أثار الأسبوعان الأولان في رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة الذهول عند بعض القيادات السياسية الأوروبية لكنهما قوبلا بالتهليل من الجبهة الوطنية التي تمثل اليمين المتطرف في فرنسا في الوقت الذي بدأت فيه زعيمة الجبهة مارين لوبان حملتها للوصول إلى السلطة. وتأمل الجبهة الوطنية وقد دعمها فوز ترامب في الانتخابات ونتيجة الاستفتاء على انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي أن تتمكن لوبان من ركوب الموجة الشعبوية ذاتها لتحقق النصر في انتخابات الرئاسة خلال الربيع. ومنذ تولى ترامب السلطة في 20 يناير كانون الثاني خطا خطوات سريعة لوضع رؤيته القائمة على مبدأ "أمريكا أولا" موضع التنفيذ فانسحب من اتفاقية تجارية مع دول منطقة المحيط الهادي وحظر دخول المسافرين القادمين من سبع دول إلى الولاياتالمتحدة وأكد عزمه بناء جدار على امتداد الحدود مع المكسيك ضمن سلسلة من الأوامر التنفيذية. وأثارت أفعال ترامب إدانة من بعض الحكومات الأوروبية ودفعت رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إلى القول إنه يمثل خطرا على الاتحاد الأوروبي بما يضعه في مصاف روسيا والصين والإسلاميين المتشددين. غير أن أفعاله قوبلت بالاستحسان من أعضاء الجبهة الوطنية التي تؤيد فرض قيود على الهجرة وترفض المعاهدات التجارية الدولية وتفضل "الحماية التجارية الذكية" لدعم الشركات الفرنسية. وقال فيكتور بيرا (23 عاما) الطالب الذي يدرس إدارة الأعمال "ما يدهشني ليس ما يفعله دونالد ترامب بل شعور الناس بالدهشة لأن مرشحا ينفذ بالفعل البرنامج الذي انتخب بناء عليه." وقال بيرا الذي يرأس جناح الشباب بالجبهة الوطنية في مدينة ليون حيث أطلقت لوبان حملة الدعاية الانتخابية لها في العطلة الأسبوعية "هنا على مدى 40 عاما انتخب الساسة بناء على برامج لم ينفذوها قط." وأضاف "أعتقد أن تقديمه للأمريكيين أولا شيء رائع." واتفقت معه في الرأي كلير ريشير (69 عاما) المعلمة المتقاعدة التي انضمت للجبهة الوطنية قبل ثلاثة أعوام وقالت "هو يأخذ إجراءات لحماية بلاده من الإرهاب وهذا أمر طيب." وقالت إن فرض حظر مماثل قد يسهم في حماية فرنسا التي قتل متشددون من تنظيم الدولة الإسلامية أكثر من 230 شخصا فيها في سلسلة من الهجمات خلال العامين الأخيرين. * أنصار في أوروبا ليست الجبهة الوطنية هي الجماعة الوحيدة في أوروبا التي ترحب بترامب. فمن بين أنصاره حزب الحرية اليميني المتطرف في النمسا وكذلك نايجل فاراج الزعيم السابق لحزب الاستقلال البريطاني. كما شوهدت لوبان نفسها في زيارة لبرج ترامب في نيويورك الشهر الماضي. ويشارك كبار المسؤولين في الجبهة الوطنية القاعدة الشعبية آراءها الايجابية عن الرئيس الأمريكي الجديد. وقال جان مسيحة الذي يشرف على وضع البرنامج الانتخابي الرئاسي للوبان "إنه ينفذ بعض الإجراءات الموجودة في برنامجنا منذ وقت طويل ولذا لا نقول إننا مندهشون أو نعارضها." وأضاف "هو يفعل ذلك على الطريقة الأمريكية وهناك بعض الأمور التي لا يمكن أن نفعلها هنا. وعلى كل واحد أن يفعل ما يريده في بلده وفقا لمصلحة بلاده." وترجح استطلاعات الرأي أن تسير لوبان (48 عاما) على خطا والدها جان ماري الذي وصل إلى جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية عام 2002 لكن جاك شيراك هزمه فيها. وتشير الاستطلاعات الحالية إلى أنها ستخسر على الأرجح الجولة الثانية لصالح المرشح المستقل ايمانويل ماكرون الذي يمثل تيار الوسط الذي تألق نجمه على حساب المرشح المحافظ فرانسوا فيون الذي لاحقته الفضائح. غير أن فوز ترامب المفاجيء على هيلاري كلينتون في نونبر جعل أنصار لوبان يعتقدون أن أي شيء ممكن أن يحدث. قال وليم بينل (24 عاما) الموظف ببنك في مرسيليا "قيل لنا إن من المستحيل تماما أن يفوز ترامب في الانتخابات. وانتخب. قيل لنا إن البريطانيين لن ينسحبوا أبدا من الاتحاد الأوروبي … لكن التصويت كان لصالح الانفصال. "فلماذا لا نفعل نحن الشيء نفسه؟"