في آخر تطور لأحداث تفجير مقهى أركانة، تم إيقاف شخص ثالث بمطار المنارة بمراكش للاشتباه في تورطه في الحادث الإرهابي. وتأتي هذه الخطوة إثر وضع أجهزة الأمن المغربية لصورة تقريبية بالحاسوب للشخص الذي قد يكون وراء عملية التفجير، وذلك اعتمادا على شهادة سائح هولندي كان بعين المكان. ذكر مصدر أمني أن أحد الاشخاص قد تم إيقافه يوم الأحد فاتح ماي بمطار مراكش، وهو على أهبة مغادرة التراب الوطني على خلفية حادث تفجير مقهى أركانة . وتكتم مصدرنا عن المعلومات الشخصية للموقوف ماعدا كونه منحدرا من منطقة قلعة السراغنة، مكتفيا بالتأكيد على أن هذا الشخص الثالث الذي جرى اعتقاله في ارتباط بنفس الملف دون أن يعني ذلك ضلوعا مباشرا فيه، تم الافراج عنه. وذكر سائح هولندي أنه ساعد الأمن المغربي على رسم ملامح بالحاسوب للمشتبه به في الوقوف وراء التفجير الإرهابي بمقهى أركانة في مدينة مراكش. وقال جون فان ليوفين (47سنة)، في تصريحات نشرتها صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، إن ذلك الشخص «ذو ملامح عربية وكان يحمل حقيبتين كبيرتين.» وكان هذا السائح الهولندي يجلس رفقة صديقته في مقهى أركانة دقائق قبل التفجير، وكانا حينها وجها لوجه مع المشتبه به. يروي ما حدث قائلا: دخل ذلك الشخص العربي إلى المقهى يحمل حقيبتين ضخمتين، إحداهما على ظهره (...) قد يصل ارتفاعها إلى متر تقريبا، أما الثانية فكانت حقيبة رياضية. كان جالسا أمامي، ولقد نظرت إليه مباشرة في عينيه.» كان جون فان ليوفين يقضي عطلته بمراكش رفقة صديقته مارجولين أبيل (39 سنة)، وكانا ينويان المغادرة نحو روتردام يوم الجمعة. يقول: «لقد غادرنا المقهى دقيقتين أو أربع دقائق قبل الانفجار، ونعتقد أنه غادر بعدنا مباشرة. عندما علمنا أن الأمر لا يتعلق بانفجار قنينة غاز. تبادلت أنا وصديقتي النظرات وقلنا لنفسينا:›أكيد أنه هو›. «لقد كان حليق الذقن، في حين أن شعره الأسود كان طويلا (...) جلس أمامي، ولم يكن يفصلني عنه سوى متر ونصف على أبعد تقدير. كان يرتدي بذلة رياضية لامعة ذات لون أزرق داكن. أعتقد أنه كان يحتسي كوبا من الشاي. نظرت إليه في عينيه، وكان يضع سماعتين في أذنيه. لم يكن متوترا على الإطلاق. المقهى لم يكن مكتظا، حيث تراوح عدد الزبناء ما بين 20 و25 شخصا.» يستطرد السائح الهولندي كلامه قائلا: «استجوبنا المحققون المغاربة طيلة يوم السبت وطيلة الليل أيضا. توجهنا نحو مستودع الأموات والمستشفى حيث كان علينا معاينة جثث القتلى والأشخاص المصابين. لكنه لم يكن من بينهم.» يضيف: «وانطلاقا من الوصف الذي قدمناه، تم رسم صورة مقربة للمشتبه به، ويبدو أن الأمر يتعلق بشخص معروف لدى رجال الأمن»، مشيرا إلى أن الأمن المغربي عرض عليه «صورا مختلفة لأحد الأشخاص»، من أجل وضع مقارنته مع الصورة التي تم رسمها بالحاسوب. قال جون فان ليوفين: «سألت المحققين إن كانوا يعتقدون أنه هو؟ فردوا بالإيجاب، معتقدين أنه غادر المقهى مادام غير موجود بين القتلى أو المصابين. يعتبر هذا السائح الهولندي نفسه محظوظا، إذ قال إن من عادته أن يطلب كأس قهوة ثان، وهو ما لم يفعله هذه المرة. وقال: «إننا سعداء جدا لأننا لا نزال على قيد الحياة، لكننا في نفس الآن نشعر بالحزن إزاء الآخرين. إن الأمر شبيه بفيلم سيء». وعلى مستوى آخر، تواصلت وقفات التنديد والاستنكار التي نظمتها هيئات مدنية وسياسية وحقوقية بمكان التفجير بساحة جامع الفنا ، حيث توالت زيارات الفعاليات الحزبية و النقابية على المكان . مثلما توقف المشاركون في الدورة 24 من لحاق الصداقة للسيارات و الدراجات النارية بعين المكان، حاملين لافتة كتب فيها : « لحاق الصداقة يتضامن مع الشعب المغربي. سنعود كل سنة. تعازينا للضحايا» ووضع المشاركون الذين يبلغ عمرهم 200 مشارك أكاليل الورود تكريما لأرواح الضحايا الأبرياء ممن سقطوا في هذا الحادث الهمجي . و بدورهم وقف شباب مشجعي الكوكب المراكشي بمكان الهجوم الغادر ترحما على الضحايا، منددين بهذا السلوك المتآمر على الحق في الحياة. مثلما نظم أعضاء هيئات منتخبة و تنظيمات مهنية زيارات للموقع. وفي سياق متصل، كان مسؤول سام بوزارة الداخلية قد صرح لوكالة الانباء الفرنسية، بأن محققين فرنسيين وإسبان وأمريكيين يشاركون في التحقيق بشأن الانفجار الذي ضرب مقهى «أركانة»، وهي العملية الارهابية التي خلفت 16 قتيلا وحوالي 25 جريحا. واعتبر المسؤول أن القضية دولية واستهدفت عددا من الاجانب. وحسب مصدر من وزارة الداخلية يوجد حوالي 10 خبراء فرنسيين ينتمون لفرقة محاربة الارهاب والشرطة العلمية ودور هؤلاء المحققين هو تحديد هوية الضحايا. وأعلنت الحكومة الإسبانية أنها أرسلت فريقا من الخبراء إلى المغرب للتعاون في التحقيق. وأوضح النائب الأول لرئيس الحكومة الإسبانية ألفريدو بيريث روبالكابا في ندوة صحفية، عقب انعقاد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، أن هذا الفريق يضم خبراء في الشرطة العلمية والوحدة المتخصصة في المتفجرات. وارسلت فرنسا عددا من أعضاء قسم مكافحة الارهاب والشرطة العلمية للمساعدة في التعرف على الضحايا. وبحسب السلطات، فقد توجه الوفد فور وصوله الى مشرحة مراكش، حيث نقلت جثث الضحايا الخميس. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي في الرباط لوكالة فرانس برس ان مهمة الوفد الفرنسي الذي يضم عناصر من وحدة مكافحة الارهاب وخبراء هي «مساعدة السلطات المغربية في عمليات التعرف على هويات الضحايا». من جهتها، اعلنت الشرطة الدولية الانتربول في ليون انها على استعداد لمد يد العون الى السلطات المغربية في تحقيقاتها حول الاعتداء، خصوصا في ما يتعلق بتحديد هويات الضحايا. ودان الامين العام للانتربول رونالد نوبل في بيان الهجوم الذي قال انه «مرفوض وليس له معنى»، معربا للسلطات المغربية عن استعداده لتقديم كل العون اللازم من قبل محققيه في 188 دولة عضوا في المنظمة. واقترح الانتربول خصوصا تقديم مساعدة من قبل خبرائه في مجال تحديد هويات الضحايا، الذين عملوا في هايتي بعد الهزة الارضية التي تعرضت لها في مطلع 2010 .