شكل الخطاب الملكي أمام القادة الأفارقة بالاتحاد الإفريقي ثورة خطابية وحدثا سياسيا تاريخيا . وجرت العادة ان يهتم المحللون والإعلاميون بالحدث دون الاهتمام بالصياغة التي قدم بها الحدث نظرا لعدم وعي الناس بوزن الخطاب السياسي في مجال السياسة. والمتأمل في شكل ومضمون الخطاب سيدرك ان الخطاب الملكي بالقمة الافريقية جسد صناعة خطابية متقونة وصياغة بلاغية مؤثرة ونظرة استراتيجية عميقة لعدد من القضايا ، سنحاول مقاربتها من زاوية تحليل الخطاب السياسي ما دام الخطاب الملكي خطاب سياسة بامتياز. خطاب متكون من 1688 كلمة حاولنا مقاربة الكلمات التي ترددت فيه اكثر من 7 ترددات اي بنسبة 0.41 % وهو ما افرز الجدول التالي: يتبين من الجدول اعلاه ان هذه الكلمات السالفة الذكر شكلت الكلمات المفتاح ' أي انها كونت المحاور الأساسية المهيمنة والموجهة للخطاب الملكي بقمة منظمة الاتحاد الإفريقي، هذا الخطاب الذي انتصبت فيه اللغة السياسة كسلطة آزرها وعي منتج الخطاب وواقعيته السياسية ومعرفته الدقيقة بعقلية وطبيعة متلقي خطابه اشتغلت فيه الكلمات خارج دائرة الوقائع السياسية وهو ما جعل الخطاب الملكي خطاب استثناء في سياق استثناء. شكل الخطاب الملكي أمام القادة الأفارقة بالاتحاد الإفريقي ثورة خطابية وحدثا سياسيا تاريخيا . وجرت العادة ان يهتم المحللون والإعلاميون بالحدث دون الاهتمام بالصياغة التي قدم بها الحدث نظرا لعدم وعي الناس بوزن الخطاب السياسي في مجال السياسة. والمتأمل في شكل ومضمون الخطاب سيدرك ان الخطاب الملكي بالقمة الافريقية جسد صناعة خطابية متقونة وصياغة بلاغية مؤثرة ونظرة استراتيجية عميقة لعدد من القضايا ، سنحاول مقاربتها من زاوية تحليل الخطاب السياسي ما دام الخطاب الملكي خطاب سياسة بامتياز. خطاب متكون من 1688 كلمة حاولنا مقاربة الكلمات التي ترددت فيه اكثر من 7 ترددات اي بنسبة 0.41 % وهو ما افرز الجدول التالي: يتبين من الجدول اعلاه ان هذه الكلمات السالفة الذكر شكلت الكلمات المفتاح ' أي انها كونت المحاور الأساسية المهيمنة والموجهة للخطاب الملكي بقمة منظمة الاتحاد الإفريقي، هذا الخطاب الذي انتصبت فيه اللغة السياسة كسلطة آزرها وعي منتج الخطاب وواقعيته السياسية ومعرفته الدقيقة بعقلية وطبيعة متلقي خطابه اشتغلت فيه الكلمات خارج دائرة الوقائع السياسية وهو ما جعل الخطاب الملكي خطاب استثناء في سياق استثناء. سياق الخطاب الملكي كانت شروط إنتاج الخطاب قوية التأثير على صاحب الجلالة خطابيا وإيحائيا حولت الخطاب لفضاء من المشاعر الإنسانية حولته إلى تشكيلة خطابية استثنائية لكل للخطابات الملكية ذاتها ، ولعل هذه الاستثنائية هي ما ستجعل من هذا الخطاب الملكي مرجعيا استثنائيا في ارشيف منظمة الاتحاد الإفريقي ،لكونه صيغ ببلاغة سياسية جديدة لها ابعاد استراتيجية انحسرت فيها سلطة الحقائق مقابل تضخم سلطة المسكوت عنه. خطاب ملكي استراتيجي : المفاجأة التي جاء بها الخطاب الملكي بالقمة الإفريقية أنه تجاهل ذكر الجمهورية الصحراوية أو ذكر أعداء الوحدة الوطنية وفي مقدمتهم الجزائر او تحويل الخطاب إلى تكتيك سياسي أني لتصفية حساباته مع اعداء الوحدة الترابية او مع رئيسته مفوضية الاتحاد الإفريقي الذين عملوا على إقحام كيان وهمي بالاتحاد الافريقي ، بل ان الخطاب الملكي كان ساميا ومتوجها نحو المستقبل عبر عنه جلالته بقوله :كم هو جميل هذا اليوم، الذي أعود فيه إلى البيت، بعد طول غياب! كم هو جميل هذا اليوم، الذي أحمل فيه قلبي ومشاعري إلى المكان الذي أحبه ! فإفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي.لقد عدت أخيرا إلى بيتي. وكم أنا سعيد بلقائكم من جديد. لقد اشتقت إليكم جميعا. انها بساطة اللغة وقوتها التي تشتغل خارج دائرة الوقائع السياسية التي لا يمتلكها إلا القادة الاستراتيجيون . خطاب تأكيدي للمغرب الإفريقي جاء الخطاب الملكي ليؤكد للقادة الأفارقة ان العمق الإفريقي للمغرب هو حقيقة تاريخية تعد من المسلمات، ولذلك قرر جلالته إلقاء خطابه بالقمة الإفريقية دون انتظار استكمال الإجراءات القانونية والمسطرية، التي ستفضي لاستعادة المملكة مكانها داخل الاتحاد، ونظرا لاقتناع جلالته بهذا المعطى، وصف عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي بكونها عودة إلى بيته. هذا المفهوم حضر في الخطاب الملكي ب 7 ترددات ونسبة0،41 % .وهذا ما يفسر الحضور القوي لمفهوم إفريقيا وصفاتها ب 28 ترددا وبنسبة1،65 % الخطاب الملكي وأفريقيا : احتلت كلمة افريقيا المرتبة الأولى على مستوى التردد ب 45 ترددا 2،66 % موزعة على الشكل التالي: افريقيا ب 16 ترددا وبنسبة 0،95 % .الاتحاد الإفريقي ب 12 ترددا ونسبة 0،71 %.والقارة الإفريقية ب 11 ترددا . ونسبة 0،65 % والشعوب الإفريقية ب 6 ترددا ونسبة 0،35 % ويبرهن هذا الحضور القوي قوة إيمان جلالة الملك بالقارة الإفريقية وبشعوبها وقوة إيمان القارة الإفريقية وشعوبها بمكانة المغرب، وهو ما برهنت عليه من خلال الدعم القوي لاستعادة المملكة مكانها داخل الاتحاد بعد انسحابها من منظمة الوحدة الإفريقية ، هذا الانسحاب الذي سكت الخطاب الملكي عن أسبابه، مؤكدا عن مدى حاجة المغرب لإفريقيا، ومدى حاجة إفريقيا للمغرب. الخطاب الملكي ومنظمة الوحدة الإفريقية والاتحاد الإفريقي مقابل تجاهل الخطاب الملكي التعرض لأسباب الانسحاب من المنظمة الإفريقية، عمل الخطاب تبرير قرار عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي الحاضر بقوة في الخطاب الملكي ب 12 ترددا ونسبة 0،71 % الذي جاء ثمرة تفكير عميق، وهو اليوم أمر طبيعي، مؤكدا أن هذه العودة تتجاوز تواجد الجمهورية الوهمية بالاتحاد الإفريقي لاقتناع جلالته بأن الشرعية التاريخية لا تغتصب ، وأن مستقبل المغرب هو البيت الإفريقي، الذي بقي المغرب حاضرا فيه، رغم انسحابه من المنظمة الإفريقية، مبرهنا على ذلك بما يلي: براهين اقتصادية :تقوية العلاقات الثنائية التي تجاوزت حوالي ألف اتفاقية منذ 2000 - مشروع انبوب الغاز - تقوية العلاقات بين القطاعين العمومي والخاص – الاستثمار المغربي بإفريقيا الخ. براهين سياسية: تتمثل في الزيارات الملكية للقارة الإفريقية والتي تجاوزت أكثر من 25، - براهين تكوينية : تكوين شباب القارة الإفريقية في المعاهد والمدارس الكبرى المغربية. - براهين اجتماعية : ضمان الأمن الغذائي الإفريقي- تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية، التي تعرف بمبادرة "Triple A"، التي أطلقناها بمناسبة قمة المناخ "كوب 22″.بدعم قرابة ثلاثين بلدا. - براهين جيو سياسية :– تقوية العلاقات المغربية الافريقية في مجالي الأمن والسلم والاستقرار :- مشاركة المغرب في ست عمليات أممية لاستتباب الأمن في إفريقيا، وذلك بنشر آلاف الجنود في عدة جبهات، حيث تتواجد القوات المغربية، إلى اليوم في أراضي جمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية. -براهين وساطات: قيام المغرب بمبادرات في مجال الوساطة في دعم وإقرار السلم، خاصة في ليبيا ومنطقة نهر مانو. براهين اندماجية:إدماج عدد من الأفارقة . كل هذه البراهين المتعددة التي أدلى بها الخطاب الملكي، تؤكد استمرار الحضور القوي للمغرب في القارة الإفريقية، وخدمة شعوبها التي حضرت ب 6 ترددا ت ونسبة 0،35 % في الخطاب الملكي رغم الانسحاب من منظمتها الافريقية مما جعل البعض يؤول سلبيا هذا الحضور متهما المغرب انه يبحث من وراء هذا الحضور على الريادة الإفريقية، عن طريق هذه المبادرات، مما جعل جلالته يجيب عن هذا الاتهام بقوله:إن المملكة المغربية تسعى لأن تكون الريادة للقارة الإفريقية. الخطاب الملكي ونسبية الإجماع حول المغرب بالاتحاد الإفريقي بلغة واضحة وشفافة، اعترف الخطاب الملكي بأن المغرب ليس محط إجماع داخل الاتحاد الإفريقي. وهي إشارة إلى بعض الدول التي امتنعت عن هذه العودة، معتبرا ذلك من حقوق الدول، بهدف عدم إثارة النقاشات العقيمة حول قانونية تواجد الجمهوية الصحراوية بالاتحاد الإفريقي حفاظا على الوحدة داخل الاتحاد وليس تفرقته، وهذا هو سبب الغياب المطلق لأسماء جبهة البوليساريو أو الجمهورية الوهمية أو الجزائر أو جنوب إفريقيا في الخطاب الملكي، وهذا هو سر تحول الخطاب الملكي من خطاب هجومي إلى خطاب تبريري مليء بالرسائل المشفر ة. الخطاب الملكي وتجاهل نقط الخلاف مع الجزائر كان الكل يراهن على أن يكون الخطاب الملكي خطاب هجوم على المناورات التي قامت بها الجزائروجنوب افريقيا بواسطة مفوضية الاتحاد الفريقي قبل وأثناء عقد القمة، لكن حكمة جلالة الملك، وفهمه لخطط خصوم المغرب، دفعته لتفادى إثارة نقط الخلاف مع بعض الدول الإفريقية، وراهن على التركيز على المشترك بين أعضاء الاتحاد، وفي هذا وعي كبير، وبعد نظر عميق تتحلى بهما رؤية الملك للقضايا، حيث إنها تعيد للعرف السياسي قيمه ونبله، مؤكدا ذلك بقوله : فبمجرد استعادة المملكة المغربية لمكانها فعليا داخل الاتحاد، والشروع في المساهمة في تحقيق أجندته، فإن جهودها ستنكب على لمّ الشمل، والدفع به إلى الأمام، مشيرا إلى أن العودة حق مشروع، خصوصا وأن المغرب من المساهمين في انبثاق هذه المؤسسة الإفريقية العتيدة، ومن الطبيعي أن نتطلع إلى استرجاع مكاننا فيها. الخطاب الملكي والمغرب الصاعد داخل القارة الافريقية احتل حضور المغرب المرتبة الرابعة ب 12 تردد ا و نسبة 0.71 في الخطاب الملكي وطبيعي ان يحتل هذا المفهوم الصدارة في هذا الخطاب لكون منتج الخطاب هو جلالة الملك - الذي هو حسب الفصل 42 من الدستور المغربي رئيس الدولة – والذي حول تقديم المغرب أو المملكة المغربية بكون العمق الافريقي حاضر في كل مجالات وجودها وبأن غياب المغرب كان مؤقتا، وعودته اليوم ، هي عودة طبيعة إلى البيت الإفريقي، الذي هو في حاجة اليوم إلى المغرب أكثر من أي وقت مضى، لكونه أصبح رمز التقدم والاستقرار والتنمية الحقيقية، رغم عم توفره على الموارد الطبيعية إشارة إلى الجارة الجزائر ، التي رغم توفرها على هذه المواد، فإنها لم تحقق ما حققه المغرب في مجالات عدة أهلته ليصبح بلدا صاعدا، بفضل خبرته المشهود بها. وقد أضحى اليوم من بين الدول الأكثر ازدهارا في إفريقيا.وهو ما ساعده على الاندماج السريع في الاتحاد الإفريقي، دون انتظار استكمال الاجراءات القانونية والمسطرية التي تقتضي استعادة المملكة مكانها داخل الاتحاد. عودة المغرب لا تعني الطرد المباشر للجمهورية الوهمية من الاتحاد: بلغة شجاعة، اكد الخطاب الملكي أن استعادة المغرب مكانه داخل الاتحاد، ما زالت بحاجة لإجراءات قانونية ومسطرية تتطلب الوقت قبل ان يدخل المغرب في معارك قانونية لطرد الجمهورية الوهمية من الاتحاد الافريقي بعد تعديل القانون التأسيسي لاتحاد الإفريقي.وهذه المحطة، ستكون قانونية وسياسية ومسطرية شاقة ومعقدة . الخطاب الملكي بين فعالية الاندماج الافريقي وعجز الفضاء المغاربي: احتل الفضاء المغاربي مرتبة متقدمة في الخطاب الملكي ب 12 ترددا ونسبة 0.71 % وهي إشارة إلى كل القادة الأفارقة والمغاربيين إلى أن مرجعية النسق الفكري لجلالة الملك، هي الوحدة المغاربية أولا، ثم الإفريقية ثانيا، لكن غياب الإيمان بمصير مشترك بين قادة الدول المغاربية ،أجهض قيام هذا الاتحاد ،وهي إشارة غير مباشرة للجزائر. إنها معادلة الوحدة المغاربية ضد التفرقة المغاربية، لكن أهم ما جاء في الخطاب الملكي حول الفضاء المغاربي، هو تعرضه للخيانة بعد نضال جيل الرواد إبان الاستقلال. وقد تأسف جلالته لكون المنطقة المغاربية أصبحت اليوم، الأقل اندماجا في القارة الإفريقية، إن لم يكن في العالم أجمع.الأمر الذي يعيق تحقيق أي اندماج مغاربي، وفي هذه النقطة، ذكر الخطاب الملكي أن بقاء الوضع داخل الفضاء المغاربي على هذه الحال، فسيكون مآله الحل بسبب عجزه المزمن عن الاستجابة للطموحات التي حددتها معاهدة مراكش التأسيسية، منذ 28 سنة خلت. مستقبل الاتحاد المغاربي والاتحاد الافريقي بيد قادتهم وشعوبهم أكد جلالته أن مستقبل الاتحاد المغاربي والاتحاد الإفريقي بيد القادة والشعوب خصوصا أن إفريقيا والدول المغاربية ،يحكمها جيل جديد من القادة المتحررين من العقد، يعملون من أجل استقرار شعوب بلدانهم، وضمان انفتاحها السياسي، وتنميتها الاقتصادية، وتقدمها الاجتماعي. إنهم يعملون بحزم واقتناع، ولا يعيرون أدنى اهتمام، لأي "تنقيط" أو تقييم من طرف الغرب. وهذه رسالة واضحة لقادة الجزائر أو للشعب الجزائري الذي ما زال يعيش تحت وطأة قيادات تجاوزها الزمن، ولا أدل على ذلك ترشيح عبد العزيز بوتفليقة نائبا للرئيس العام للاتحاد الإفريقي ، وكأن الجزائر أصبحت عاقرا وبدون نخب لكي ترشح رئيسها المريض دون علمه. إنها صورة تجسد مرض الدولة الجزائرية. يتبين من خلال تحليل الخطاب الملكي بالقمة الإفريقية ، أنه خطاب سياسي استراتيجي محدد لمنظومة قيم جديدة لمستقبل القارة الإفريقية ، بعد أن انحشرت في مأزق بقبول الجمهورية الوهمية دفعت المغرب للانسحاب من منظمتها الإفريقية وليس من العمل بإفريقيا ،وبذلك أخطأت التقدير، مما جعل الخطاب الملكي، يصرح بأشياء، ويسكت عن أخرى، لكن بمنهجية ذكية، وظف فيها الخطاب الملكي الصور الفنية، لنسج خطاب سياسي تاريخي أمام القادة الأفارقة، مكنت المغرب من العودة إلى بيته الإفريقي، الذي ما زال يقطن فيه كيان وهمي مغتصب للشرعية التاريخية ،الأكيد أن المغرب بعد الاستقرار في البيت الإفريقي، سيطرده عبر الوسائل القانونية والسياسية من هذا البيت ، بعد أن أحدثت قوة الخطاب الملكي بالقمة زلزالا سياسيا قويا داخل كيان الجمهورية الوهمية وداخل النظام الجزائري ستكون له تداعيات لطي ملف الصحراء المغربية نهائيا. إنه التأثير القوي للخطاب السياسي المتقن في توجيه الرأي العام وصناعة الفعل السياسي.الاستراتيجي. (*) استاذ التعليم العالي جامعة محمد الخامس