نشرت صحيفة «لوبوان» الفرنسية تقريرا؛ تناولت فيه قضية تقدم زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، مارين لوبان، باستطلاعات الرأي بشأن نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة. وقالت الصحيفة إن العضو في الحزب الاشتراكي، جان كريستوف كومبادولي، قدم عرضا وُصف ب»المروع»، إذ تحدث فيه عن الوضعية السياسية الحالية لحزب الجبهة الوطنية الذي تتزعمه لوبان. وحدد كومبادولي 10 عناصر تخدم مصلحة لوبان، وتجعلها أقرب للفوز برئاسة الجمهورية الفرنسية. وذكرت الصحيفة أن أولى هذه الأسباب تتمثل في فوز المرشح القادم من خارج النخبة السياسية، دونالد ترامب، برئاسة الولاياتالمتحدة التي تمثل بدورها أحد أهم وأقدم الديمقراطيات في العالم. ويؤكد هذا الفوز أن إيديولوجية الشعبوية بإمكانها أن تتغلغل بسهولة في صفوف شعب مثقف وواع. كما أن شعار ترامب «الولاياتالمتحدة أولا» لا يختلف كثيرا عن شعار مارين لوبان في فرنسا: «الأسبقية للوطنية». وثانيا، فإن لوبان تتخذ من تصويت بريطانيا على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي حجة لسلوك الطريق ذاته، خاصة أنه لم يظهر سلبيات لهذا التصويت على الاقتصاد البريطاني حتى الآن. أما العامل الثالث فيتمثل في تقديم لوبان مشروعا اقتصاديا ساهم في تحسين صورتها أمام الشعب الفرنسي، وبذلك لم تعد الجبهة الوطنية بمنزلة ذلك «الشيطان»، بل أصبحت ثالث أقوى الأحزاب السياسية في فرنسا. ويتمثل العامل الرابع، بحسب الصحيفة، في أن الأحزاب الاشتراكية فهمت بأن المعركة الثقافية التي كثيرا ما كانت تفوز بها الأحزاب اليسارية، قد تغيرت نتائجها منذ 10 سنوات لصالح اليمين. فالنجاح الأدبي الذي حققه كل من الكاتبين إريك زمور وفيليب دو فيلييه يعدّ أفضل تأكيد لهذا النجاح. وبيّنت الصحيفة أن السبب الخامس يتمثل في أن كل هجوم يحدث في فرنسا؛ يزيد من عدد المصوتين لصالح الجبهة الوطنية. فالإرهاب في حد ذاته لا تقوى جل الأحزاب الفرنسية على مقاومته. وفي هذا السياق، علق عضو حزب «الجمهوريين» (يمين الوسط)، كريستيان إيستروزي، قائلا: «لقد خسرنا 10 نقاط أمام قائمة الجبهة الوطنية على لائحة استطلاعات الرأي، التي نظمت بعد هجمات 13نوفمبر سنة 2015». وتحدثت الصحيفة عن السبب السادس، حيث إن لوبان تعمل على قلب الطاولة في وجه منافسيها؛ من خلال لعب ورقة «ثمانية ملايين فرنسي فقير». وفي هذا الصدد، تقدم لوبان نفسها كبديل من شأنه إيجاد حلول لأزمة الفقراء في فرنسا، مؤكدة أنه منذ سنة 1981، حكم اليمين على مدار 14 سنة مقابل اليسار الذي ظل في حكم طيلة 22 سنة، دون أن يجدا حلولا جذرية للحد من نسبة الفقر في فرنسا. وترى لوبان أن الحل لهذه المعضلة يتمثل في الخروج من منطقة اليورو، والانسحاب من الاتحاد الأوروبي. والسبب السابع هو الفضيحة التي طالت مرشح يمين الوسط، فرنسوا فيون، وانعكاساتها المدوية على حظوظه في سباق الرئاسة، الأمر الذي صب في مصلحة مارين لوبان، رغم أن لوبان نفسها طالتها فضيحة مشابهة في البرلمان الأوروبي، إلا أنها لم تؤثر على تقدمها على المستوى المحلي. ثامنا، حمّلت الصحيفة السياسيين الفرنسيين مسؤولية تنامي الكراهية تجاه أوروبا. فقد أصبحت بروكسل منذ فترة «مكانا منفرا» بالنسبة للفرنسيين، الذين يرون أيضا أن بلادهم خاضعة لإملاءات الأوروبيين، مما يشير إلى أن فرنسا قد تحولت إلى أحد أهم الدول الأوروبية التي فقدت هيبتها بهدف إرضاء قوانين الاتحاد الأوروبي. وقد استغلت الجبهة الوطنية هذا الموقف، حيث اعتبرت أن سياسة التقشف نابعة من إملاءات أوروبية، وأن الفرنسيين يمرون منذ 40 سنة بمستوى معيشي دون المتوسط؛ نتيجة ارتباط بلادهم بالاتحاد الأوروبي. تاسعا، فإن الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، بإمكانه إيقاف تقدم لوبان، إذ يجيد ساركوزي استعمال الخطابات الرنانة الموجهة للشعب الفرنسي، التي تنادي بالحفاظ على الأمن القومي الفرنسي. لكن ذلك لم يعد يجدي نفعا، فالفرنسيون لم يعودوا مستعدين لسماع خطاباته، بينما خروج ساركوزي من السباق الرئاسي هو في مصلحة لوبان، كما تقول الصحيفة. وتحدثت الصحيفة عن السبب الأخير، المتمثل في استغلال لوبان لانقسام اليسار إلى ثلاث كتل، بين كل من ميلينشون وأمون وماكرون. ففي حالة اتحادهم، سيحصلون على 45 في المئة من الأصوات. أما إذا استمر الانقسام بينهم، فلن يستطيع أي واحد منهم اللحاق بركب لوبان. وبيّنت الصحيفة أنه في حال وقوف لوبان وإيمانويل ماكرون وجها لوجه، فإن الكفة سترجح لصالح لوبان التي ستلعب على نقاط ضعف ماكرون المتمثلة في كونه متحررا للغاية، ورجل أعمال ليست له دراية كافية بدواليب السياسة. كما بإمكانها أن تستغل أيضا قلة معرفته بالثقافة الفرنسية، إضافة إلى دعوته لقبول المهاجرين والترحيب بهم.