«أنا سعيدة لأننا تمكنا من قتل بن لادن» كانت هذه عبارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ردا على أسئلة الصحافيين بخصوص رد فعلها من مقتل أسامة بن لادن. لم يكن ذلك شعورها وحدها، بل شعور شاطرها إياه القادة في مختلف مناطق العالم. غير أن الانتقادات التي وُجهت لميركل على ضوء هذا التعليق تكاد تغطي في ألمانيا على عملية قتل بن لادن نفسها. يقول سيغفريد كودر، عضو بحزب الديمقراطيين المسيحيين ، الذي تتزعمه ميركل، ورئيس لجنة الشؤون القانونية بالبرلمان الألماني: «لا ينبغي الخوض في تلك التصريحات ذات الطبيعة الانتقامية. هذا يعود بنا إلى العصور الوسطى.» ومن جانبها، قالت نائبة زعيمة الحزب الديمقراطيين المسيحيين، إنغريد فيشباخ، إنه لا يليق بالمسيحيين التعبير عن الفرح إزاء عملية قتل متعمد لإنسان. وبدوره، شاطرها رتفريد وولف، المتحدث القانوني باسم حزب الديمقراطيين الأحرار، حليف ميركل في الحكومة، نفس الموقف حيال تصريحات المستشارة الألمانية، حيث قال: «لا يمكن أن أشعر بالسعادة أمام وفاة شخص ما.» إن كان هذا هو موقف حلفائها السياسيين، فإن خصومها ذهبوا إلى أبعد من ذلك، إذ طالبوها بتقديم توضيح أمام البرلمان، حيث قالت نائبة رئيس حزب الخضر، كاترين غورغين إخاردت: «إن قتل شخص ما ليس سببا للاحتفال.» صحيح أن جل السياسيين الألمان عبروا عن ارتياحهم لمقتل بن لادن، لكنهم تابعوا الاحتفالات في الولاياتالمتحدة بنوع من التوجس. فالسياسيون هنا يشمئزون من استعمال لغة ذات حمولة كبيرة من المشاعر أو إصدار تصريحات مفعمة بلغة الإثارة. والأكثر من ذلك، أن الألمان لا يثقون بشكل كبير في السياسة الخارجية الأمريكية عقب أحداث الحادي عشر من شتنبر. فرغم أنهم عبروا عن تضامنهم وتعاطفهم مع أمريكا إثر هجمات 2001، إلا أن تلك المشاعر سرعان ما غطى عليها رفضهم لما يعتبره الكثيرون مقاربة جورج وولكر بوش الحماسية في تعامله مع النشطاء الإسلاميين. كما أن المعتقلات السرية التي أقامتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في أوربا الشرقية لم تساعد بدورها في كسب الألمانيين إلى صف واشنطن. ورغم الارتياح لمقتل بن لادن، إلا أن الأمر لم يتطلب وقتا طويلا لكي ترتفع أصوات وازنة لتطرح أسئلة حول شرعية عملية القتل تلك. ولعل من بين أبرز تلك الأصوات نجد هيلموت شميدت، المستشار الألماني السابق، حيث قال في حوار تلفزيوني إنه يتفهم مشاعر الأمريكيين وإحساسهم بتحقيق النصر، إلا أن قتل بن لادن يعتبر خرقا واضحا للقانون الدولي. ولقد حاول المتحدث باسم الحكومة الألمانية، ستيفن شيبرت يوم الأربعاء الماضي تبديد تلك الانتقادات الموجهة لميركل، وقال إنه ينبغي أن يُنظر إلى كلماتها في السياق الذي وردت فيه، إذ كانت تقصد أن تعبر عن فرحها بأن العالم سيكون أكثر أمنا بدون وجود زعيم إرهابي. وثمة أيضا مؤيدون لميركل ، حيث قال وولف غانغ، وهو سياسي بارز بحزب الديمقراطيين المسيحيين ورئيس لجنة الشؤون الداخلية بالبرلمان: «إنه من الصواب تماما أن تكون سعيدا بنجاح الأمريكيين في منع شخص قتل الكثيرين من الاستمرار في أعماله الدموية».