صدر العدد الجديد (79و80) من مجلة آفاق المغربية، مجلة اتحاد كتاب المغرب، العدد يضم ملفا حول «أسئلة الرواية المغربية: دراسات وشهادات» يحتوي على 27 دراسة و7 شهادات. الى جانب باقي الأبواب الثابتة من قراءات ومراجعات ونصوص إبداعية. افتتاحية العدد التي خطها رئيس التحرير الناقد بشير القمري تناولت «في نقد الخطاب السياسي وفي ضرورته»، حيث يشير في البداية الى «أن الخطاب السياسي ظل عاجزا على التأثير في الحياة المدنية بشتى مظاهرها لصالح التغيير أو الإصلاح على الأقل، عكس الخطاب الثقافي النقدي وبعض الخطاب الإعلامي». مشكلة الخطاب السياسي أنه ظل يعاني من احتباس مزمن ومدمر، والخطاب هنا يشير الى المحكم المطلوب حيث الأفكار والمضامين والمرجعيات الدقيقة في المساءلة والتحليل والفهم واقتراح الحلول. ويعود هذا الاحتباس، بحسب الناقد القمري الى ضمور المجال السياسي رغم وفرة الأحزاب وغياب الثقافة السياسية المطلوب إذن هو الإصلاح والمغرب بتعدده وغناه يحتاج الى فاعلين سياسيين يكشفون عن استراتيجياتهم، وأحزاب فعلية لا تكثلات قبلية، ووضع سياسي جديد حيث ينمو خطاب معرفي مشدود الى المستقبل ويشيد أفقا مستقلا. في النهاية، ما أحوجنا الى خطاب سياسي جديد يحسن التفكير في المغرب الراهن:مغرب التحديات الكبرى. ملف العدد: أسئلة الرواية المغربية ضم مقاربات ودراسات الى جانب شهادات تعيد التأكيد على «ضرورة الرواية ونقدها المتعدد»، وعلى ما حققته الرواية المغربية من تراكمات في فضاء المشهد الإبداعي. والدراسات التي تضمنها العدد الجديد من آفاق الى جانب شهادات تتنفس طعم التنظير والمساءلة. تثبت مدى ما تمثله الرواية في المغرب ومدى ما يرسخه التفكير النقدي بصددها، أيضا ترهين السؤال وتحيين أسماء وتجارب نقدية تسعى الى إبراز قيمة التأمل النقدي في الخطاب الروائي. في أفق مقاربة حفرية لمزيد من ترسيخ الوعي المعرفي بالنقد الروائي من خلال مناهجه وتصوراته ومفاهيمه. وهكذا يكتب أحمد فرشوخ في نقد المركزية السردية حول اشتغال الأدب الشعبي في الرواية المغربية، مشخصا أشكال الاستثمار والذي ينير جزءا من جوانب البعد الحواري للرواية كما يوضح قدرة الرواية المغربية على تشييد خصوصيتها وجدتها وأمكنها زحزحة موقع الحداثة وتقويضه من الداخل. خالد أقلعي تناول الرواية الجديدة في شمال المغرب وصدمة التحولات حيث يتأمل أكوانا روائية تنتهي لوجود هاجس وجداني مشترك يتحكم في صياغة تصورها الإبداعي هاجسها التجريب داخل نطاق الجنس الروائي. يتجه حسن المودن الى الرواية المغربية الآن، متسائلا عن أعمال حديثة لكتاب من الأجيال السابقة؟ ليكشف أن الرواية المغربية تعرف لحظة انتقال وتحول بحثا عن توازن بين الكتابة والحكاية، في اتجاه تأصيل التجريب دون تفريط في أصول التخييل. وفقا لذلك الرواية المغربية تسير نحو خلق توازن بين مختلف وظائفها الجمالية والمعرفية والتداولية. وعن سؤال التجديد في الرواية المغربية، يكتب أحمد الويزي عن «الورش المفتوح» الذي يستند إلى أسئلة المجتمع والتاريخ وتناول ضمن مسعى التحديث وعيا بمعضلات تتمثل في اللغة، سؤال الإبداع وسؤال الأدب. ينتهي متسائلا عن رواية ممتعة متمنعة، قريبة من الوضع الإنساني في تجليه المحلي وامتداده الكوني. ويتجه عبدالرحيم العلام إلى إبراز أصوات روائية مغربية جديدة في الألفية الثالثة باحثا في خصائصها، فإفرازات هذه الانعطافة الروائية الجديدة حملت معها مؤشر تحول في وعي المرحلة الجديدة، بالتحولات الفنية والجمالية. ثمة ثراء تخييلي وتعبيري واهتمام متزايد باستعادة مكون الحكاية مما يجعلها نصوصا مفتوحة على العالم وعلى مواكبة تحولاته. محمد الداهي، قارب التخييل الذاتي هوية المفهوم ومفارقاته من خلال عينات مختارة هاجسها المراسم الإسمية والجهية التخييلية، الضمير/القناع، التردد ونزع الثقة حيث يعمق الكاتب المسافة الأخلاقية والزمنية الثقافية. هذه العينات تستجيب لمعايير التخييل الذاتي التي بإمكانها أن تسهم في تجنيس المفهوم عوض أن تظل نمطا مفترضا للقراءة. أما محمد الدوهو فكتب مدخلا الى خطاب الكتابة والذات في الرواية المغربية، إذ يعتبر أن مقولات الذات والكتابة تشكل مدخلا أساسيا في قراءة وتحليل النصوص الأدبية لأنها لا تحيل فقط إلى معنى ورهانات للنص ولكنها تحيل أيضا إلى علاقتنا بالنص وتأويله وعلاقتنا بالعالم. شرف الدين مجدولين، قارب الصورة والألم والآخر بصدد الرواية المغربية حيث تجليات الألم السردي تشكيل صوري، وقد قارب الناقد ثلاثة أعمال سردية ذات طبيعة سيرذاتية تجنح الصور في خطابها إلى رسم مدار ترابطها النصي. رشيد بنحدو تناول نص «مثل صيف لن يتكرر» لمحمد برادة بين من أنا؟ ومن غير أنا؟، نص يطرح تجربة الذات الكاتبة في الواقع وبتجربة هذه الذات وهي متحررة منه، حيث البين بين ووفقا لهذه الصورة المابينية يقرأ الناقد استراتيجية الاستيقاع الاستخيال التنصيص. عبدالعالي بوطيب يستقرئ العلاقة بين الكتابة الروائية والوعي من خلال نص «غيلة» لعبدالله العروي، ذات التنوع السردي مستجيبا لأهداف تعبيرية ضمنية ومضبوطة ومحددة، تتمثل أساسا في إعطاء مصداقية أكبر لمضمون الحكاية الثانية المؤطرة باعتبار مكانتها السردية المتميزة كبؤرة للرواية ومركز تجميع لمختلف رهاناتها الفكرية والفنية. وحول الإغواء الأخير لابن خلدون من التعريف إلى العلامة يكتب هشام العلوي عن نص العلامة لبن سالم حميش الذي يمثل تنويعا متفردا عن باقي التجارب الروائية العربية التي نجحت في بناء استراتيجياتها السردية على مفهوم الشخصية التاريخية واستثمار التعالق بين التوثيقي والتخييلي في مختلف أشكاله الممكنة. عبد الله علوي المدغري، يستدعي تجربة روائية رحلت عنا السنوات الأخيرة محمد لفتاح ومن خلاله نقترب من الرواية المغربية المكتوبة بالفرنسية، يكشف الناقد من خلال أعمال الراحل السبعة على فن التخييل في تدبير استراتيجيات الكتابة الروائية لديه وخصوصيتها. عبدالرحيم جيران قارب البلاغي والأسطوري في رواية «زهرة الآس» أو تقابل العوالم، من خلال مفاتيح الانبثاق السردي والخاصية الأسطورية منتهيا الى نقل الرؤية من خلال الرؤية، أساسا يستقرئ جيران علاقة التوسط الأسطوري بما هو بلاغي على ضوء تقابل العوالم (أو تمايزها). صاحب رواية «زهرة الآس» محمد عزالدين التازي يشارك في ملف الرواية المغربية من خلال دراسته للتشكيل السردي في «القوس والفراشة» لمحمد الأشعري الذي يقوم على تنوع المحكيات وتداخلها بما يوحي للقارئ بتشظية الأحداث ولملمتها داخل النسيج السردي في رواية تستدعي تعدد المداخل إلى قراءتها بحكم أن القوس والفراشة تقوم على التنويع في طرائق الكتابة وتخصيب العالم الروائي بجملة من المكونات والمظاهر نص مفتوح يشتغل على الدينامية والانفتاح. شعيب حليفي رصد الكاتب الذي يضيء الحياة من جهة احتضارها من خلال قراءة في رواية «امرأة النسيان» لمحمد برادة، نص برادة الذي يتوخى كتابة الذاكرة من خلال حرصه على التحرر من أوهام التاريخ وخدائعه، نص لتمجيد الفن وانتشال الحياة من الرتابات الفاسدة ومن الانحرافات الرخيصة. نص ثأري بالمعنى الجمالي للثأر. عبدالكريم جويطي يعيدنا الى نص محمد الأشعري «القوس والفراشة» الشعر لترويض الخراب، نص يجرب فكرة أن يبقى المرء حبا بعد كارثة عظيمة. نورالدين درموش يكتب عن مسارات التباعد والانفصال قراءة في رواية «رجال ظهر المهراز» لأحمد المديني التي تشكل هذه السيرورة المركبة والتي تعتمل أعطافها دينامية انفصالية مجبولة على القلق والتوحد والاستعصاء على التواؤم. عبداللطيف محفوظ تتبع تمظهرات المعنى في رواية جارات أبي موسى من خلال مفاتيح أساسية الرواية والمرجعية التاريخية العالم الممكن للرواية والوهم المرجعي والبعد الايديولوجي للرواية. وينتهي محفوظ إلى أنه يصعب تأويل الرواية بكونها أيقونة للواقع الراهن، بل إنها رواية عن انهيار القيم والأخلاق واستبداد وسطاء السلطة. إدريس الخضراوي يقارب أسئلة الذاكرة والهوية في روايات محمد برادة إذ تتغيا المقاربة إنجاز رؤية مغايرة بصدد تجربة برادة الإبداعية من خلال موضوع الكتابة ومقاومة النسيان، ومن خلال السفر الذي يرسم أمكنة للهوية المفتتنة محمد برادة يبلور رؤية بصدد العالم يستمد لها عناصر الارتكاز من الذاكرة واستدراكات المخيلة لذلك تطرح نصوصه أكثر من سؤال بصدد العلاقة بين الخيالي والمرجعي. فاتحة الطايب تتبع زمام الحكي من خلال نموذج رواية دنيا جات للطيفة حليم من خلال مقاربتها لنص متشعب تقتفي أثر الساردة وهي تحاول الاقتراب من روح الأشياء، مركزة على الطريقة التي تمسك بها زمام الحكي لتنتهي الى أن قوة الحكي في «دنيا جات» تتجلى في عفويته القادرة على رسم عوالم متآلفة/متناقضة. عبدالرحيم الادريسي يتوقف عند نص «باريو مالقا» لمحمد أنقار حيث سحر الرواية، نص يحتفي بعنصر الحكي وبتلك البلاغة الرواية المنزهة عن آفاق النمطية، والمستشرفة للصور الروحية المستبصرة. أحمد زنيبر، يذهب للبحث عن الذات والمعنى في رواية «أريانة» للميلودي شغموم إذ بالعودة إلى وقائع وأحداث الرواية/الرحلة في أبعاده الفكرية والوجدانية لتقدم صورة واضحة ولو مصغرة عن بعض مشكلات الإنسان مع الذات والعالم. أحمد شراك يقربنا من رواية «عندما يبكي الرجال» لوفاء مليح أو عندما تكتب الدموع من أجل النسائية حرة وإنسانية، لقد تسلح البرنامج السردي بعدة سيكولوجية علمية أساسها وملمحها التفصيل الوصفي للاكتئاب كمرض نفسي عضال عبر تبجيل ملمح إبراز حالة اللاتركيز اتجاه الذات والعالم. عبدالرحمان تمارة يكتب عن سردية التفاعل الحضاري في رواية «من يبكي النوارس؟» للزهرة المنصوري، حيث تنبني الرواية على أفق فني وجمالي ترصد مسارا مشتركا لعدة شخصيات قوامه التفاعل والحوار، ويتضح أن متخيل الرواية انشغل فكريا وجماليا ببناء تفاعل حضاري متمفصل الى مستويين. وحول الصورة السرد في رواية «ضحكة زرقاء» لمحمد عزالدين التازي، يكتب محمد مصطفى علي حسانين حيث تكشف الرواية عن تقاطع أفكار ما بعد الحداثة من جانب اعتمادها سرديا على البعد البصري التصويري خاصة بواسطة بنية كلية تنشأ على أساس متخيل روائي. عبدالله باعلي، يحاور تجربة الكتابة والبحث عن الذات في رواية «وقت الرحيل» لنورالدين محقق نص يصنف ضمن جنس وسيط بين الرواية والسيرة الذاتية وهو ما يسمه بالتخييل الذاتي ومعناه الكتابة من موقع التوسط. محمد يحيى القاسمي قدم جردا للرواية المغربية المكتوبة بالعربية (19412009) منذ صدور أول رواية مغربية «طه» لأحمد السكوري (مؤرخة كأول رواية مغاربية صدرت) وحصر الباحث 671 رواية مجموع التراكم الروائي المغربي الى حدود سنة 2009. في باب شهادات روائية، نقرأ لمبارك ربيع «مقامات التجربة الروائية» ولحميد حميداني «من هو الأديب؟» ونورالدين صدوق «مستقبل الرواية المغربية: عناصر التفكير»، وأحمد الكبيري «الرواية هي رغيفي الذي أحب اقتسامه مع الآخرين»، ومحمد الدغمومي «تكون الوعي بالرواية»، ومحمد غرناط «ملاحظات عامة حول تجديد الكتابة الروائية»، ونورالدين محقق «رواية وقت الرحيل: الحكي بالسينما والموسيقى»، وكمال الخمليشي «كتاب كوربيس للدكتور أمحمد لشقر بين قساوة التجربة ومقاومة الانكسار». في العدد الجديد من آفاق يكتب الطائع الحداوي نصا مفتوحا موسوم ب «رائحتها تراب»، يليه ملحق خاص عن الفنان أحمد جاريد ساهم فيه: شربل داغر، حسن نجمي، المهدي أخريف، حسان بورقية، بنيونس عميروش، سانشيز ألونسو. كما نقرأ قصائد للشعراء: أحمد بلبداوي، إدريس الملياني، حسن نجمي، محمد بودويك، أحمد لمسيح، الحسين القمري، فاتحة مورشيد، رشيد المومني، الزهرة المنصوري، محمود عبدالغني، ويختتم العدد بأنشطة اتحاد كتاب المغرب وبلاغاه الصادرة ومنشوراته.