تزداد حيرة المحللين والباحثين، المتابعين للعلاقات المغربية الجزائرية، في فهم هذه العداوة المستحكمة، التي لا يٓنْفكّ حكام الجزائر، يعبرون عنها، تجاه كل ما هو مغربي، إلى درجة أنه يمكن لهذا السلوك أن يشكل موضوعا لأبحاث ودراسات، لهذه الظاهرة، التي تحولت إلى آفة، لدى الدولة الجارة. لقد حاول الكثيرون تفسير خلفيات هذه العداوة، حيث ذهب البعض إلى استحضار النزاع المسلح الذي حصل، سنة 1963، والذي سمي بحرب الرمال، وهناك من اعتبر أن العقدة تتجاوز هذا التاريخ، حيث تعود إلى ما قبل هذا بقليل، عندما تٓنٓكّر القادة الجزائريون للاتفاق حول استرداد المغرب لأراضيه، التي ضمها الاستعمار الفرنسي، للجزائر، بل هناك من يذهب إلى أبعد ليعود إلى المشاكل التي حصلت مع الأمير عبد القادر، عندما وجد المغرب نفسه محاصرا من طرف فرنسا. إذا كانت هذه المعطيات التاريخية، تفسر بعض الشيء، عقدة الحكام الجزائريين، فإن هناك من يذهب إلى أن هذا البلد، الذي ورث وضعا معينا بعد طول استعماره من طرف فرنسا، تبنى عمليا السياسة الاستعمارية الفرنسية، في علاقاته مع جيرانه، ذلك ما يوضحه المؤرخ والمفكر، عبد الله العروي، في كتاب رائع، تحت عنوان، «الجزائر والصحراء المغربية»، نُشِر سنة .1976 يعتبر العروي، أن التاريخ يثبت أن البلدان التي كانت لا تتوفر على هياكل الدولة، قبل استعمارها، تتبنى سياسة القوة التي تستعمرها، في علاقاتها مع محيطها، لذلك تجد آذانا صاغية، من طرف القوى الدولية، التي كانت تهيمن سابقا، ويقدم عدة أمثلة على ذلك. كما يؤكد أن هذه السياسة الاستعمارية، تصبح أكثر فعالية، عندما تغلف بشعارات اشتراكية، كما فعلت الجزائر. لقد اعتمد حكام الجزائر سياسة شاملة، تجاه المغرب، حيث اعترضوا، بمختلف الأشكال، على استرجاع وحدته الترابية، كما دافعوا، ومازالوا، عن مبدإ عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار، رغم أن هناك بلدانا، مثل المغرب، تشكل حالة خاصة، وتسترجع أراضيها، التي احتلها الاستعمار، بالتدريج. لذلك، لا يمكن فهم سياسة الدولة الجزائرية، تجاه المغرب، إذا لم يتم استحضار هذه الخلفيات، التي تكشف حقيقة العداوة، التي تتجلى في السعي إلى الهيمنة على محيطها، بدون إمكانات ترجمة ذلك، كقوة إقليمية حقيقية، فٓتُعٓوضُ ذلك، بما يملكه الضعفاء من قدرة على التآمر وزرع الفتن ومسايرة مخططات التقسيم الاستعمارية.