لقد نال بن لادن جزاءه - فمن يعيش بالسيف يموت بالسيف- لكن هل نال «العدالة» التي تحدث عنها الرئيس أوباما؟ يعتقد العديد من العرب - وهذا الموضوع تناوله الإعلام العربي الذي تحدث عن «إعدامه» - أنه كان يتعين إلقاء القبض عليه، وتقديمه لمحكمة العدل الدولية بلاهاي ومحاكمته. بطبيعة الحال سيكون دوما هناك من يؤمنون وسيؤمنون بأنه كان شهيدا شجاعا تم قتله بطريقة مخزية، وبالإنابة على يد سلاح «الصهيونية». ولقد قيل الكثير فعلا في هذا الخصوص على لسان مجموعات إسلامية في لبنان، حماس في غزة، والعديد من العلماء في جنوب غرب آسيا. وفي الواقع، لا يمكن إلا أن نقول إنه أصبح أمرا منتهيا. وعوده بإسقاط الأنظمة الموالية لأمريكا أو الديكتاتوريين العرب اللا إسلاميين تم تحقيقها بواسطة الشعب في مصر وتونس ، وربما عما قريب بواسطة الليبيين والسوريين، وليس بواسطة القاعدة وعنفها. غير أن المشكل الحقيقي يتمثل في أن الغرب، الذي ظل يخاطب العالم العربي باستمرار بأن الشرعية واللاعنف هما السبيل للتقدم في الشرق الأوسط، لقن درسا مختلفا لشعوب المنطقة: إن إعدام خصومكم مقبول تماما. قد يقول البعض إنه بعد القتل الدموي لآلاف الأبرياء، فإن بن لادن قد يتوقع أن يتم قتله أعزل في ما يفترض أنه منزل آمن. وفي المقابل، فإن المسلمين سيخلصون إلى أن الأمريكيين تبنوا نفس الأساليب التي يعتمدها الإسرائيليون في مواجهة أعدائهم الفلسطينيين. «القتل المستهدف»، هكذا يسميه الإسرائيليون عندما يطلقون الصواريخ ويرمون القنابل على أعدائهم، وفي الغالب يقتلون الأبرياء وحتى المذنبين تماما كما يفعل الأمريكيون عندما تقوم طائراتهم بدون طيار بشن هجمات ضد القاعدة وطالبان في إقليم وزيرستان. ورغم أن الرغبة الأمريكية في الحيلولة دون إقامة ضريح على قبر بن لادن، هي ما دفعهم إلى دفنه سرا في بحر العرب، إلا أن هذا الأخير، من منطلق كونه سلفيا وسعوديا، كان سيتمنى أن يدفن في قبر لا يحمل أية إشارة إلى صاحبه. فهو وأنصاره يؤمنون بأن الإشارات على القبور تعتبر من الوثنية؛ وبالتالي، فإن السعوديين يحبذون دفن أمواتهم دون أية إشارات وتدمير الأضرحة القديمة بدلا من إقامتها. وفي النهاية، فإن قتله أعزل جعل منه شهيد مما لو أنه قتل في «تبادل لإطلاق النار» الذي ادعى أوباما في الوهلة الأولى ، وهو أمر خاطئ نوعا ما ، أنه كان السبب في وفاته. باختصار، فإن الرجل الذي اعتبر أن إنجازه الخاص هو خلق تنظيم القاعدة، عاش ما يكفي ليدرك أن التنظيم فشل في تحقيق أهدافه. ولكوني التقيت بالرجل وتحدثت إليه لعدة ساعات، فإنني أتساءل الآن أحيانا إن كان قد أراد أن يظل على قيد الحياة. عن «الإندباندنت»