فقدت الساحة الفنية والثقافية المغربية، صباح أول أمس السبت بمراكش، أحد أعلامها الكبار، ويتعلق الأمر بالقامة الفنية محمد حسن الجندي. وقد أدخل إلى العناية المركزة بإحدى المصحات الخاصة بمراكش، ليلفظ أنفاسه الأخيرة هناك على الساعة التاسعة والنصف صباحا من نفس اليوم ،بعد إصابته بفيروس داء الكبد كما صرح بذلك نجله الفنان أنور الجندي، وقد ووري جثمانه الطاهر يوم أمس الأحد بمقبرة الشهداء بالرباط حسب وصيته كما أعلن عن ذلك نجله. برحيل الفنان محمد حسن الجندي، الذي تعددت مواهبه وحلق في العديد من فضاءات الإبداع كممثل ومؤلف ومخرج، يكون المغرب قد فقد أحد أعمدته الفنية والثقافية، إذ راكم في مسيرته الفنية الممتدة على مدى عقود الكثير من الأعمال الخالدة. سيظل جمهوره ومحبوه في المغرب وخارجه يتذكرونه من خلال أعماله المتنوعة ، سواء تلك التي ألفها أو كان أحد أبطالها كممثل، مثل فيلم الرسالة في دور أبو جهل، عمرو بن هشام بنسخته العربية للمخرج العالمي مصطفى العقاد، ودور رستم في فيلم القادسية،و في ظل الفرعون وطبول النار لسهيل بن بركة والقادسية لصلاح أبو سيف وبامو لإدريس المريني بالإضافة إلى مشاركته في العديد من المسلسلات مثل صقر قريش لوليد سيف من إخراج حاتم علي، حيث لعب فيه دور الأمير يوسف الفهري أمير قرطبة، وآخر الفرسان للمخرج نجدة إسماعيل أنزور وفارس بني مروان. بالإضافة إلى كونه كان مسؤولا على رأس مندوبية الثقافة الجهوية بمراكش طيلة سبع سنوات انطلاقا من سنة 1992، عمل الراحل بإذاعة بي بي سي بلندن، حيث كان يعد ويقدم برنامج كشكول المغرب في السبعينيات من القرن الماضي، بالإضافة إلى العديد من الأدوار في السينما والتلفزيون والمسرح والإذاعة وغيرها من الأدوار التي جعلت شهرته تتجاوز حدود الوطن، كما سيبقى المغاربة على وجه الخصوص يتذكرونه، حيث نقل سيرة البطل الأسطوري اليمني سيف بن ذي يزن إلى عمل إذاعي أعدها وأخرجها، وتعتبر من أروع الأعمال الإذاعية المغربية، إذ لاقت نجاحا منقطع النظير، جعلت مغاربة السبعينيات يتسمرون أمام الراديو كبارا وصغار لمتابعة حلقات «الأزلية «انطلاقا من الساعة الثانية إلا ربعا بعد الزوال، وكان هذا الموعد مقدسا لدى المغاربة جميعا، إلى درجة أن الشوارع كانت تخلو من المارة، ومن داخل إذاعة زنقة البريهي كان يطل صوت الفقيد الكبير محمد حسن الجندي بكل رخامته وثقله، ثقل الحكاية الأسطورية التي أدى أدوار أبطالها فنانون مغاربة كبار، حيث نقلنا الراحل إلى عوالم متعددة وغرائبية، سيف أرعد، بروح الكاهن، عيروض، قمرية، الكاهن سقرديس وسقرديوس، عاقصة والحاكمة عاقلة وغيرهم من الشخوص التي أثرت مخيلة أجيال من المغاربة. حيث قام بالألحان وأداء الشعار الفنان عبد الهادي بلخياط، ومن المقاطع التي لازمت كل حلقة مقطع مغنى يقول : سموني وحش الفلا واسمي سيف ذو يزن رموني أهلي للخلا وحماني الخالق الرحمان . الفنان القدير محمد حسن الجندي حاز على العديد من الأوسمة نظير أعماله الجليلة التي قدمها، حيث سلمه مركز العالم العربي بباريس وسام «عملة باريس «سنة 1999 ،ووسام الثقافة من جمهورية الصين الشعبية، كما يعتبر أول فنان مغربي تم تكريمه في الدورة الثانية لمهرجان مراكش الدولي للفيلم بنجمة مراكش صحبة الأمريكي فورد كوبولا والهندي أعمير خان. آخر ظهور له أمام الجمهور كان منذ أسبوع تقريبا عن رحيله بالمعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، حيث قام بتوقيع كتابه «ولد القصور «الذي هو عبارة عن سيرته الذاتية والفنية، رصد فيه مسيرته الحياتية والفنية انطلاقا من مولده بمراكش وانتقاله إلى العاصمة الرباط.