فاجأ الوفد المغربي، المشارك في تظاهرة «الكامرون هوليداي»، مدير التجارة الخارجية إيمانويل مباركا وهو منهمك داخل مكتبه، رغم العطلة الرسمية، على معالجة الملفات المعروضة عليه، فعلاقاته الوطيدة مع المدير العام لمجموعة «العالمية للتجارة والأعمال» عبد القادر صديام كانت كافية لتكسير كل الحواجز البروتوكولية والإدارية، أما انشغاله بإنجاح المشاريع المبرمجة في المغرب فساعدته على التحدث عن العلاقات الكاميرونية المغربية وهو في وضع جد مريح. الحوار الذي خصنا به صباح يوم الاثنين 2 ماي 2011 بإحدى قاعات الاجتماع بوزارة التجارة بياوندي، انطلق بالتأكيد على أن الحكومة الكاميرونية اختارت تقوية العلاقات مع المغرب وتبعا لذلك تقرر تنظيم عدة أنشطة خلال السنة الجارية بالمغرب، كما أن الوزير الأول رخص لمختلف الهيئات الوزارية المعنية وللسفارة الكاميرونية في المغرب بالقيام بالإجراءات اللازمة لإنجاح هذه التظاهرات التي ستتخذ من الشراكة بين القطاعين العام والخاص دعامة لبلورة الخيارات والقرارات إلى منجزات تطبق على أرض الواقع, التوجه الأساسي الذي يحظى بأولوية انشغالات وزارة الخارجية حدده إيمانويل مباركا في التوصل مع الجانب المغربي في المفاوضات التي ستحتضنها وزارة التجارة الخارجية بالرباط يومي 25 و 26 ماي إلى اتفاقية تجارية تفضيلية، وأثناء التواجد بالمغرب سيعمل الوفد الكاميروني على وضع اللمسات الأخيرة لمشروع تنظيم أيام تجارية كاميرونية بالدار البيضاء وهو المشروع الذي سيحظى بمشاركة حوالي 30 كاميرونيا يمثلون القطاعين العام والخاص وسيكون مناسبة للتعريف بالمنتجات الكاميرونية ، وبنسج علاقات تعاون وشراكة مع رجال الأعمال المغاربة، فبعد أن كان للبعثات المغربية للكاميرون التي نظمها كل من عبد القادر صديام في مارس 2010 و»مغرب التصدير» في ماي 2010 ثم الوفد الحالي المشارك في تظاهرة «كامرون هوليداي» دور كبير في التحسن المستمر لحجم المبادلات بين البلدين، فإن الكامرون يسعى إلى الاستفادة من تجربة المغرب المتميزة بإقامة علاقات شراكة مع الاتحاد الأوربي وإلى الاستفادة كذلك من الخبرة التي اكتسبها في مجال تحويل وتثمين المنتجات الفلاحية، فالكاميرون يتوفر على الخضر والفواكه والأسماك ويأمل في أن ينتقل من مرحلة تسويقها بعد تثمينها إلى المغرب وباقي الأسواق العالمية بهدف تحقيق التوازن التجاري في المبادلات مع الخارج. نفس النغمة ترددت على لسان دانييل أباتي رئيس منظمة أرباب العمل MECAM، فبعد أن ذكر بالتحول النوعي الذي مكن من التخلص من الهيمنة الفرنسية والانتقال من تنظيم يقوده موظفو المؤسسات المتعددة الأجنبية العاملة في الكامرون، إلى تنظيم منبثق عن رجال الأعمال الكاميرونيين وخاصة منهم أرباب المقاولات الصغرى والمتوسطة، أوضح أن هدف التنظيم الذي يقوده هو تحسين الحوار بين الخواص والدولة وتحسين مناخ الأعمال من خلال معالجة 3 عوائق حصرها في: - صعوبة التمويل باعتبار أن البنوك لا تمول الاستثمار وحتى عندما تقوم بذلك فإن معدلات الفوائد تكون في حدود 18% - قلة الطاقة، إذ أن المشاريع الكبرى التي أعلنت عنها الدولة لا تزال في مراحل الدراسة والإعداد، وما هو متوفر من الطاقة مرتفع الكلفة - البنيات التحتية، إذ رغم المنجزات التي حققتها الدولة في مجال الطرق والنقل، فإن الهدف هو دفع الدولة إلى تسريع وتيرة الإنجاز لحل كل المشاكل المطروحة. وعند تعرض ممثل أرباب العمل للجانب الضريبي، انطلق من هيمنة القطاع غير المهيكل واستحواذه على حوالي 87% من النشاط الاقتصادي بينما المقاولات المهيكلة الملزمة بأداء الضرائب تعاني من ثقل العبء الضريبي، وتعاني كذلك من نوعية الثقافة السائدة إذ أن 13% منهم فقط هم الذين لهم مستوى تعليمي يفوق الابتدائي، وهذا ما يساعد على هيمنة المقاولة الأسرية. فكل هذه المعطيات تبرر التوجه نحو الدول المنبثقة على غرار المغرب، لأنها عاشت حوالي 50 سنة نفس المشاكل التي يواجهها الكامرون، والهدف هو تغيير العقلية القائمة وتغليب منطق الأعمال، وخيار المغرب تمليه الرغبة في تطوير التعاون الثنائي والحرص على نقل المعرفة والتكنولوجيا، فالكاميرون لا تعوزه المشاريع. عند التطرق إلى ظاهرة التهريب، انطلق ممثل الباطرونا من تعدد الدول التي لها حدود برية مع الكاميرون، وخاصة منها نيجيريا، واعتمد على تصريح نقله عن رئيس لجنة إصلاح الجمارك مفاده أن وثائق المصالح الجمركية لا تتضمن استيراد ولو علبة واحدة من السردين، بينما أطباق مختلف الشرائح الاجتماعية، بما فيها الميسورة لا تخلو من السردين المعلب، فالتهريب ، بالنسبة إليه ، آفة تعرقل نشاط القطاع المهيكل، وقد يكون من المفيد أن يساهم البنك المغربي «التجاري وفا بنك» في تحويل البنك الكاميروني SCB إلى مؤسسة تساهم في الاستثمار في الأنشطة المهيكلة، وفي رفع مستوى الاستثمار وعلاقات الشراكة مع المغاربة في كافة الأنشطة الاقتصادية والتجارية.