انسجاما مع تاريخها الديني وإشعاعها الروحي ووزن نخبها الفكرية وإتقان وجودة مصنوعاتها التقليدية، شهدت أبي الجعد إحداث معلمة عمرانية متفردة تمشيا مع هذه المعطيات على شاكلة مركب كبير للصناعة التقليدية سيشهد ميلاد العديد من التعاونيات الممنوحة من العديد من المنظمات الدولية غير الحكومية من ألمانيا وكندا وبلجيكا وإيطاليا وفرنسا واليابان؛ وذلك بفضل الدور الذي لعبه المستشارون الاتحاديون آنذاك في المجلس البلدي وبرلماني الدائرة حبيب المالكي للتنسيق بين هذه التعاونيات وبين المنظمات الدولية. كما نجح المالكي في توفير الدعم اللوجيستيكي لهذا المركب من خلال الحصول على مختلف الآلات المتخصصة في المصنوعات التقليدية من الخارج، وهي الآلات التي تتآكل حاليا من الصدأ بسبب غياب برنامج طموح للإدارة الحالية التي تتفرج على اندثار هذه المعلمة وهو وضع تعلمه المندوبية الإقليمية والجهوية. لقد كانت البداية من خلال إعطاء زخم جديد للعمل التعاوني لما له من آثار تضامنية إيجابية؛ لذلك تم تأسيس تعاونيات العهد للنسيج والوحدة للخياطة والنهضة للخياطة والملابس الجاهزة، ثم الإبداع للخياطة والطرز والتريكو. إشعاع هذه التعاونيات اتخذ بعدا وطنيا وعالميا وخاصة بفضل الدور الحثيث للمالكي في إيجاد التمويل الدولي القار لها والذي وصل مع الانطلاقة والإشعاع إلى 654.243 درهما. وهذه الالتفاتة الكبرى من الاتحاديين لهذا المركب ولمختلف أنشطته الصناعية تنسجم أصلا مع البرنامج الاتحادي العام في هذا السياق، وتزامنت مع إدارة متطلعة نحو المستقبل فعملت على تقوية النسيج التعاوني بالمركب. ومنذ رحيل المدير السابق تلاشت الإرادة لدى الإدارة الحالية للحفاظ على هذا الموروث الحضاري والاجتماعي وتسرب الإهمال إلى فضاءات هذا المركب الكبير وانكمشت أنشطته وتضررت حرفه وأقامت أسراب من الطيور أعشاشها في مختلف زواياه دون أن تتحرك الجهات المسؤولة محليا وإقليميا ومركزيا لإعادة الروح إلى هذه المعلمة التي كانت المعيل الوحيد للعديد من الأسر البجعدية. ولبدل مواجهة هذا الوضع بشكل عقلاني، تم الهروب إلى الإمام من خلال اللجوء إلى إيهام الرأي المحلي بأن المركب بحاجة فقط إلى ترميم وإعادة صباغته وطلاء جدرانه بينما الذي يحتاج إلى الإصلاح والترميم هي سياسة التدبير المحلي والإقليمي لمركب الصناعة التقليدية خاصة أن هناك من يسبح ضد تيار الإصلاحات والأوراش التنموية الكبرى التي يقودها عاهل البلاد.