية التي تريد العودة بالمجتمع إلى سنوات ماضية و تستغل الدين مطية لأهدافها السياسوية و المصلحية ، التنمية و هي الهدف الأسمى للجمعية التي تهدف إلى جعل تنمية الانسان و المجتمع فكريا و اجتماعيا الهدف المركزي ضمن جميع مقارباتها لظاهرة الارهاب انطلاقا من أن ضمان الحياة الكريمة للفرد في المجتمع و بلورة وعيه الثقافي و الفكري سيجعله محصنا ضد كل من سولت له نفسه استغلال جهل و فقر الطبقات الفقيرة لتحقيق أهدافه الارهابية . التعايش : حيث تتوخى الجمعية نشر فكر التسامح و التعايش بين جميع الناس على اختلاف أعراقهم و لغاتهم و دياناتهم من خلال جعل المجتمع المغربي نموذجا لانصهار الثقافات و الأديان والتعايش بين الناس في سلم و أمان، مع العمل على محاربة كل مظاهر الاقصاء داخل المجتمع من خلال الدعوة إلى مواجهة التطرف والإرهاب والغلو و قبول الاختلاف و الرأي الآخر . لوحظ أن قضية الإرهاب في المغرب عرفت تطورات مهمة في الآونة الأخيرة تمثلت في الإفراج عن بعض معتقلي السلفية الجهادية ، إضافة إلى تفجير مقهى أركانة بمراكش مؤخرا . باعتباركم جمعية أسست بهدف محاربة الفكر الظلامي و نشر قيم التعايش و الحداثة، ماهي قراءتكم لهذه التطورات الأخيرة ؟ عرف المغرب خلال الفترة الأخيرة تطورات متتابعة فيما يتعلق بقضية الإرهاب، أولها الإفراج عن بعض معتقلي السلفية الجهادية و خاصة رموزها من المنظرين لفكرها الجهادي و هذا الإفراج تزامن مع عودة النقاش وطنيا حول أحداث 16 ماي 2003 في ظل الخرجات الإعلامية لبعض المفرج عنهم و الذي أعلنوا تبرؤهم من المسؤولية في هذه الأحداث و قدموا إشارات حول تورط جهات معينة في الإعداد و التنفيذ لهذه الأحداث الإرهابية الشيء الذي يطرح علامات استفهام حول وجود جوانب غامضة غير معروفة تتعلق بأحداث 16 ماي و من المتورط فيها لذا و بغض النظر عن الفاعل الأساسي و أيا كانت هويته فإن الفعل يظل إجراميا و إرهابيا. إضافة إلى ذلك فتفجير مقهى أركانة يوم الخميس 28 أبريل 2011 أعاد النقاش حول ظاهرة الإرهاب الدخيلة على مجتمعنا المغربي خاصة و أن المغرب انخرط بشكل كامل في الحرب على الإرهاب معتمدا على المقاربة الأمنية حيث قام بتفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، لكن وقوع هذا الحدث الإجرامي يطرح سؤالا عميقا حول هل المقاربة الأمنية قادرة لوحدها أن تكون آلية لمحاربة الإرهاب و تجفيف منابعه ؟ لذا يمكننا القول في هذه النقطة أن المقاربة الأمنية المعتمدة على الحرب الاستباقية ليست هي المقاربة الوحيدة وعليه فإنه يجب على الدولة أن تعي بأن عملية تنويع المقاربات خاصة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية ستمكن لا محالة من وضع اليد على الأسباب الذاتية و الموضوعية التي تساهم في إنتاج الفكر المتطرف و ستساهم في بلورة الحلول الناجعة لهذه الظاهرة . تخلدون هذه السنة ، كما كان في السنوات السابقة ، الذكرى الثامنة لأحداث 16 ماي الإرهابية التي ضربت مدينة الدارالبيضاء ، لذا ففي ظل هذه المستجدات الجديدة التي تعرفها قضية الإرهاب ببلادنا ، ماهي طبيعة المقاربة التي سيعتمدها الفضاء الحداثي للتنمية و التعايش هذه السنة، وماهو برنامجه لتخليد هذه الذكرى الأليمة ؟ قبل التطرق إلى طبيعة المقاربة التي ستنتهجها الجمعية و برنامجها في تخليد الذكرى خلال هذه السنة ، تجب الإشارة إلى أن الفضاء الحداثي للتنمية و التعايش أصدر بيانا إلى الرأي العام الوطني زوال يوم الخميس 28 أبريل 2011 إثر وقوع تفجير مقهى أركانة بمراكش حيث اجتمعت السكرتارية الوطنية و أعلنت عن استنكارها الشديد لهذا الفعل الإرهابي والإجرامي الجبان الذي يهدف منفذوه، إلى ترويع أمن المغاربة وخلق بذور الفتنة والتوتر مرة أخرى. وأدانت الجهة التي كانت وراء التخطيط والتدبير لهذه الجريمة النكراء والبشعة. كما أكدت على أن هذا الفعل الإجرامي والإرهابي لن ينال من عزيمة المغاربة في السير قدما في مسار تعزيز الإصلاحات السياسية والدستورية وتحقيق المزيد من الدمقرطة ، وتكريس دولة القانون التي تقوم على مقاربة الحقوق والواجبات، وهي المميزات التي جعلت من المغرب بالفعل استثناء مقارنة بالعديد من الأنظمة العربية والإفريقية. وشددت على ضرورة رص الصفوف والتفكير الجماعي بشكل رزين وهادئ ، بعيدا عن ردود الأفعال المتسرعة والتمحيص الجيد من أجل الكشف عن ملابسات هذا الفعل الإجرامي وتقديم المتورطين أمام العدالة لمحاسبتهم ومتابعتهم بالمنسوب إليهم قانونيا. كما جددت جمعية الفضاء الحداثي للتنمية و التعايش دعوتها للحكومة المغربية من أجل تفعيل مقترح الجمعية، الذي بتخليد الذكرى الثامنة لأحداث 16 ماي الأليمة، سيبلغ سنته الثالثة، والقاضي بإحداث صندوق حكومي خاص للتكفل بضحايا الأعمال الإرهابية وذويهم . أما في ما يتعلق بالمقاربة التي ستعتمدها الجمعية خلال هذه السنة و برنامجها في تخليد الذكرى فستكون منقسمة إلى شقين : المقاربة الفنية التربوية والمقاربة الثقافية والفكرية وهو ما يشكل استمرارية للمقاربات التي من خلالها خلدت الجمعية السنة الفارطة الذكرى السابعة التي كانت تحت شعار « لتحيا الحياة »، و هي محطة أساسية في مسار تغيير استراتيجية تخليدنا للذكرى حيث فيما قبل كانت الجمعية تخلدها من خلال تنظيم وقفات احتجاجية . أما انطلاقا من السنة الفارطة فقد غيرت الجمعية من طريقة اشتغالها، حيث قررت تخليد الذكرى من خلال تنظيم حفل فني تربوي موجه للأطفال تحت شعار لتحيا الحياة ، أما هذه السنة فقد قررت السكرتارية الوطنية تخليد الذكرى الثامنة تحت شعار « لتستمر الحياة » انسجاما مع قناعاتنا بأنه رغم الحدث الإرهابي الأخير الذي عرفته مدينة مراكش ، فإن الحياة ستستمر، لهذا فبرنامج هذه السنة ينقسم إلى شطرين : الشطر الأول عبارة عن حفل فني تربوي نُظم أمس الأحد 15 ماي بحديقة الإدريسية التي لها مكانتها الرمزية باعتبار قربها من حي الفرح الذي عرف هو أيضا أحداثا إرهابية خلال أبريل 2007، و ذلك من خلال فقرات فنية و غنائية و تربوية متنوعة مع مشاركة وازنة للعديد من الفنانين المغاربة ، أما الشطر الثاني فهو الحديقة الفكرية الرابعة التي ستنظم يومه الإثنين 16 ماي بنفس المكان تحت عنوان « مغرب المستقبل و أسئلة الإرهاب »، و التي تعرف مشاركة ثلة من الفعاليات الحقوقية و السياسية والجمعوية، إضافة إلى ممثلين عن عائلات معتقلي السلفية الجهادية والمعتقلين السياسيين الستة المفرج عنهم . كلمة أخيرة تريد توجيهها عبر جريدة الاتحاد الاشتراكي أولا كل الشكر و الامتنان لجريدتكم المحترمة على هذه الاستضافة الكريمة ، و من خلال منبركم الكريم، أشكر كل أطر الجمعية المؤسسين و جميع الأعضاء الذين سهروا و قدموا تضحياتهم من أجل استمرارية الفضاء الحداثي للتنمية و التعايش كإطار فاعل داخل منظومة المجتمع المدني هدفه بناء مجتمع مغربي مؤسس على القيم الانسانية الكونية المتعارف عليها خدمة للهدف الاسمى الذي نطمح إليه ، و هو المجتمع الحداثي الديمقراطي . كما نعلن عن استمرار أعضاء الجمعية في برنامجهم التوعوي والفكري والاجتماعي الذي سطره الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش منذ تأسيسه في 9 يونيو 2003 ضد كل أشكال الغلو والتطرف والداعي إلى ترسيخ قيم التعايش والإيمان بالتعدد والاختلاف والقبول بالغير في المجتمع المغربي .