رد تنظيم الدولة الإسلامية بعنف على إعلان الفصائل المقاتلة المدعومة من أنقرة والجيش التركي السيطرة على مدينة الباب بتفجيرين انتحاريين الجمعة في محيط المدينة الواقعة في شمال سوريا، ما اوقع 53 قتيلا بين عسكريين ومدنيين. وواصلت القوات التركية والفصائل المقاتلة عمليات التمشيط من أجل تأمين المدينة التي كانت تشكل آخر معقل لتنظيم الدولة الاسلامية في محافظة حلب في شمال سوريا. وبعد اسابيع من المعارك، أعلنت ثلاثة فصائل سورية مقاتلة الخميس السيطرة الكاملة على الباب فيما أكد الجيش التركي الجمعة بدوره ذلك، ما يشكل نجاحا لتركيا التي أطلقت في غشت الماضي عملية غير مسبوقة داخل الاراضي السورية لطرد الجهاديين من المناطق الواقعة على حدودها. وأسفر تفجير انتحاري بسيارة مفخخة عن مقتل 51 شخصا على الاقل بينهم 34 مدنيا و17 مقاتلا في منطقة سوسيان التي تبعد نحو 10 كلم إلى شمال شرق مدينة الباب، حسبما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان. وأعلن تنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عن التفجير مساء الجمعة وقال في بيان عبر تطبيق تلغرام ان «استشهاديا تمكن من الوصول بسيارته المفخخة وسط تجمع للمؤسسة الامنية للجيش التركي وصحوات الردة والعمالة في بلدة سوسيان» التي تبعد ثمانية كلم من الباب. وكان أحد قادة الفصائل المقاتلة اتهم التنظيم المتطرف الذي تصرف «بدافع الانتقام»، بحسب قوله، بعد خسارته لآخر مدينة كان يسيطر عليها في ريف حلب. وذكر مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس «بعد نحو 24 ساعة من خسارة التنظيم، استهدف انتحاري مقرين للفصائل المقاتلة في منطقة سوسيان» في شمال سوريا. وذكر المرصد ان حصيلة القتلى تزداد منذ الصباح نظرا لوقوع عشرات الاصابات بعضها بليغة. ونسب مدير المرصد التفجير إلى تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف قائلا «بحسب معلوماتنا فان مقاتلا في التنظيم كان يقود السيارة وقام بتفجير نفسه». واستهدف التفجير مقري المؤسسة الأمنية والمجلس العسكري في منطقة سوسيان التي تبعد نحو ثمانية كيلومترات عن الباب التي كانت اخر معاقل تنظيم الدولة الاسلامية في ريف حلب. وكان هناك مدنيون متواجدون في المكان، بحسب المرصد. وقال القائد في مجموعة «لواء المعتصم» ابو جعفر الوكالة فرانس برسن هوية الفاعل لا لبس فيها «إنهم كلاب (القيادي ابو بكر) البغدادي الذين لم يتحملوا خسارتهم الباهظة وبدأ انتحاريوهم بعملياتهم الانتقامية». وأوضح القائد الذي كان متواجدا بالقرب من مكان التفجير أن الانتحاري نفذ هجومه بالتزامن مع انعقاد اجتماع يضم مدنيين من سكان الباب ومسؤولين من الفصائل المقاتلة والقوات تالتركية «من أجل تعيين جهاز أمني ووضع مخطط من أجل إعادة إعمار الباب». وأشار إلى «أن خلايا نائمة تابعة للتنظيم قد علموا بذلك وجهزوا السيارة المفخخة». وأضاف «أن سيارة قدمت عند الساعة الثامنة صباحا (06،00 ت غ)، يجب أن نتعلم من هذا الدرس ويجب تعزيز جهازنا الأمني». وكان عدد سكان الباب يبلغ نحو مئة الف نسمة قبل اندلاع النزاع السوري عام 2011. وقتل في اليوم نفسه جنديان تركيان وجرح اخرون في الباب اثر اعتداء انتحاري، كما اعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم. وقال يلديريم «وقع اعتداء انتحاري ضد عسكريينا الذين كانوا يقومون بدورية على مدخل الباب، وسقط لنا شهيدان وجرحى». وأضاف يلديريم الجمعة «هذه المدينة في حالة فوضوية، هناك متفجرات وقنابل وكمائن» مضيفا ان «عملية تطهير تجري حاليا بدقة شديدة». وأعلن الجيش التركي بدوره الجمعة السيطرة على مدينة الباب. وقالت هيئة اركان الجيش في بيان «اعتبارا من 24 فبراير 2017 أصبحت كل أحياء الباب تحت سيطرة» فصائل المعارضة السورية المدعومة من الجيش التركي وتشكل مدينة الباب الواقعة على بعد 25 كلم جنوب الحدود التركية وتعد آخر ابرز معقل للجهاديين في محافظة حلب، هدفا رئيسيا لعملية «درع الفرات» التي تنفذها القوات التركية وفصائل سورية معارضة قريبة منها منذ 10 كانون الاول/ديسمبر. ويتزامن نجاح السيطرة على المدينة مع البدء بجولة محادثات في جنيف بين النظام والمعارضة من اجل ايجاد حل للنزاع الذي يمزق البلاد منذ ست سنوات. لكن هذا الانتصار على التنظيم المتطرف لن يغير من مجرى المحادثات في جنيف نظرا لاستبعاد اي حوار مع التنظيم. مجلس الأمن الدولي يصوت على عقوبات رجح دبلوماسيون الخميس الماضي أن يصوت مجلس الامن الدولي على مشروع قرار يقضي بفرض عقوبات على سوريا بسبب استخدام الاسلحة الكيميائية، لكن روسيا شبه اكيدة من انها ستستخدم حق النقض (الفيتو). وتدفع بريطانياوفرنساوالولاياتالمتحدة باتجاه فرض حظر على بيع مروحيات لسوريا وفرض عقوبات على 11 سوريا وعشر هيئات مرتبطة بهجمات كيميائية في الحرب المستمرة منذ نحو ست سنوات. ويأتي الإجراء بعدما خلص تحقيق مشترك للامم المتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية إلى ان الجيش السوري شن هجمات كيميائية في ثلاث قرى في 2014 و 2015. لكن الحكومة السورية تنفي استخدام اسلحة كيميائية خلال الحرب المستمرة منذ نحو ست سنوات، بينما رفضت روسيا النتائج التي توصل إليها التحقيق، معتبرة أنها غير كافية. وقال دبلوماسي طلب عدم ذكر اسمه «هذا هو الرد الأساسي الذي سيلتزم مجلس الأمن اتخاذه في حال ثبت استخدام اسلحة كيميائية في سوريا». وأضاف الدبلوماسي نفسه أن «الولاياتالمتحدةوبريطانياوفرنسا واضحة جدا في اعتبار هذه المسألة قضية مبدأ»، موضحا أن السفير الروسي اكد خلال اجتماع الاسبوع الماضي ان موسكو ستعطل الاجراء. وسيناقش مجلس الامن الدولي اعتبارا من الجمعة مسألة استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا. واستخدمت روسيا حق النقض الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي (الولاياتالمتحدةوروسياوالصينوفرنساوبريطانيا) ست مرات لحماية حليفتها دمشق من إجراءات عقابية. ويتوقع ان تمتنع الصين عن التصويت. وقدمت فرنساوبريطانيا مشروع قرار اول لفرض عقوبات على سوريا في ديسمبر، لكنهما اوقفتا تحركهما لاعطاء الادارة الامريكيةالجديدة وقتا لدراسته. وقال دبلوماسي آخر في مجلس الأمن إن الدول الثلاث تحركت مجددا الآن. وأعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنها بدأت عملها وتؤيد فرض عقوبات ضد سوريا. وقد يتم التصويت على مشروع القرار الاثنين أو الثلاثاء. وقال مسؤول أمريكي لوكالة فرانس برس «نأمل أن يتم التصويت في أسرع وقت ممكن». ينص مشروع القرار الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس على حظر السفر وتجميد الاصول ل11 سوريا غالبيتهم من المسؤولين العسكريين، بينهم رئيس المخابرات الجوية السورية، وقائد العمليات الجوية في المناطق التي وقعت فيها الهجمات. ويعتقد ان هؤلاء القادة متورطون في هجوم شنته مروحيات القت براميل كلور على القرى الثلاث قميناس وتلمنس وسرمين في محافظة ادلب. وبين الكيانات التي سيتم ادراجها في لائحة العقوبات، مركز الدراسات والبحوث العلمية في دمشق، الذي يصفه النص بانه مسؤول عن تطوير واستخدام اسلحة كيميائية، إلى جانب خمس شركات وصفت بانها تشكل واجهات لهذا المركز. وينص مشروع القرار ايضا على منع بيع الجيش او الحكومة السورية مروحيات او قطع غيار لها، او تزويدهما بها او نقلها اليهما. كما يقضي بتشكيل لجنة عقوبات تقدم تقارير إلى مجلس الامن الدولي بشأن اضافة افراد وكيانات إلى لائحة جديدة. وكان مجلس الأمن الدولي مدد في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لسنة تفويض فريق المحققين الدوليين المكلفين تحديد المسؤولين عن هجمات بالاسلحة الكيميائية وقعت في سوريا. وأنشأت الاممالمتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية لجنة التحقيق هذه في غشت 2015. وبعد عام ونيف من التحقيقات، خلص المحققون إلى اتهام النظام السوري باستخدام مروحيات لشن هجمات كيميائية على ثلاث مناطق في شمال سوريا في العامين 2014 و2015. وكانت تلك المرة الاولى التي تتهم فيها دمشق مباشرة ويتم تحديد وحدات من الجيش السوري وتحميلها المسؤولية عن هجمات بغاز الكلور. وفرضت الولاياتالمتحدة في يناير الماضي للمرة الاولى عقوبات على 18 مسؤولا كبيرا في النظام السوري في اطار قضية استخدام الاسلحة الكيميائية. وتسمح هذه العقوبات للسلطات الامريكية بتجميد اي ممتلكات او ودائع لهؤلاء في الولاياتالمتحدة ومنعهم من دخول الاراضي الامريكية. أعلنت ثلاثة فصائل سورية مقاتلة مدعومة من تركيا الخميس السيطرة الكاملة على مدينة الباب، آخر معقل لتنظيم الدولة الاسلامية في محافظة حلب في شمال سوريا بعد أسابيع من المعارك، في حين تحدثت انقرة عن سيطرة «شبه كاملة» على المدينة. وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس قصد الباب مقاتلين معارضين يرقصون في الشوارع على وقع أناشيد ثورية، بينما كان آخرون يجلسون على الرصيف يتناولون فطورا، وقد بدا الارتياح على وجوههم. في البعيد، كانت لا تزال تسمع أصوات طلقات نارية. في مكان آخر، بدا مقاتلون متوترين بعض الشيء، وكانوا يتحدثون عن ثلاث عبوات انفجرت قربهم في الصباح. وشاهد المراسل جثث عناصر من تنظيم الدولة الاسلامية في مباني المطار المدمرة، ومتاريس من الرمال في كل مكان. وكان أحمد عثمان، قائد مجموعة «السلطان مراد»، احد الفصائل الثلاثة التي اعلنت السيطرة على المدينة، قال في وقت سابق «بعد ساعات من المعارك، تم الإعلان عن تحرير مدينة الباب بالكامل وحاليا يتم تمشيط الأحياء السكنية من الألغام». وقال قائد «فرقة الحمزة» سيف ابو بكر «سيطرنا يوم أمس على مركز المدينة الذي يعد المربع الأمني (للتنظيم) واصيبوا بانهيار كبير، اتممنا العملية عند الساعة السادسة صباحا اليوم (04,00 ت غ) وتمت السيطرة عليها بشكل كامل». في انقرة، بدا وزير الدفاع التركي فكري ايشيك الذي تشارك قوات من بلاده في العملية، أكثر تحفظا. وصرح لوكالة انباء الاناضول الحكومية ان مدينة الباب التي تبعد حوإلى 25 كلم جنوب الحدود التركية باتت «تقريبا بالكامل تحت السيطرة». وأضاف «دخلت قوات أنقرة وسط المدينة (...) هناك عمليات تمشيط واسعة النطاق». وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان مقاتلي الفصائل المعارضة سيطروا على نحو نصف احياء المدينة التي لا يزال يتواجد فيها عناصر من التنظيم، على حد قوله. وقال القائد العسكري في «لواء المعتصم» ابو جعفر «قتلنا عشرات من عناصر التنظيم وأجلينا نحو خمسين عائلة من الباب»، مشيرا إلى أن القوات «ستنتهي من تمشيط بقية المدينة وسنعزز خطوطنا الدفاعية». وتعد السيطرة الكاملة على مدينة الباب نجاحا كبيرا لتركيا التي بدأت في 24 آب/أغسطس عملية غير مسبوقة في شمال سوريا لطرد الجهاديين من تخوم حدودها. ويقول الباحث في المعهد الاطلسي ارون ستاين من واشنطن لوكالة فرانس برس ان مدينة الباب حيث يقطن نحو 100 الف شخص «مهمة لأن (خسارتها) ستحرم تنظيم (الدولة الإسلامية) مصدرا كبيرا للدخل من خلال الضرائب». ويضيف «أنها منطقة يعقد فيها (الجهاديون) اجتماعاتهم ويخططون لهجماتهم ضد السوريين والغربيين». وسيطر الجهاديون في عام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق. وتعد مدينة الباب آخر أبرز معاقلهم في محافظة حلب التي لا يزال التنظيم المتطرف يسيطر على الجزء الشرقي من ريفها، فيما تتقاسم القوات النظامية والفصائل المعارضة والاكراد السيطرة على بقية مناطقه. وخسرت القوات التركية منذ 10 كانون الاول/ديسمبر 69 من جنودها في معارك الباب. وبحسب حصيلة اوردها المرصد، قتل 353 مدنيا بينهم 87 طفلا منذ 21 كانون الاول/ديسمبر في منطقة الباب وضواحيها جراء القصف التركي. لكن الجيش التركي ينفي باستمرار هذه الاتهامات ويؤكد انه يفعل ما بوسعه لتفادي سقوط مدنيين. ويقول ستاين إن نجاح تركيا في «طرد تنظيم الدولة الاسلامية من المنطقة المحاذية لها، يعني ان عليها الآن التعامل مع مسألة احتلال طويل الامد لبلد أجنبي، والسهر على إيجاد إدارة مدنية». وكانت الباب محاصرة من الفصائل المقاتلة المدعومة من تركيا من ثلاث جهات ومن قوات النظام السوري من الجهة الجنوبية.